|
تفجيرات شرم الشيخ . بضعة اشهر فقط كانت هى الفاصلة بين احداث طابا وتفجيرات شرم الشيخ فقد وقعت تلك الخيرة يوم السبت 23 يوليو 2005م .. اى بعد ما يقرب من تسعة اشهر من تفجيرات طابا .. ولكن شتان ما بين الحادثين .
لقد كانت تفجيرات شرم الشيخ اشد عنفا وضراوة من سابقتها .. وقد راع المصريين اثار الدمار الهائل الذى خلفته ثلاثة تفجيرات فى نواحى متفرقة من المدينة .وجاء عدد القتلى والمصابين مروعا ايضا هذه المرة فقد قتل ما لا يقل عن 85 شخصا معظمهم من المصرين واصيب ما يقرب من المائتين وهو اكبر عدد من الضحايا يسقط فى احداث عنف فى مصر منذ اكثر من عشرين عاما .
و كان الحادث أليما بمعنى الكلمة .. وعجزت كل الاعذار والمبررات عن ان تخفف شيئا من بشاعته .. ولا سيما الاغلبية الساحقة من القتلى هم مصريون مسلمون .. وصور الاشلاء الممزقه والرؤوس المتطايرة تدمى القلوب . وقد اصدرت الجماعة الاسلامية بيانا حول الحادث تفيض كلماته بمشاعر الحزن والاسى تحت عنوان تفجيرات شرم الشيخ لا مشروعية ولا جدوى وكان نص البيان كالتالى: استيقظـنا واستيقظ المصريون جميعا يوم السبت على وقع هذه التفجيرات العنيفة التى هزت منتجع شرم الشيخ السياحى .. والتى نجمت عن تفجير ثلاث سيارات ملغومة فى اماكن متفرقة , كان منها سوق تجارى يعج بالمرتادين , وفندق يعرفه العامة والخاصة فى شرم الشيخ انه يؤمه المصريون . وقد صدمت مشاعرنا اثار الدمار الهائل الذى خلفته الانفجارات وتلك الاعداد الكبيرة من القتلى والجرحى الذين كانوا معظمهم من المصريين المسلمين الذين تواجدو ا قدرا فى موقع التفجيرات .. وان هـذه التفجيرات العنيفة هزت قلوب المخلصين من ابناء هذا الوطن , واعادت الى الاذهان ذكرى تفجيرات طابا والازهر التى وقعت فى بلادنا منذ شهور ..
ودفعت الكثيرين الى التساؤل بكل حرقه و اسى :اما ان الاوان لهذا الوطن ان يمضى قدما فى مسيرة الاصلاح و التقدم , دون ان تعيقه مثل تلك الاعمال الخاطئة ؟! اما ان لشبابنا المسلم ان يستفيق من غفوته , و ان يدرك عمق المخاطر وضرورة التحديات التى تجتاح دينه وامته ووطنه ؟! اما ان لهذا السيل الجارف من الدماء المعصومة مسلمة وغير مسلمة التى تراق كل حين ان تنحسر ؟! اننا نعلنها واضحة و صريحة لا لبس فيها و لا غموض , كما سبق و اعلناها من قبل مرارا و تكرارا ..
ان هذه التفجيرات العشوائية العمياء ليست من الإسلام فى شىء .. وان هذه الاعمال السيئة لا تمت للجهاد الذى شرعه الله بصلة , ولا ترد الى امة الإسلام عزا ولا مجدا .. بل انها تسىء الى الإسلام والمسلمين ابلغ اساءة .. وتسهم فى تكريس صورة سلبية مشوهة عن هذا الدين العظيم . اننا نسال اولئك الذين تورطوا فى تلك التفجيرات ماذا عساكم ان تقولو ا لربكم حين تقفون بين يديه فى يوم عصيب تشيب لهوله الولدان .. حين يسألكم ربكم عن عشرات الانفس المسلمة البريئة التى ازهقت بغير حق ؟! وعن سيل الدماء المعصومة التى ازهقت دون ذنب او جريرة ؟! اولا تعلمون ان مجرد الاستهتار بقتل مسلم معصوم هو كبيرة من أعظم الكبائر ؟! فكيف بقتله بل بقتل العشرات من المسلمين بدم بارد؟! لعلكم تقولون : يقتلون ثم يبعثون على نياتهم , وهذه دعوة باطلة وحديث صحيح يوضع فى موضع خاطى وكلمة حق يراد بها باطل .. ولو كان الامر كذلك لسادت الفوضى وعم القتل والهرج , معاذ الله ان تاتى شريعته ببث الفوضى وقتل الابرياء .وباى سند من شريعة الاسلام يستباح قتل السياح المستامنين .. وهم الذين وفدوا الى بلادنا بأمان شرعى او حتى بشبهة امان وهذا الامان لا يجوز خرقه . و لا يبيح التعرض لهم باى حال من الاحوال سواء قدموا الى بلادنا بتاشيرة دخول من الدولة نفسها , او من الشركات و الهيئات العاملة فى مجال السياحة , او حتى بامان فرد من الافراد .
و كونهم من غير المسلمين لا يبرر قتلهم فان قتل الانفس البشرية حتى ولو كانت كافرة يعد مفسدة عظيمة كما قررت شريعة الإسلام .. اى ان الانفس البشرية غير المسلمة ليست مهدرة فى الشريعة , اللهم الا اذا كانت محاربه معتدية . وهؤلاء القتلى والمصابون من المدنيين . فباى مسوغ شرعى جاز قتلهم ؟! و اى دين ذلك الذى اباح هتك امانهم ؟! و النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( ليس فى ديننا الغدر ) و قال (و يسعى بذمتهم ادناهم ) ان القتل والتفجير ليس فخرا .. قالوا : وحوش البرارى يقتل و يمزق بعضها بعضا .. و هذه التفجيرات العشوائية ليست من الجهاد المشروع فى شىء بل هو قتال باطل يذل اهل الاسلام و لا يعزهم ويجعل بلادهم ساحة مكشوفة لمطامع الاعداء المغرضين الحاقدين .. ان هذه الاحداث لا ترفع شان المسلمين بل تخفضهم ولا تؤمنهم بل تجعلهم جميعا فى خوف و رعب وفزع .. و لا تعصم دماءهم بل تقتلهم أسوا قتله , تتطاير فيها رؤوسهم وتتناثر أشلاؤهم فى كل ناحية .. فهل هذا هو الجهاد الحق الذى امر الله به ؟! و قد يحتج البعض بما يحدث فى العراق و فلسطين من مظالم يندى لها جبين الإنسانية . و نقول لهؤلاء : وهل اغنت هذه الأعمال السيئة عن ماسى المسلمين شيئا ؟! ام انها زادت ماسى المسلمين و زجت بالالاف فى السجون و تسببت فى منع الدعوة الى الله ؟!
اننا نقول لهؤلاء و قلوبنا تتمزق لما يحدث للمسلمين فى كل مكان ان تلك المظالم و غيرها ليست مبررا مقبولا لمثل هذه الاحداث .. و لقد أتت هذه التفجيرات المؤسفة فى ظل ايام تشهد فيها بلادنا توجها قويا نحو الإصلاح السياسى , و انفراجه ملحوظة فى خروج المعتقلين من السجون , جاءت هذه الأحداث لتعطى الدليل تلو الدليل لكل مناوئ للحركة الاسلامية , ان هذه الحركة لا تريد الخير لمجتمعاتها و لا تبتغى النمو و التقدم لأوطانها .. بل تعمل على تدمير هذه المجتمعات , وجذبها إلى الوراء .. وهو ما يقدم صورة سلبية مرفوضة لا تعكس حقيقة الحركة الإسلامية .
لذا نهيب بجميع المخلصين والشرفاء من أبناء هذا الوطن افرادا و مسئولين أن يسلكوا السبيل القويم لحل هذه المشكلة .. و بذل المزيد من الجهد في توعية الشباب المسلم بالأخطار المحدقة بدينه و وطنه و أمته .. و فتح المجال لكل صاحب عقل راجح و فكر صحيح كى يقوم بواجبه فى تصحيح مفاهيم الشباب و تحصين عقولهم وأفكارهم ضد الأفكار الخاطئة التى تضر و لا تنفع و تهدم و لا تبنى و تفسد و لا تصلح .
وهذا السبيل هو صمام الأمان الذى يحمى شبابنا من الانحراف خلف دعاة التفكير والهدم والتدمير , ويسبغ على مجتمعاتنا نعمة الأمن والأمان .
وفى النهاية نهيب بشباب الاسلام فى مصر خاصة والعالم الاسلامى عامة .. ألا ينحرف وراء ردود أفعال هوجاء غير محسوبة , ترتد أثارها فى صدر امتنا المكلومة مزيدا من الجراح والآلام . فعلى الشباب المسلم ان يضع مصالح الدين والوطن فى بؤرة عقله وضميره .. وان يجعل من الشرع حاكما وموجها لفكره وسلوكه.. وألا يسمح لنفسه ان يكون أداة فى يد الأعداء ينفذون بها خططهم ومؤامراتهم .
كما ندعو الشباب المسلم أن يقرا واقعه بدقة وان يدرك الظروف العصيبة الذي تمر بها امتنا فى الوقت الراهن. مما يستوجب تكاتف الجهود و تلاحم الصفوف من اجل مصلحة الإسلام وأوطان المسلمين. نسال الله إن يجنب بلادنا الفتن و الشرور.. و ان يحفظ على أوطاننا وأوطان المسلمين نعمة الأمن والأمان .
الجماعة الإسلامية بمصر
عودة الى بيانات
|