|
"حديث عن التجديد".. يجمع علماء الإسلام في رحاب الأزهر تحقيق / إسلام كمال الدين
كان حديث جامعة الأزهر عن التجديد واضحا ً.. حين أقام محاضرة هامة بعنوان "حديث عن التجديد" .. شارك فيها د/ أحمد الريسوني الخبير الأول في مجمع الفقه الإسلامي بجده .. والأستاذ المتفرغ في علم أصول الفقه في جامعة الملك محمد الخامس في الرباط .. وعدد كبير من علماء الأزهر الشريف.. وذلك في ندوة على هامش المؤتمر الثالث لرابطة خريجي الأزهر الشريف بعنوان " أهل السنة والجماعة دعوة إلى الوحدة والتسامح ونبذ الفرقة والتطرف".
بدأ الريسوني كلمته مؤكدا ً:
إن الأزهر الشريف مكانته ملأت الدنيا كلها في التاريخ والجغرافيا لا ينكرها أحد .. وهو قلعة العلم منذ التاريخ لقرون وقرون.
وقال الريسوني:
أن مصطلح التجديد مصطلح مرن ومطاط لكنه مهم بالغ الأهمية.. ولاسيما إن تحدثنا عن التجديد في المجال الشرعي.
والذي يطمئن حول أهمية التجديد هو حديث النبي (صلى الله عليه وسلم)
"إن الله يبعث على رأس هذه الأمة كل مائة عام من يجدد لها دينها"
وهذا يدفعنا أن نقبل بأهمية التجديد ونسعى إليه.. وبالأخص فإن الرسول قد رفع اللوم والمذمة عن العلماء المجتهدين.. فإن اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران .. وإن اجتهدوا وأخطأوا فلهم أجر واحد .. ولم يمنعهم من الاجتهاد ولم يذمهم أو يلومهم إن أخطأوا في اجتهادهم.
وإن هناك أمورا ً يكون التجديد فيها هو مجرد إعادة اعتبار والشيء إذا تم إهماله وأصابه غبار أو صدأ.. يزال عنه ما أصابه من غبار.. ويعاد إلى أصله ومكانته وحيويته .. فيكون هذا تجديد له .
وليس تجديد الدين هو تغيير أو تبديد له بأي حال من الأحوال.. ولكن هو إعادة الأمور إلى نصابها.
إن المقصود بالتجديد هنا هو مواكبة ما يجد من أمور وقضايا ووسائل لم تكن موجودة قبل ذلك في جميع المجالات.. والنظر فيها من منظور شرعي.
ومن التجديد أيضا ً أن يطور أهل العلم عقولهم ومناهجهم ليواكبوا ما يجد على أمور المسلمين من أبسط الأشياء إلى أعظمها.. ولاسيما إذا كانت الأمة في تأخر.
أما السؤال المهم هو:
ما المعيار لتحديد ما يحتاج إلى تجديد ومالا يحتاج لتجديد؟
إن هناك دعوات لتجديد الفقيه نفسه في حياته ونشأته وثقافته وتفكيره .. وهناك دعوات لتجديد علم الكلام وهو يتعلق بالعقائد الإسلامية.. وهناك دعوات لتجديد علم التفسير وغيرها من العلوم.
وفي ظل زيادة الدعوات لتجديد العلوم الإسلامية.. كان لا بد من وضع معيار لتمييز وتحديد العلوم التي تحتاج لتجديد من غيرها.
المعيار الأهم هو:
وظائف ودور كل علم وهو الذي نزن به العلم نفسه .. لأن العلوم بمقاصدها وإذا حددنا مقاصد كل علم والوظيفة التي يقوم بها.. حددنا دوره وأهميته الحالية.
فمثلا إذا كان علم الكلام لا يؤدي وظائفه التي نشأ من أجلها كان لا بد من تجديده .
أما إن كان ما زال يؤدي وظائفه على ما يرام فلا جدوى من تجديده.
المثال الآخر للتجديد هو علم أصول الفقه .. وهو العلم الذي نشأ في القرن الثالث الهجري على يد الإمام الشافعي.. وهو علم منهج التفكير الإسلامي وله ثلاث وظائف أساسيه هي:
1- الاستنباط الفقهي
2- وضبط منهج التفكير عند المسلمين
3- وتقليل الخلاف بين العلماء وبعضهم خصوصا ً.. وبين المسلمين عموما ً.
وإن الشافعي قد وضع فيه قوانين ومنهج التفكير العلمي الصحيح.. ولولا علم أصول الفقه لكانت مذاهبنا بالعشرات بدلا ً من أربعه فقط.
ولكن الآن علم أصول الفقه لا يقبل على تعلمه الكثير.. لأنه كما يقال عليه "كثير العناء.. قليل الغَناء" .. ووجدناه قد ضعف في ضبط منهج التفكير وتكوين عقلية المسلمين وتفكيرهم.
وإن وظيفة تقليل الخلاف بين المسلمين التي قام عليها علم أصول الفقه على مدار قرون.. لأنه حدد مصادر التشريع في مصادر أساسية ليس غيرها هي "القرآن والسنة والإجماع والقياس "
ومع ذلك فقد دخلته أمور جعلت من أدواته الاختلاف والمذهبية.
ونصرة المذاهب أصبحت هي جملة وظائف الأصوليين.. ولما أصبح مذهبيا ً أصبح مشجعا ًعلى الخلاف.
وبناء على تلك المقدمات.. فإن الريسوني قد أكد على ضرورة تجديد علم أصول الفقه حتى يعود لتأدية وظائفه.
وإن الدعوات التي تنادي بتجديد الفكر الإسلامي لا بد أن تنصب علي هذا العلم .. فعلم أصول الفقه هو المنوط بذلك التجديد.
أما د/ محمد القوصي نائب الأمين العام للرابطة العالمية لخريجي الازهر الشريف.. فقد أكد:
أن علم أصول الفقه وجميع العلوم الإسلامية.. لابد أن تبنى على ما قبلها وإن بعض أحاديث التجديد في الكثير من جوانبها هي حديث عن التبديد.. لأن كل من يريد أن يغير في الإسلام وثوابته يأخذ من التجديد حجة له.. ولذلك فإذا تحدثنا عن التجديد .. فأنه يجب أن يؤخذ بحذر وتروي.
وقال د/ مصطفى بن حمزة رئيس المجلس العلمي في المغرب:
أن الكثير قد استباح التجديد تماما ً.. وجعله بديلا ً عن النص الشرعي.. واستباحوا به تجاوز النص الشرعي.
وإن الكتب السهلة المبسطة قد أضاعت شطرا ً كبيرا ً من العلم.. ولذلك فإن هنالك أولويات لدينا .. ومن أولوياتنا الآن أن نفهم النصوص الشرعية في ظل مقاصدها وأهدافها الشرعية .
وأن هناك من يخططون لمشروع كبير لتغييب المسلمين وتدمير عقولهم.. وقد يتخذون من التجديد وسيلة لذلك.
وأشار د/عبد المجيد النجار أمين عام المجلس الأوروبي للإفتاء:
أن الدين كلمة تطلق على معنيين:
المعنى الأول: هو "تعاليم الوحي"
والمعنى الثاني: أن تحلى تلك التعاليم بالإيمان والتثقيف السلوكي.
والتجديد يمكن أن يقبل في المعنى الثاني.. وهو تحلي المسلمين بتعاليم الدين التي جاء بها الوحي.
أما الكثير اليوم فيوجه التجديد نحو الحقائق الدينية نفسها.. وهذا غير مقبول.
وتحدث د/ نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق عن مواطن التجديد فقال:
أن التجديد لا يأتي في الفقه.. وإنما يأتي في الفكر البشري.. وأكد إن الدين الإسلامي بذاته متجدد في كل زمان ومكان.. ولا تجديد في أصول الدين وعقيدته وشريعته .
أما التجديد في الفكر البشري الإنساني.. يجب أن يكون متوافقا ًمع الدين نصوصا وشريعة من خلال النص "قرآن وسنة" .. لأننا نعلم أن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ الأصول الخمس " الدين والنفس والعقل والنسل والمال" بنفس الترتيب التنازلي.
فلا يجب أن نضحي بالدين أو نبدده من أجل أي من الذي يليه في الدرجة .. ولكن يمكن أن نجدد أي منهم من أجل الدين.
أما د/ حسن الشافعي فذكر أن:
علم الكلام هو العلم الأعلى في منظومة الشريعة الإسلامية.. لأنه يتعلق بالعقيدة الإسلامية.
وإذا تحدثنا عن التجديد فلا يمكن أن ننسى الإمام محمد عبده الذي لم يكن تجديده مقتصرا ً على الصيغة والعبارة فقط.. ولكن تعدى إلى ما يتعلق بالحاجة الإنسانية إلى العقل والعلم.
وأشار إلى اقتراح د/ أحمد الريسوني بإنشاء علم يسمى "علم القواعد الاعتقادية الشرعية".. اشتقاقا من علم الكلام ليواكب العصر.. ويبحث في علوم العقيدة.
ويؤكد د/ محمد المختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة:
أن موضوع التجديد هو من أهم المواضيع التي تطرح على الساحة.. وإن له هدفين:
الأول: إزالة الفتن والبدع والخرافات التي التصقت بالإسلام.
الثاني: استنباط الإحكام والنوافل التي تتعلق بالحياة المعاصرة.
وأضاف إلى أن بعض علماء الدين في ذلك العصر قد نجدهم على أمرين:
1- إما غير مؤهل إلى حد ما.
2- أو متعصب لرأى معين .. والإسلام ضد التعصب المذهبي.
ولكننا نجد أن البعض يدعي أنه تنويري .. وبدأوا يتحدثون على أن العصور الوسطى كانت مظلمة.. مع أنها العصر الذهبي للإسلام.. والشرق كان ولا زال منارة للإسلام وللحضارة التي أنارت العالم.
بل وبدأ البعض يجرد بعض الإسلام من بعض الثوابت في استجابة لبعض دعوات التغريب.. وباستخدام بعض المصطلحات مثل مصطلح "قبول الآخر".
والإسلام من الأصل يقبل الآخر ويعترف به.. لأن الآخر هم رسل الله.. والله أمرنا أن نؤمن به .. فنحن نعترف بالآخر.. ولكن الآخر لا يعترف بنا .
والمصطلح الآخر الذي يستخدمونه في دعاوي التغريب والنظام الأمريكي هو مصطلح " نظام الأسرة" .. الذي يريدون به تعطيل أحكام الزواج والطلاق في الإسلام.
وأيضا مصطلح "الحرية" الذي أرادوا به أن نساوي بين المرأة والرجل في كل شيء .. وأن نطلق الحبل على الغارب في العرى.. وغيرها من المصطلحات التي يراد بها هدم الدين.
ولذلك فإن على علماء الأمة أن تجتمع لتنظر في المستجدات التي تجد في الأمة الإسلامية.. وتكون آرائها وقراراتها ملزمة للأمة كلها .
وقال د/ طه أبو كريشه عضو مجمع البحوث الإسلامية:
إن التمسك بالأصالة والتجاوب مع مستجدات الحياة.. لا بد أن يكون على حد سواء.. وهو فرض على الأمة.
وأكد أن الفضيلة هي فضيلة.. ولا يمكن أن تتحول إلى رذيلة على مر الزمان والرذيلة كذلك.. وإن الحلال هو ما أحله الله.. والحرام هو ما حرمه الله .. ولا دخل للبشر في ذلك .
وأكد أن العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق هي من ثوابت الدين والأصالة فيه.. ولا يجوز التجديد فيها.. وما عدا ذلك يمكن التجديد فيه بالتواكب مع العصور والظروف المختلفة.
الخميس الموافق
22- 2-1431هـ
27-1-2011
| الإسم | ياسر سعد |
| عنوان التعليق | التجديد لمن لا يعرف إلا مذهبا |
| الإسلام هو مجموع مذاهب المسلمين أصولا وفروعا وما وصلنا من المذاهب كاف لنا والمشكل في من يتحزب لمذهب ويقصي الآخر ولقد اجتمع للأولين كل وسائل الاستنباط وانقسموا إلى أهل رأي وأهل أثر ولا يلغي أحد منهم الآخر وكانت المذاهب التي كتب لها الاستمرار كالمذاهب الأربعة أى مذاهب الفقه ومدرسة أهل الحديث فأتصور قبل التجديد أن يطلع الباحث عن المذاهب الأخرى أصولا وفروعا ولا أتصور الحاجة إلى تجديد بقدر الحاجة إلى نشر ثقافة عصر الصحابة الذين تشعبت عنهم كل مذاهب أهل السنة والجماعة بالمعنى الواسع وليس بالمعنى المذهبي والحزبي. |
عودة الى كتب ودراسات
|