·وفي دعوتنا .. نزن الناس بحسناتهم وسيئاتهم على السواء .. إذا ما تعرضنا للحكم على الآخرين أو أعمالهم فننظر للحسنات قبل السيئات .. والغلبة للأكثر .. ننظر إلى نصف الكوب الملآن .. ولا نغفل نصفه الفارغ .. لا نتعرض له بالنقد اللاذع المستمر وإنما نسعى لإكماله في صمت وحكمة ونقد بناء .. فالعمل أبلغ كثيراً من المقال.
·نؤمن إيماناً عميقاً .. بالقاعدة النبوية العظيمة: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) .. فلا تؤثر الهفوات والهنات في جبال حسنات الأفذاذ من الدعاة والعلماء المخلصين .. ولا تعكر نهر الذين بذلوا حياتهم كلها للإسلام ولخدمة دعوته ورسالته بعض الشوائب.
·لقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم وساماً على صدر عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما جهز جيش العسرة فقال: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم) .. فأي شائبة مهما كان حجمها تستطيع أن تعكر صفو هذا النهر؟! وأي منقصة تستطيع أن تصمد لهذا الفضل؟!
·(إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) بهذا المنطق يكون التعامل مع أصحاب الفضل والإحسان العظيم وتكون النظرة الصحيحة لأهل البذل والعطاء الواسع الفياض .. يقول سعيد بن المسيب: (ليس هناك من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب .. ولكن من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقص لفضله) .. وكفي بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.
·إننا نؤمن أن يسير الزلل يغتفر في عظيم البذل والعمل .. وأن صغائر الهنات لا تؤثر في جبال الحسنات ونؤمن أن المرء يوزن بحسناته وسيئاته .. وكذلك المجتمعات .. نؤمن بمبدأ العدل والإنصاف في الحكم على الآخرين .. فإذا كان القرآن تحدث عن أهل الكتاب فأنصفهم ولم يضعهم في سلة واحدة وتمثل ذلك في المبدأ القرآني ( َليْسُوا سَوَاءً)[آل عمران : 113] .. فإن العدل والإنصاف في حق المسلمين يكون أولى .. والعدل والإنصاف في حق أهل الدين والدعوة من المسلمين أحرى وأجدر .. يقول الذهبي : (وإنما يمدح العالم بكثرة ماله من الفضائل .. فلا تدفن المحاسن لورطة ولعله رجع عنها وقد يغفر الله له باستفراغه الوسع في طلب الحق).