رمضان أقبل.. وبه: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ بقلم / تراجي الجنزوري
ظهر في الآونة الأخيرة على الفيسبوك - مواقع التواصل الاجتماعي - مجموعة قليلة الفهم.. معوجة الفكر.. حيث سمع منهم نبرة سيئة للغاية.. وإن شئت فقل: "منكر من القول وزوراً" لقد اتهموا الصيام بأنه تعذيب لا تهذيب..وأنه مشقة وعنت..وأنه.. وأنه.. وهذا بهتان عظيم فالصيام به ومنه " يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ" ومن الميسرات أن الله سبحانه ابتدأه بهذا النداء المحبب إلى النفوس "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ".. والذي تستشعر منه.. أن الله يتودد إلينا وهو العلي.. ويتقرب إلينا وهو الغني.
وأقول لهؤلاء..
هب أن ملكا ً من البشر ناداك باسمك.. أو قال لك: "يا أبا فلان".. أظنك لن تنام الليل.. وستسعى سعيا ً حثيثا ً لتلبية أمره وتنفيذه.. فما بالك والمنادي هو ملك الملوك ورب الأرباب.. وأنت العبد الفقير الذليل.. فكان من الواجب أن تقول : "لبيك اللهم لبيك".
يسر ورحمة من أول ليلة.. "إذا كان أول ليلة في رمضان فتحت أبواب الجنان وغلقت أبواب النيران وصفدت الشياطين ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر".
يسر ورحمة مع كل ليلة.. "من قام رمضان إيمانا ً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
يسر ورحمة مع كل يوم.. "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
" يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ".. وذلك عندما يقرر الله بعد هذا النداء المحبب إلى النفوس.. أن الصيام فريضة قد تم فرضها على الذين من قبلكم.. فهي دين الله لجميع من سبقوكم.. فلستم بدعا من الخلق "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ".
لغاية كبرى.. وهي أن الصيام تهذيب لا تعذيب.. "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" بكل ما تحمله كلمة التقوى من معان.. وما لها من أثر ملموس في هذه الحياة.. ففيها صلاح النفس وحياة القلوب وصحة البدن وطهارة المجتمع.. والنجاة يوم يقوم الأشهاد.
" يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ".. "أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ".. فمن اليسر أن لم يستغرق العمر كله ولو شاء لفعل.. ومع ذلك أعفى منه أصحاب الأعذار.. المريض حتى يصح.. والمسافر حتى يقيم.. والشيخ الذي يجهده الصيام ولا يرجى له حال يكون فيها قادرا ً على قضائه فرخص له في الفطر مع إطعام مسكين.
" يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ".. بأن جعل هذا الفرض في شهر انزل فيه القرآن.. الذي هو بينات من الهدى والفرقان.. الذي أخرج هذه الأمة من الظلمات إلى النور.. ومن الضلالة إلى الهدى.. ومن الغي إلى الرشد.. فهو حبل الله المتين وسراجه المنير وصراطه المستقيم.. فلا أقل من شكر الله على نعمة القرآن من الاستجابة للصيام.
لفتة عجيبة..
لفتة تفيض حنانا ورحمة.. وتعوض عن تعب الصوم .. وتذهب ظمأه.. ألا وهي القرب من الله .. "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ".. والله معها يهون كل صعب.. وييسر كل عسير.
ثم تمضي الآيات موضحة مدى اليسر.. حيث أحل لنا مباشرة النساء وحل لنا الطعام مابين المغرب والفجر.. وقد كان هذا ممنوعا ً لو نام الصائم بعد إفطاره.. فإذا صحا من نومه من الليل.. ولو كان قبل الفجر لا يحل له الأكل ولا المباشرة.. فردهم إلى اليسر رحمة وشفقة بهم.
والحمد لله حمدا ً طيبا ً طاهرا ً مباركا ً فيه ملأ السموات والأرض وملأ ما شاء ربنا من شيء بعد.. حيث ذكر ربنا الشكر بعد هذا اليسر وتلك الرحمة "وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".. وذلك حتى لا يظن ظان أن الصيام تعب ومشقة.. ولكن يدرك بعد الصيام أنه نعمة تستحق شكر المنعم سبحانه.. كما يشعر من آثار روحية تمل قلبه ووجدانه .
اللهم بلغنا رمضان وبلغ رمضان لنا وتسلمه منا متقبلا
السبت الموافق:
2-8- 1433 هـ
20-7-2012م
عودة الى الطريق الى الله
|