|
مقتل الشيخ المجاهد احمد ياسين. بعد ليلة حافلة بالذكر والمناجاة قضاها الشيخ القعيد معتكفا في مسجد قريب من داره .. و بعد أن أدى صلاة الصبح وسط جموع المصلين في جو روحاني ملائكي مهيب فاضت فيه العبرات .. وتصاعدت إلى السماء زفرات المشتاقين إلى جوار الرحمن في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
خرج الشيخ المجاهد وسط ثلة من جيرانه ومحبيه متجها صوب بيته .. الصمت يلف الطريق بردائه, فلا يقطعه سوى و قع أقدام السائرين
و تمتماتهم بالذكر و الاستغفار ... و عيونهم ترمق ذلك الشيخ الوقور , وقد بدا وجهه الوضاء كفلقه بدر أزاحت شيئا من ظلام الكون .. و استبقت بنورها أشعة الفجر التي لم تأخذ مكانها بعد في آفاق السماء . ولو تأملت الموكب المهيب وقد توسطه الشيخ المبارك على كرسيه المتحرك .. ومحبوه قد أحاطوا به ذات اليمين و ذات الشمال .. لظننت انه موكب عرس يتهادى بين جموع المهنئين . وفجأة .. شق الفضاء دوى صاروخ غادر يعرف طريقه الآثم صوب رأس الشيخ المجاهد , وتبعه صاروخ ثاني وثالث .. تطايرت الأشلاء في كل ناحية وتناثرت الدماء الذكية على مساحة واسعة من الأرض . بالله ... ما كل هذا الغدر والإجرام ؟! ثلاثة صواريخ كل واحد منها كفيل بتدمير عربة مدرعة , او نسف دبابة محصنة ... و لمن ؟! لشيخ قعيد مشلول لا يتحرك منه سوى رأسه ويجلس على كرسي متحرك ؟!
ولا غرو .. فقد تمزق الجسد المنهك الضعيف فلم يبق منه سوى أشلاء مبعثرة أدمى منظرها القلوب .. و لم يبقى من كرسيه المتحرك سوى حطام متناثر يدل على مأساة صاحبه ويشكو الى الله إجرام إسرائيل .قتل الشيخ المجاهد احمد ياسين , وقتل معه بعض مرافقيه ... وفقدت امة الإسلام رمزا من رموزها .. كان يوما محزنا كئيبا , تغير وجه الكون فيه وذرفت الملايين دموعها حزنا لفراق الشهيد .. ولكنها سنه الله الماضية وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء .و لم تكن الجماعة الاسلاميه بمنأى عن الحدث الرهيب .. و لكنها عاشته لحظة بلحظة بقلوب أبنائها ومشاعرهم .. و كان طبيعيا ان نشارك الأمة الإسلامية رثاءها للشيخ الجليل – رحمة الله – فأصدرنا هذا البيان عسى ان ينفس بعض ما فى الصدور المكلومة .. او يضمد شيء من الجراح النازفة وكان نص البيان :
ان لم يكن ما فعله شارون من قتله للشيخ احمد ياسين ـ المقعد المسن المريض ـ المنصرف لتوة من صلاة الفجر هو الإرهاب ـ فما هو الإرهاب إذن ؟! أهو فى دفاع شعب فلسطين عن أرضه وعرضه وحياة أبناءه ؟! لا نحسب ان احد على وجه الأرض لم يفجع بهذا الخبر المروع , ولم يصدم بهذا التصرف الأحمق والفعل الشائن المنافي لكل الشرائع والأعراف والأخلاق والقوانين , فى اغتيال الشيخ الجليل احمد ياسين مؤسس و زعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس . فالعالم كله يعلم أن الشيخ احمد ياسين عاجز عن الحركة لا يقدر على حمل سلاح , و لا يمكنه ان يروع امن إسرائيل سياسة و شعبا حتى يقتل بهذا الشكل البشع .. و لكنها خسة ونذالة يعرفها الجميع عن الارهابى شارون وحكومته المتطرفة . فقد تخطى شارون جميع الخطوط الحمراء , و نسف كل فرصه للسلام و سيزداد العالم فى كل يوم يقينا وثقة ان السلام فى وجود شارون وهم و سراب .. فقد جبل هو و طغمته على الإجرام و التعطش الى سفك الدماء فاستباحوا قتل النساء و الأطفال و الشيوخ لينتهى المطاف بجريمة وحشية يندى لها جبين العالم كله خجلا باغتيال احد رموز المقاومة الفلسطينية التى تدافع بحق عن أرضها وعرضها ودينها , فى ظل صمت مريب من العالم كله .. عرفناه يوم قتل الطفل محمد الدرة , و الطفلة الرضيعة أيمان حجو , و مئات غيرهم من أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها .
ان اغتيال الشيخ احمد ياسين لا يفضح نذالة شارون و طغمته فحسب و انما يشير باصابع الاتهام الى الموقف الامريكى الدائر مع ضلال قادة إسرائيل حيث دار .. فجريمة لدى امريكا ان يقتل جندى اسرائيلى يمارس القهر والإذلال لشعب اعزل .. ثم لا نسمع منهم كلمه واحدة تدين جيش اسرائيل وهو يمارس القتل فى جميع شرائح الشعب الفلسطينى المجاهد .. ويدمر كل يوم منازل الفلسطينين على رؤوس ساكنيها .
فما ولد العنف ابدا الا عنفا يواجهه , خاصة وقد تجاوز ظلم ارهابى صابرا وشاتيلا كل حد وفاق كل مدى .. ولن يجنى زارع الشوك الا الجراح ولن يحصل باذر الدم سوى الدمار والخراب .. ولو ملك شارون ذرة عقل واثارة من فهم . ولو حاز شيئا من الروية وحسن تدبير الامور لحقق الامن والخير لشعبه من خلال السلام .
ان كان شارون يظن انه حقق نكاية بحماس او بشعب فلسطين فان التاريخ يشهد ان مصير الظلم دوما الى زوال .. وعليه ان يدرك ان الامة المسلمة لن تتنازل ابدا عن عقيدتها وارضها ومقدساتها .. والتاريخ يحكى ان التتار قتلوا من المسلمين ما يربوا على المليون , فما ماتت الامة وانقطع دابر التتار , وبقى الاسلام والمسلمين . ولقد احسن العالم كله . عدا امريكا بادانته لهذا الحادث الجبان البشع .. وللحق فكم حذرت القيادة السياسية المصرية العالم كله من أفعال الارهابى شارون , ومن عاقبه افعاله , ليس فى فلسطين ولا فى الشرق الاوسط فحسب بل على العالم كله .
وان كان شارون يحسب انه اضر بالشيخ الشهيد فقد امعن فى الخطا .. بل قد اسعده بنيل الشهادة وهى امل كل مجاهد , و اراحه من الام الدنيا و عناء العيش فيها .. و لكن على شارون ان يعلم ان كل قطرة من دماء الشيخ احمد ياسين ستصب على راسه و امثاله فى كل يوم الف لعنه و ستنجب ارض فلسطين فى كل يوم الف رجل كاحمد ياسين , و لكنهم اصحاء يذيقون شارون و بطانته مرارة الظلم و كاس المذلة و الهوان .
و اننا لنتحدث بحبات قلوبنا وخطرات عقولنا المكلومة المحزونة الى ابناء الشعب الفلسطينى عامة , والى قادة حماس خاصة .. قلوبنا وقلوب كل المسلمين معكم .. والله تعالى ينصركم ويؤيدكم .. يدبر لكم ويرمى عنكم فى جهادكم المشروع ضد اخطر عدو عرفه الاسلام فى التاريخ .. خذوا باسباب النصر .. وجهوا جهادكم الى وجهته الصحيحة وهدفه الاهم الى هذه الاله العسكرية الدنسه والى الطغمة الشارونية الجبانة , حكموا الله بينكم وبين عدوكم ونصر الله لكم قريب ( ان ينصركم الله فلا غالب لكم ) و يا شباب مصر النقى .. المحب لدينه و لامته , نعلم ان الصدمه عظيمة والالم يفوق كل حد , ولكن لا يخرجنكم الالم عن كمال رشدكم وجميل فعلكم .. لا يحملنكم الغضب من عدوكم على فعل فيه اضرار ببلدكم واقتصاد وطنكم .. وجهوا الى العالم كله رسالة شعب متحضر , ولكن غضبته عظيمة لمصابه الفادح الاليم .
رحم الله الشيخ الشهيد و اسكنه الفردوس الاعلى من الجنة مع النبيين و الصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا , و انال الامة كلها ثارها من عدوها و عدوه , و انزل دم الشهيد وبالا على راس شارون وكل متطرف فى اسرائيل .( و سيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون )
و ان غدا لناظره قريب ..
الجماعة الاسلامية بمصر
عودة الى بيانات
|