|
- الدائرة المفرغة واستحلال كل الدماء -
(بيان الجماعة الإسلامية بخصوص أحداث دهب)
· كنا نظن أن دائرة العنف الدموي والتفجيرات العشوائية التي طحنتنا بأضراسها قد توارت إلى غير رجعة، ولكن للأسف الشديد ها هي ذي تعود ثانية لتصلينا بنارها.
· إن التفجيرات الدموية التي شهدتها مدينة دهب مساء الاثنين الماضي قد جعلتنا ندور مرة أخرى بذات الدائرة المفرغة.. دائرة استحلال كل الدماء.. المسلمة والغير مسلمة.. دون سند شرعي صحيح من كتاب ولا سنة..
· وإن الجماعة الإسلامية وقد راعها ما حدث وأفزعها ما جرى.. فإنها تعلن بوضوح ما سبق أن رددته من ذي قبل إدانتها الشديدة ورفضها القاطع لمثل هذه الأعمال التي يرفضها الشرع ويأباها الواقع ويمجها كل فهم سليم..
· فبالله عليكم خبروني هل قتل عشرات المسلمين الأبرياء في كل تفجير.. هل هو من الإسلام في شيء؟ وآخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".. قمة التحريم.. ولكن من يقرأ.. ومن يفهم.. ومن يتدبر.
· سيقول البعض أننا نريد قتل الرعايا الأجانب وليس المسلمين؟
· سنقول لهم أن دماء السياح والزوار لبلادنا معصومة أيضاً بالأمان الشرعي المتمثل في جواز السفر وتصريح الدخول واستقدام شركات السياحة وغيرها من صور الأمان الحديثة التي أجمع عليها كل علماء العصر الحديث..
· وماذا جنى الأطفال حتى يقتلوا.. وبأي شرع تقتل النساء.. ويقتل الشيوخ.. وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يردد دائماً.. "لا تقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً" فهذا في الحرب، فما بالنا بالسلم.. وما بالنا بالذين وثقوا في عهودنا وجاءوا إلى بلادنا من أجل هذه العهود المتمثلة فيما يسمى في الشريعة "بالأمان الشرعي".. إن نقض العهود لا يمت للإسلام بصلة.. فلم يعرف الإسلام ولا المسلمون الغدر طوال عهودهم.. وإن التفجيرات العشوائية تمثل قمة الغدر القبيح.
· سيقول البعض إن دول هؤلاء القتلى والمصابين تحارب الإسلام والمسلمين.. فنقول لهم.. ما دخل المواطن بسياسة دولته.. ومتى كان المواطن البسيط صانعا للسياسة.. وأين نحن من قول الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) وقوله تعالى (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).. تلك الآيات التي سبقت القانون الوضعي بآلاف السنين في تقرير قاعدته الهامة "شخصية العقوبة".
· إن الحقيقة التي أجمع عليها كل علماء المسلمين قاطبة هي حرمة مثل هذه التفجيرات..
· لقد وضح لكل ذي عينين أن مثل هذه الأعمال وما شابهها لم يجن منها الإسلام شيئاً.. ولم يستفد المسلمون منها خيراً.. ولم تجر على الإسلام والمسلمين سوى الشر.. وسفك دمائهم.. وتخريب بيوتهم.. وجر الآلاف إلى السجون والمعتقلات وتعطيل الدعوة الإسلامية مع تشويه صورة الدعوة والدعاة.
· لقد أن الأوان أن يتحمل الجميع اليوم مسئولياتهم تجاه ظاهرة التفجيرات العشوائية. لقد أن الأوان أن نخرج جميعاً من دائرة الشجب إلى دائرة العمل البناء والفعل الإيجابي لمحاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها.
· ومن هذا المنطلق فإن رؤيتنا في هذا الأمر تتلخص في الآتي:
· أولاً : فقد أن الأوان للحركة الإسلامية بكل أطيافها وجميع توجهاتها لأن تتخذ موقفاً صريحاً وواضحاً تجاه هذه الظاهرة.. فنقاء الحق الذي تدعو إليه الحركة الإسلامية يتعكر صفوه بما يحدث هنا وهناك.. حتى لا يصبح العنف والتفجيرات والصدام ملازماً للحركة رغم رفض الأكثرية الكاثرة له.. إلا أنه لابد من ترجمة هذا الرفض إلى أعمال ومواقف وعلى الحركة الإسلامية أن تعلم أن هذه الأعمال والتفجيرات ستقضي أول ما تقضي على المشروع الإصلاحي الذي تتبناه الحركة الإسلامية لإصلاح مجتمعاتها.
· ثانياً : يحب علينا أن نعمل على ترشيد الخطاب الدعوي بحيث لا يصبح المنبر.. أي منبر.. نافذة للتثوير والتهييج والإثارة وشحن النفوس.. وخاصة أن نفوس الشباب واقعة تحت ضغوط نفسية شديدة في ظل الهجمة الشرسة على الإسلام وأهله من حولنا.
· إنها مهمة الدعاة إلى الله أن يعملوا على معالجة أدواء الأمة بلغة تبني ولا تهدم.. تجمع ولا تفرق.. تبشر ولا تنفر.. وتدعو للممكن ولا تزايد على المستحيل.
· ثالثاً : إننا نرجو بعد أن ينقشع غبار التفجيرات.. أن يفسح المجال أمام جميع الدعاة الذين يرفضون التفجيرات والعنف ويدعون إلى وسطية الإسلام.. أن يمارسوا دورهم الرشيد في بث الوعي الإسلامي الصحيح بين الشباب.. فلا ريب أن الشباب يحتاج إلى من يجلس إليه.. ومن يحاوره.. ويستمع إليه.. ولا يحتاج.. بل ينفر.. من الذين يشتمون ويسبون فيمن عمل هذه التفجيرات.. فأسلوب الشتائم لم ولن يجدي ولكن الشرح العلمي الشرعي السليم لمثل هذه الأمور أثبت فاعليته وجدواه.
· وختاماً نقول.. يا شباب الإسلام.. اتقوا الله في أوطانكم وبلادكم.. ولا تكونوا من حيث لا تدرون أداة للخوف.. بل كونوا رسالة أمان لجميع الخلائق..
· قدموا الإسلام غضاً طرياً نابضاً حياً.. محبباً إلى النفوس والقلوب ولا تسيئوا تقديم الإسلام إلى الناس بهذه التفجيرات فتجعلوا الناس يكرهونكم وقد يكرهوا الإسلام كذلك.. لسوء عرضكم له.
· لا تكونوا أداة لتمزيق الأوطان.. وتأملوا في حال العراق جيداً فلا نريد لمصر أن تكون كعراق اليوم أو الأمس.
· وثقوا أن هذه التفجيرات وأشباهها لم تخدم الإسلام يوماً.. ولم تخدم يوما أي قضية من قضاياه.. ولم تخدم يوما قضية فلسطين وها هي حماس تعلن رفضها لها.
· يا شباب الإسلام.. إن لم تتعلموا من القرآن والسنة.. فتعلموا من تجاربكم السابقة الفاشلة مع هذه التفجيرات.. وتعلموا من زمانكم وأيامكم فمن عرف زمانه استقامت طريقته.. ومن لم يتعلم من هذه الثلاث فلن يتعلم أبداً.
· ونربأ بالشباب المسلم أن يكون كذلك..
الجماعة الإسلامية بمصر
عودة الى بيانات
|