الوسطية السياسية تأليف د. سليم العوا (1-2) أراء حديثة في النسب القرشي والبيعة الأبدية عرض أ. رفعت حسن
- لا شك أن قضية الوسطية من أشد القضايا الفكرية المعاصرة ملامسة لواقع أمتنا المعاصر.
- وتشتد الحاجة الآن أكثر من ذي قبل لإبرازها في إطارها الشرعي الصحيح والفكري والعقلي والمعرفي والعملي.
- وقد تأرجح المسار الفكري لها بين الغلو والتسيب.. فاحتاج الأمر لتصحيح هذا الخلل وفهمها فهماً صحيحاً.
- ومن هنا نشأت فكرة إنشاء وقيام المركز العالمي للوسطية لبسط رؤية مجمعية في ضوء الالتزام بثوابت الشرع ورعاية متغيرات العصر.
- ومن ثمراتها نشأة وقيام "المركز العالمي للوسطية".
- ومن أكبر أهداف المركز هو " تعميق منهج الوسطية مصطلحاً ومفهوماً وضوابط ومعايير من خلال دراسة فكرية ومنهجية لمختلف أطياف الدعاة والعلماء".
- ومن أهم الكتاب في معالم الوسطية هو أ.د. يوسف القرضاوي الذي كتب ثلاثين معلماً من معالم الوسطية الإسلامية.
- ومن ثمراته أيضاً إصدار "سلسلة الأمة الوسط" والتي يعتبر هذا الكتاب رقم إحدى عشر من هذه السلسلة.
- ويتكون هذا الكتاب من اثنين وخمسين صفحة من الحجم الصغير ولكنها دسمة في عناوينها غنية وثرية في موضوعاتها.
- ومن أهم الموضوعات التي تناولها الكاتب :
- العلاقة بين الدين والدولة المعاصرة
- المدلول الدستوري الحديث للخلافة الإسلامية
- الاجتهاد المعاصر في الفقه السياسي في كثير من المسائل مثل:-
1- مسألة النسب القرشي في الولاية
2- البيعة الأبدية للخليفة أو الوالي
3- الشورى
4- التعددية السياسية
5- المرأة والعمل السياسي
6- وضع غير المسلمين في الدولة الإسلامية
- ثم ناقش الكاتب موضوعات في غاية الأهمية مثل :-
- الجزية
- دور العبادة لغير المسلمين في الدولة الإسلامية
- ثم انتهى الكتاب بعرض الواقع المعاصر للعلاقات الدولية وفند رؤية الفقه الإسلامي الحديث لتقسيم العالم إلي دار حرب ودار إسلام
- وطرح العديد من الاجتهادات المعاصرة القوية التي تحتاج من المجامع الفقهية المعاصرة والعلماء المجتهدين المعاصرين إلي التوسع في طرح آرائهم واجتهاداتهم في ضوء الواقع المعاصر للعالم الإسلامي.
- وأين المصلحة الراجحة للمسلمين الآن؟
- وللحق فإنه كتاب في غاية الأهمية يحتاج شرحه وبسطه إلي مجلدات.
- والآن مع عرض بسيط وسريع لفقرات الكتاب المختلفة
- الوسطية المعاصرة :- هي تيار في جسد الأمة العربية الإسلامية.. الأمة الوسط باعتدالها واستقامتها علي الأخلاق والقيم الوسطية.. والتي تبدأ من الواقع وهو نقطة الوصل بين الماضي والحاضر.
تحرير مفهوم الدين والدولة
- تنظر الوسطية إلي العلاقة بين الدين والدولة على أنها علاقة اجتهادية اجتهاداً يوجب علي العلماء المؤهلين البحث السياسي على أساس فقهي إسلامي.
- وكذلك الاجتهاد في المسائل السياسية التي تتصل بسلطات الدولة الثلاث.. وعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول.
- فالمراد من كون الإسلام دين ودولة هو قبول المرجعية الإسلامية العامة التي تسمح بتعدد الآراء وتنوعها في الشأن السياسي كما تسمح بتعددها في كل شأن آخر.
- وبهذا يتجنب المسلم المعاصر القول بالفصل التام بين الدين والسياسة.. وأيضاً يتجنب الوقوع في وهم أن النظام السياسي المقبول هو نظام بعينه لا يصح الاختلاف حوله ولا الاجتهاد في تفاصيله.
المدلول الدستوري للخلافة
- يقول أ.د العوا (يتداول آلاف الشباب الحركيين أن للإسلام نظاماً واحداً للحكم يجب علي الجميع السعي لاستعادته أعني " نظام الخلافة".
- متى بدأ مصطلح الخلافة في الظهور:- فالصحابة ابتكروا لفظ الخلافة في بداية نشوء الدولة الإسلامية التي تولي رسول الله (صلي الله عليه وسلم)رئاستها.
- نظام الخلافة لا يعني في مدلوله السياسي أو الدستوري أكثر من تنظيم رئاسة الدولة الإسلامية تنظيماً يشمل اختيار رئيسهاً وتحديد حقوقه وواجباته.
- لم تستقر تسمية الدولة الإسلامية بالخلافة في كل عصورها.. فأبي بكر سمي " خليفة رسول الله ".. ولقب عمر" بأمير المؤمنين ".. ثم استعمل الفقهاء تعبير "الإمام " في بحوثهم الفقهية عن الحاكم وما يتعلق به.
المدلول الدستوري للخلافة كما اتفق الصحابة عليه يقع على أمرين:-
1. ترشيح من يصلح لتولية الخلافة بناء علي ما تنتهي إليه شورى المسلمين.
2. تولية هذا المرشح تتم بناء على بيعة المسلمين له.
وعلى هذا النحو تم تولية الخلفاء الراشدين الأربعة.
الاجتهاد المعاصر في الفقه السياسي
- هناك في الدين أمران:-
أولاً:- شأن ديني تعبدي.. يجب الالتزام به
ثانياً:- شأن دنيوي
وهذا ينقسم إلي قسمين:-
1- فإن كان هناك نص قطعي الثبوت والدلالة وجب تطبيقه.
2- وإن كان هناك نص ظني الثبوت أو الدلالة..أو كليهما وجب الاجتهاد فيه
ومن أمثلة ذلك في الجانب السياسي :-
1. مسألة النسب القرشي:- الاجتهاد الفقهي المعاصر يرى أن هذه المسألة كانت متصلة بزمان نشأة الإسلام والظروف القبلية التي أحاطت بهذه النشأة لما كان لقريش من مكانة عند العرب.. لكنها ليست حقاً أبديا لا تصح التولية إلا لمن حازه.. وإلا لقلنا أن حكام المسلمين منذ انقطاع الخلافة القرشية حكمهم باطل وهذا لا يقول به أحد.
2. البيعة الأبدية : الاجتهاد المعاصر يذهب أنه لا يلزم المسلمين أن يبايعوا من يختارونه لحكمهم بيعة أبدية.. بل يجب أن تكون البيعة لمدة محددة.. وما كتب عن أبدية البيعة إنما كان تصويراً للواقع الذي حدث.. أو كان اجتهاد فقهاء هذا الزمان.. وهو ليس بملزم للفقهاء في كل عصر.
- وقد اجتهد الأستاذ د. السنهوري في فقه الخلافة بجواز تنصيب الخليفة لمدة محدودة من الزمن.. ووافقه أ.د توفيق الشاوي.
- وإذا كان السنهوري لا يري مانعاً من تحديد مدة ولاية الحاكم والشاوي يري ذلك من الصواب.. فإن مبني التحفظ في كلام كل منهما هو ما تقرره النصوص الفقهية والكلامية التقليدية من أن الخليفة لا يجوز عزله، وبعضها لا يجيز عزله ولو فسق وجار وخرج عن العدالة الواجبة عند تعيينه.. والصحيح أنه ليس لهذه الآراء الفقهية سند صحيح من الكتاب والسنة.
- بل أن ما تعانيه الأمة من طغيان وظلم مترتبين علي تأبيد الحكم في معظم الأقطار.. وليس هناك نظام يحول بين الناس وهذه المآثم إلا نظام يتقرر فيه "تداول السلطة بالطرق السلمية".
- وبذلك لا ينفرد شخص أو حزب أو جماعة أو طائفة بحكم الناس إلي مالا نهاية.. أو إلي أن يقع انقلاب عسكري يأتي بمستبدين جدد.. ولذلك قرر معظم فقهاء السنة المحدثين نظام الانتخاب الحر النزيه.
- أما الفقه الشيعي الإمامي، فالأصل عندهم أنه لن تقوم الحكومة الإسلامية حتى يعود الإمام الغائب المهدي المنتظر عندهم (محمد بن الحسن العسكري).
- ولكن الخوميني أبطل هذا الرأي بتبني نظرية ولاية الفقيه.
- أما الإمام محمد مهدي شمس الدين فيرى نظرية جديدة وهي التي يسميها " ولاية الأمة على نفسها " وهي تقتضي أن يقيم كل شعب مسلم لنفسه نظام حكمه الخاص به في إطار وحدة الأمة الإسلامية.
دور القيم الإسلامية السياسية
- ونعني بالقيم السياسية الإسلامية: أحكاماً ملزمة للحكام والمحكومين والفقهاء والمجتهدين علي السواء، ذلك أنها كلها محل نصوص صريحة في القرآن الكريم والسنة النبوية، والالتزام بها موضع إجماع من الأمة علي امتداد العصور.
- وهناك قيمتان أساسيتان:
1- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مراعاة المصالح والمفاسد.. وهي القيمة الأساسية التي تتفرع عنها سائر القيم السياسية الإسلامية.
2- الشورى.. وهي القيمة التي تلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأهمية.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه: " ما رأيت أحداً أكثر شورى لأصحابه من رسول الله صلي اله عليه وسلم.
- والصحيح من أقوال الفقهاء وجوب الشورى علي الحاكم ابتداءً.. ولزومها انتهاء بحيث لا يجوز للحاكم تركها.
- ومن فضائل الصحوة الإسلامية المعاصرة أنها كسرت الجمود الذي أوقف الاجتهاد السياسي الإسلامي قروناً وحرمها من التجديد والإبداع سواء في المدرسة السنية أو المدرسة الشيعية الإمامية.
1- وإذا كانت الخلافة بصورتها المنصوص عليها في كتب الفقه الإسلامي غير ممكنة الوقوع في عصرنا أو في المستقبل المنظور.. وإذا كانت الإمامة المعصومة في كتب الشيعة الأمامية تمر منذ 1300سنة بعصر الغيبة.. وإذا كانت ولاية الفقيه لا تلقى إجماعاً شيعياً ولا سنياً.
- فما هو البديل الفقهي الاجتهادي ؟؟
- البديل هو نظرية " ولاية الأمة" التي انتهى إليها اجتهاد العلامة محمد مهدي شمس الدين.. فهي ترضى أهل السنة لأنهم يقولون بمبدأ حق الأمة في الاختيار والتولية، ويقبل بها الشيعة مادام الإمام المعصوم غائباً.
3- وهذه الفكرة الإجتهادية (ولاية الأمة) تلتقي مع ما صح من رواية اتفاق الحكمين.. أبي موسى الأشعري. وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.. من رد الأمر إلي النفر الذين توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو عنهم راض أي (إلي الأمة)، وهي تتيح للمسلمين تنظيماً يحقق المصلحة العامة للأمة، كما تفتح الباب لجواز اختلاف النظم السياسية من قطر إلي قطر..
- وفي هذا كله رفع لإصر الجمود عن الناس، والتيسير لإعمال أحكام الإسلام الكلية والتفصيلية دون انتظار لإقامة دولة الخلافة أو عودة الإمام الغائب المعصوم.
- ونلتقي قريباً مع الجزء الثاني من عرض هذا الكتاب المهم للعلامة د/ محمد سليم العوا وحتى نلتقي لكم منا أجمل المنى وأطيب الدعوات.
- فى النظام السياسي للدولة الإسلامية.. للدكتور سليم العوا
الإسم | محمد صفوت سعودي كيلاني |
عنوان التعليق | الوسطيه |
ما اجمل الكلام وما احسنه ولكن الحديث في واقعنا ربما يكون افضل وافيد الله اعلم هكذا انا اري والله المستعان |
عودة الى كتب ودراسات
|