|
التزوير .. ثقافة شعب بقلم الشيخ/ أسامة حافظ
الغش في الامتحانات صار ثقافة شعب.. فقد شاع بين التلاميذ حتى لا تكاد تجد من يستقبحه.. بحيث صار أكثرهم ما بين غاش أو متطلع متمن أو ساكت غير مستغرب.
وليس من بين المدرسين أو الأهل – أو أكثرهم - من يعلم ولده ألا يفعل.. ولا يستغربه منه إن فعل.
ومن المدرسين من يغشش الطلاب أو يسمح لهم به .. أو يتغافل عنه .. وكثيرا ً ما يأتي الناظر والمدير وغيرهم من قيادات التعليم ليغشش تلميذا ً.. أو يطلب من المدرس ذلك إكراما ً لزميل أو صديق.
وكثيرا ً ما يكون الغش عاما ً في المدرسة للارتفاع بنسبة النجاح فيها.
بل إن الأزهر دخله الغش وعشش فيه .. وهو مؤسسة الدين والنهي عن المنكر.
وصار المدرس الذي يغشش هو المدرس الطيب الحريص علي مصلحة الأولاد.
أما المدرس الذي يرفض ذلك – وهذا نادر بين المدرسين – فهو المدرس المعقد القاسي الذي لا يريد مصلحة الأولاد.. ولربما منعوه من مراقبة الامتحانات أو انتظروه خارج المدرسة ليوسعوه ضربا ..ً أو أكثر من ذلك.
لقد صار الغش في الامتحانات ثقافة شعب منهار.. وأنا أزعم أن التزوير في انتخابات البرلمان صار ثقافة شعب أيضا ً.
وقد كشفت الجولة الثانية من الانتخابات الأخيرة ذلك المعني.. وعرت كثيرا ً من أدعياء ما يسمونها النزاهة والشفافية.
طبيعي أن يزور حزب الحكومة .. فقد ترسخ في الضمير الجمعي لكل حكومة منذ ثورة يوليو ونسبة الـ99% التي اخترعها عبد الناصر أن الحكومة لابد أن تبقي علي أكثر كراسي المجلس.. ولو كان بالتزوير.. وصار ذلك كالبديهية المستقرة .
حتى صار الناس والإعلام والمفكرون يستنكرون التزوير الحكومي حتى قبل أن تبدأ الانتخابات .. ويروا التزوير بأعينهم ويتحدثون عن النزاهة والشفافية .. ويستنجدون بالشرق والغرب لحمايتهم من سطوة الحكومة المزورة .
كل هذا طبيعي .. ولكن الجولة الثانية من الانتخابات الجديدة حملت شيئا جديدا ً .
لقد انتهت الجولة الأولي بفوز كاسح لحزب الحكومة .. جعلت الحكومة محتاجة لبعض رجال المعارضة في المجلس .. وأسفرت بالتالي عن هزيمة شديدة للباقين أثارت الجميع علي الحكومة وإن تباينت مواقفهم.
ففي حزب التجمع ثار المرشحون الراسبون وأنصارهم وطالبوا قيادة الحزب بسرعة الانسحاب من الجولة الثانية.. ولكن رئيس الحزب "الشيوعي إياه" لم يستجب لهم.. فقد كان له ترتيب آخر ولم يتأثر بالضجيج المثار .. حتى كانت الجولة الثانية وقبل بتزوير الانتخابات لصالح من تبقي من مرشحي الحزب.. ليصير له ولأول مرة في تاريخه ستة أعضاء في البرلمان.. وضاعت الشفافية والنزاهة في سبيل الكراسي الهزيلة الممنوحة للحزب .
أما حزب الوفد فقد كان يمني نفسه بالحصول علي 20 – 30 مقعد.. فلما فوجئ بأن الحزب لم ينجح له سوي مرشحين أدرك أنه قد خدع بعد كل ما قدم وسارع رئيسه هذه المرة بإعلان هذا الانسحاب .. وثار البعض وعلي رأسهم المرشحون الذين ينتظرون الإعادة .
وهكذا انسحب الحزب رسميا ً.. ولكن المرشحين لم ينسحبوا .. وهكذا نجحوا كسابقهم ودخلوا المجلس .. وصار للوفد سبعة نواب من مجموع المرحلتين .. وذلك علي جثة الشفافية والنزاهة .
أما الإخوان فقد فوجئوا بأن الجولة الأولي لم تسفر عن نجاح أحد منهم بالمرة.. حتى النواب الثمانية والثمانين الذين كانوا في المجلس السابق.. وسارعت الجماعة لإعلان الانسحاب من الجولة الثانية وانسحب الجميع بالفعل.. ولكن أحدهم رفض الاستجابة لقرار الانسحاب .
صحيح أن الجماعة فصلته منها بعد أن استنفذت جهودها في محاولة إقناعه بالتزام قرار الجماعة.. ولكن تبقي دلالة الموقف في رجل تربي في الجماعة وعلي فكرها وارتقي في مستوياتها .. حتى رشحوه في المجلس السابق وصار ممثلا ً للجماعة في المجلس لخمس سنوات .. ثم رشحوه مرة أخري هذه المرة أيضا وساندوه في الجولة الأولي حتى بلغ الإعادة.. ثم لما لم يستجب لدعوتهم بالانسحاب .. فصلوه وكفوا أيديهم عن مساندته .
ولكنه نجح كسابقيه علي جثة برلماني عتيد لم يحدث أن رسب منذ أمد بعيد .. ليكون ممثلا للإخوان وإن تنصلوا منه.
وبالمثل كان ممثلو الأحزاب الهامشية كالغد والمصري وغيرهم .
لقد استغرب كثير ممن كانوا يأملون في الدكتور مصطفي الفقي عندما قبل أن يدخل المجلس السابق علي جناح التزوير .. وهاجمه الجميع ممن لا قدرة لهم علي فعل ما فعلوه له.
ولكن الانتخابات الأخيرة عرت الجميع وبينت أن الحزب الوطني لم ينفرد بذلك.. وإنما هناك الكثير ممن يستنكرون ويشجبون التزوير لو أتيحت لهم الفرصة لفعلوا .
بل إنني لأزعم أن التزوير صار ثقافة شعب.. وأن ثورة يوليو أفلحت في أن تجعل الناس يألفوه .. حتى أن أكثر الشعب عزف عن الانتخابات لأنه يدرك أن نتائجها معروفة مسبقا .. " وأن أحمد فيها – كما يقولون – " زي الحاج أحمد"
الاثنين الموافق
6-1-1432هـ
13-12-2010
| الإسم | عنترمحمد |
| عنوان التعليق | الغش ثقافة نظام فرضه على الشعب |
| شعبنا من اعرق الشعوب واكثرها تحضرا في العالم كما اوضح تقرير الامم المتحدة في العام الماضي موضحا ان تحضر الشعوب وتأخرها يقاس بمعيارين 1- بمعدل ارتفاع الجريمة 2-مبررات او دوافع وجود الجريمة فمعدل الجريمة عندنا مقارنة بالدول ذات الانظمة المتقدمة مرتفع جدا مقارننة بمعدله في مصر بالرغم ان مبررات حدوث الجريمة عندنا اكبر بكثير منها في الدول ذات الانظمة المتقدمة وهذا يدل ابلغ دلالة على ان شعبنا ذو حضارة بيد ان الانظمة هي المتخلفة |
| الإسم | سيدبدير |
| عنوان التعليق | دروسك الجميلة أهم |
| لم أتوقع ان يضيع عالمنا الجليل فضيلة الشيخ أسامة من وقته شيئا فى قصة الانتخابات بعد الاشارة المقتضبة السابقة خاصة ان دروسه ولقطاته جميلة ومعبرة وبليغة وهو يطوف بنا فى المجتمع -- ومع دهشتى قرأت ما كتبه لانى لاأقاوم شيئا يكتبه الشيخ أسامة عن اى شىء اما قصة الانتخابات فدول يامولانا نقول لهم (ان لم تستح فاصنع ماشئت ) وسيفرحوا بسلبيتنا هذه يكفى ان من تولى كبر هذا الامر كان ضابط مخابرات ومش اى ضابط ده كان رئيس جهاز هام وحساس يعنى استاذ كبير فى الفن ده الذى لايجيده الا أصحاب هذه المهن والله الواحد يشعر بحالة من القرف الشديد الان وهو يجد نفسه يتكلم او يقرأ عن هذا الامر ولولا ان الذى كتب ناس نظيفة لانحب ان يفوتنا شىء من كنوزهم ماقرأنا ان الذى يبلغ من العمر مابلغ هؤلاء عليه ان يسارع بالعودة الى الله لكن اظن ان هؤلاء ارزل من ان يهتدوا لذلك -- شيخنا الحبيب ارجو ان تكتب لنا درسا يمسح عنا القرف والاحباط الذى عشناه مع هؤلاء الايام الماضية وتقبل الله منكم |
| الإسم | ابوعمر5 |
| عنوان التعليق | الغش الجماعى |
| بسم اللة الرحمن الرحيم
لقد سالنا الشيخ اسامة حافظ فى وادى النطرون عن الغش فأجاب انة حرام حرام ولكن الاخوة فى الوادى الجديد كانو انفسهم هم الذين يغششون الاخوة فى امتحانات الثانوية العامة حتى ان اخ واللة العظيم كان لايعرف شى فى الرياضة وجاب النهائى وكان المجموع97 فى المائة فالغش لم يسلم منة ملتزم ولاغيرة ونسال اللة العفو والعافية وماذا كانت النتيجة لم يفلح احد فى اى كلية لانة مبنى على الغش والسلا م عليكم |
| الإسم | اخ في الله |
| عنوان التعليق | جزء من كل |
| جزاك الله خير فانالتزوير والغش اصبح فعلا شئ عادي كما وصفت حضرتك ولكن ما هي الاسباب التي ادت لذلك هوغياب من نقتدي بهم فانه اذا غابت التقوي فان البقاء للاقوي لذلك اصبح الناس هكذا لذلك ارجو من حضرتك تحث الناس علي التمسك بالخلق ان الله هو الاقوي |
| الإسم | عبد الله المنياوي |
| عنوان التعليق | اخشى ان يكون هذا المقال دفاعا عن المزورين |
| واضح يافضيلة الشيخ من مقالك ان تحمل الشعب المسئولية عن التزوير في الوقت الذي لم تشر فيه من قريب او بعيد عن بطش الامن وتقفيل الصناديق والتضييق على المرشحين وجميع اجهزة الاعلام نشرت وتحدثت عن ذلك زكانك في دولة اخرى غير مصر اذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (دوروا مع الحق حيث دار) واما عضو الاخوان الفائز انت خير من يعلم ان الاخوان شريحة من المجتمع وتتحدث عن التربية عند الاخوان ان ان تراجع التربية في الجماعة اولا مع تمنياتي لك بالتوفيق |
| الإسم | محمد جمال |
| عنوان التعليق | سلم قلمك |
| كل ما قاله الكاتب صحيح صحيح: فأنا أعيش خارج مصر منذ اكثر من 20 سنة و كان اول ما واجهته من "صدمة حضارية" عندما ذهبت للخارج هو "الكذب" الذي تعودنا عليه في مصر في امور حياتنا كلها و لقد كانت صدمة حقيقية ان اري الناس في الخارج الذين لا يؤمنون بالله اكثر كلامهم صدق (ليس كله و لكن اكثر منا في مصر بكثير) و في العادة لا يغشون و يصدقون ما تقوله لهم لانهم لا ينتظروا الغش و الكذب - اما نحن المصريين (و للأسف العرب و المسلمين عامة) فنحن نعتبر الكذب شطارة و فهلوة و ذكاء هذا علي الرغم من تحذير رسولنا الكريم من الكذب و الاحاديث في هذا كثيرة و مشهورة الا انها لم تمس قلوبنا بحق - و والله حتي الآن حينما اقابل احد العرب أو المسلمين اقبل كلامه بحذرلأني اعرف ثقافة الغش و الكذب المتفشية فينا - و اقول لشيخنا العزيز رجاء التركيز علي هذه المواضيع التي هي من صلب اصلاح مجتمعنا لان مرض الغش و الكذب اصابنا كلنا و تغلغل في عظامنا بشكل مريع لا يصلحه الا اتباع سنة الحبيب عليه الصلاة و السلام. |
عودة الى وراء الأحداث
|