English الجمعة 12 ذو القعدة 1430     30 أكتوبر 2009
البحث التفصيلي
التفاصيلقطار العياط وجراحات لم تندمل
خبر وتعليق

حوداث السكك الحديدية المتكررة فى مصر سببها
نتيجة الاهمال
الفساد الادارى
لا أدرى
اقتراعات سابقة

هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس

- عرض وتحليل -

 

1.       التعريف بالمؤلف..

·     هو الدكتور ماجد عرسان الكيلاني..

·     من مواليد محافظة إربد بالأردن سنة 1356هـ / 1937 م.

·     حصل على الليسانس من جامعة القاهرة سنة 1383 هـ / 1963م.

·     وحصل على دبلوم التربية من الجامعة الأردنية سنة 1389 هـ / 1969 م.

·     حصل على الماجستير في التاريخ الاسلامى من الجامعة الأمريكية الأردنية سنة 1396 هـ /1976 م.

·     حصل على الدكتوراه في كلية التربية من جامعة بستبرج ـ بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1401هـ /1981 م.

·     عمل أستاذا بالعديد من الجامعات.

 

- أهم مؤلفاته -

·     أهداف التربية الإسلامية في تربية الفرد وإخراج الأمة.

·     التربية والوعي والتجديد.

·     تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية.

·     الفكر التربوي عند ابن تيمية.

·     فلسفة التربية الإسلامية.

·     التربية الإسلامية بين الفقه العرفي والسنني.. وغيرهم.

 

2.       العرض والتحليل..

·     لا نبالغ إذ نقول: إن قضية القدس هي الهم الأكبر الذي يقض مضاجع المسلمين، وتنغص عليهم معيشتهم, ويلتفون حولها.

·   وهذه التجربة الأليمة التي نحياها اليوم قد تكررت فصولها من ذي قبل عندما استولى الصليبيون على بيت المقدس عام 492هـ / 1098م  وهي التجربة التي استدعاها د./ الكيلاني من ذاكرة التاريخ  ليسبي أغوارها ويحلل مفرداتها ويغوص فيها بعيدا عن المنهج الخطابي في تفسير الأحداث الذي يركز على اللحظة النهائية في حطين وكأن تجربة استعادة بيت المقدس من أيدي الصليبيين ما كانت إلا حطين.

·   ولكن د./ الكيلاني يرصد الحدث سواء من الناحية القبلية أو البعدية فيرصد أحوال العالم قبل سقوط القدس, ثم حركة الإصلاح التي انبثقت بعد السقوط في محاولة منه للإجابة على عدة تساؤلات تمثل عصب كتابه الممتع أوضحها في مقدمة كتابه هي:

1.    ما هي المفاهيم والتصورات والقيم السلبية التي كانت تسود الأمة؟, وكيف تسببت هذه المفاهيم في تهيئة الأمة لقابلية الهزيمة.

2.    ما هو التغيير الذي حدث خلال نصف القرن الذي مر بين مذابح المسلمين في أنطاكية وساحات الأقصى وبين ظهور جيل نور الدين وصلاح الدين؟.

3.       من هم الذين حملوا مسئولية هذا التغيير الايجابي؟, وما هو المدى الذي وصل إليه التغيير المقصود؟.

4.    هل كان صلاح الدين ظاهرة فردية, وشخصية عبقرية معجزة برزت فجأة على مسرح الأحداث طاهرة مطهرة من عوامل الضعف البشري, أم كان عينة لجيل مثله؟.. هذه هي التساؤلات الرئيسية التي تمثل عصبة الكتاب وتمثل أبوابه الستة وفصوله العشرون الإجابة على هذه التساؤلات.

 

·   فالباب الأول..  يرصد فيه الكاتب الأفكار التي كانت سائدة في المجتمع الإسلامي قبيل الهجمات الصليبية.. فالطابع المذهبي كان يمزق أواصر المجتمع آنذاك, وخرجت المدارس الفقهية المذهبية عن أداء دورها العلمي إلى تطاحن أضر بالمجتمع وكان الصراع على أشدة بين الحنابلة وبين الأشاعرة.. فكل جماعة منها اعتبرت نفسها صاحبة الحق الوحيد في التواجد على مسرح الحياة الإسلامية بسبب تاريخ أسلافها المجيد.. مما ترتب عليه أثار فكرية وتربوية واجتماعية مدمرة رصدها الكاتب بمهارة وشكلت لنا بعدا لهذا التطاحن.. فمثلا أدى هذا التطاحن المذهبي إلى هبوط الفكر الاسلامى إلى حالة من الانغلاق والجمود والتطرف وفسد التعليم عندما تفشى فيه التعصب المذهبي ففي عام 470 هـ... كما يرصد الكاتب.. اشتبك طلبة المدرسة النظامية من الحنابلة والشافعية, وانتصر لكل فريق أنصاره من العوام وقتل عشرون وجرح آخرون.. وكانت الفتن تثور بين الفينة والأخرى فقد وقعت فتن عام 521 هـ وخرج الحنابلة في شبة مظاهرة إلى الشارع وهم يصيحون: هذا يوم حنبلي, لا شافعي ولا اشعري, ووقائع أخرى كثيرة رصدها المؤلف تدمي القلوب وتشكل جرس إنذار لنا للائتلاف والتواد خاصة في محيط حركتنا الإسلامية.

·   كذلك أمتد الانحراف إلى الصوفية, وحادت عن سبيل الكتاب والسنة الذي قيدت به نفسها في مرحلتها الأولى على يد كبار مشايخها كالحارث المحاسبي, والسري السقطي, وأبي الحسن البصري وغيرهم.. ويضرب الكاتب المثل لهذا الانحراف ممثلا في الملامتية والحلولية. وكذلك نفشت في المجتمع – آنذاك - الحركات الباطنية الهدامة والفلسفات الباطلة.

·   وكان لابد لهذا الاضطراب الفكري أن يؤثر سلبيا في المجتمع الاسلامى وهي الآثار التي يرصدها الكاتب في الباب الثاني في ميادينها المختلفة الاجتماعية, والاقتصادية, والسياسية, والعسكرية.

·   ويقول المؤلف ص 81: وفي عام 511 هـ غلت الأسعار وافتقدت للأقوات حتى بلغ سعر الكر من القمح أو الدقيق ثلاثمائة دينار, بل فقد أصلا, ومات الناس جوعا وأكلوا الكلاب والسنانير.. وعمّ الفقر وتجدرت المصائب والأمراض سنة بعد سنة, وأصبحت سمة ميزت المجتمعات الإسلامية.. وأسهمت إسهاما بالغا في إضعافها أمام الأخطار التي جذبتها روائح الضعف من الخارج..  ووصلت المأساة ذروتها باجتياح الصليبيين للبلدان والممالك الإسلامية حتى سقطت القدس في أيديهم عام 492 هـ / 1098 م وارتكبوا مجازر وحشية يشيب لهولها الولدان.

·   ثم للإجابة عن السؤال الثاني المستفسر عن ماهية التغيير الذي حدث حتى ظهر جيل صلاح الدين؟.. يخصص الكاتب البابين الثالث والرابع للحديث عن حركات الإصلاح التربوية الاجتماعية والتي حاولت أن تنهض بالمجتمع من كبوته عن طريق إرجاعه إلى صحيح الإسلام وتغيير ما بالنفس.. وهي الحركة التي بدأها الإمام أبو حامد الغزالي -  رحمه الله - والذي يخصص الكاتب كل الباب الثالث في استقراء آراءه التربوية وأفكاره الإصلاحية فلقد أقام الغزالي منهجه الإصلاحي على ثلاث قواعد كما يقول الكاتب..

·   القاعدة الأولى.. إن الأساس في وجود الأمة الإسلامية هو إخراجها لحمل رسالة الإسلام إلى العالم أجمع, وحين قعد المسلمون عن تبليغ الرسالة امتلأت الأرض بالفتن.

·     القاعدة الثانية.. إنه من الواجب أن يجري البحث في أسباب هذا القعود من داخل المسلمين أنفسهم.

·   القاعدة الثالثة.. إن من تلمس أسباب القعود ويجب ان تستهدف التشخيص وتقديم العلاج لا مجرد توترات سلبية تقوم على التلاوم وتبادل الاتهام.

·   ويقول الكاتب ص 114: فالغزالي لم يجعل منطلقة الأول هو البدء بالإصلاح السياسى أو العسكري أو ما شابه ذلك وإنما جعله في الإصلاح الفكري والنفسي وهو مبدأ قرآني واضح : (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ), وهو منطلق عززته خبرات الغزالي نفسه, بدأ الغزالي هذا التغيير بخاصة نفسه أولا, ثم أخذ بتغيير ما بأنفس الآخرين, واستمر أصحابه وتلامذته في تطبيق هذا المنهاج.. ولقد شخص الغزالي أدواء الأمة في فساد رسالة العلماء وما ترتب علية من آثار مدمرة, أما ميادين الإصلاح عنده فكانت كالآتي..  

1.       العمل على أيجاد جيل جديد للتربية والتعليم.

2.       وضع منهاج جديد للتربية والتعليم.

3.       إحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4.       الاعتراض على السياسات المالية الجائرة للسلاطين والحكام.

5.       محاربة المادية الجارفة والسلبية الدينية, وتصحيح القصور السائد عن الدنيا والآخرة.

6.       الدعوة للعدالة الاجتماعية.

7.       محاربة التيارات الفكرية المنحرفة.

·   هذا وقد كان من آثار مدرسة الغزالى  ظهور نوع جديد من المدارس والمؤسسات التربوية  الخاصة التي استلهمت روح المنهاج التربوي الذي بلوره الغزالي وهي المدارس التي يفرد لها المؤلف الباب الرابع.. وقد قسمها قسمين: قسم أقيم في العاصمة بغداد وعواصم الأقاليم, وقسم ركز على تربية العامة من الفلاحين والأكراد والبدو وعوام الأحياء الشعبية في المدن لتربية ناشئتهم على أفكار ومبادئ الحركة الاصطلاحية الجديدة.

·   أما مدرسة العاصمة.. مدرسة بغداد فقد أرسى قواعدها عبد القادر الجيلاني - رحمه الله- وقد أستقصى الكاتب جوانب هذه المدرسة.. وكيف اجتمعت فيها المعرفة العلمية بالتربية الروحية حيث كان الجيلاني ملتزما بالكتاب والسنة وكان عبد القادر يدرس بنفسه ثلاث وثلاثين سنة.

·   وبجانب التدريس كان الشيخ يمارس الوعظ باستمرار.. وفي هذه المواعظ مارس عبد القادر دوره النقدي للخلل الذي طرأ على طوائف عديدة بالمجتمع منهم العلماء, والوزراء والحجاب وغيرهم ولقد تركزت تعاليم عبد القادر في ميدان القيم الإسلامية, وهذه التعاليم تبلورت فيما يلي:

1.       التوحيد.                                      

2.       تصويب مفهوم القضاء والقدر.

3.       تصويب مفهوم الإيمان.                

4.       تصويب مفهوم أولي الأمر ومفهوم الأمر بالمعروف.

5.       منزلة الدنيا والآخرة.                  

6.       النبوة والأنبياء.

7.       مكانة الزهد في الإسلام .

·   ثم يذكر الكاتب القسم الثانى من المدارس التربوية والمؤسسات الإصلاحية وهي مدارس النواحي والأرياف والبوادي, ويذكر الكاتب أربعا وعشرين مدرسة بتفصيلات موجزة لأنها تعتبر امتدادا.. للمدرستين الغزالية والقادرية اللتين أشار إليهما بالتفصيل.

·   وكان الرباط الجامع لهذه المدارس هو مجاهدة النفس وتربيتها ودعوة الناس إلى صحيح الدين من جديد.. ويمكن القول أن الدور الذي قام به شيوخ هذه المدارس كان دورا عظيما يعطينا صورة صحيحة عن  التصوف الذي كان سائدا آنذاك وهو تصوف مقيد بالكتاب والسنة, يلعب دورا إيجابيا في خدمة المجتمع, قبل أن يدخل عليه الانحراف والتشوهات الفلسفية ويتحول إلى حركة سلبية انعزالية.

·   مثلت هذه المدارس  التربوية حركة أصلاح واسعة النطاق عميقة التأثير أسهمت في أخراج دولة تأثرت بهذا الفكر الإصلاحي التربوي وهي الدولة الزنكية أو ما يطلق عليها الكاتب (أمة المهجر).

·   الآثار العامة لحركة الإصلاح والتجديد.. هو موضوع الباب الخامس فكانت الدولة الزنكية هي الأثر الأعظم لهذه الحركات الإصلاحية بعد توثق الصلة بين نور الدين محمود - ومن بعدة صلاح الدين - وبين شيوخ هذه المدارس.

·     وصارت الدولة الزنكية مقصد هؤلاء المربين المصلحين.

·   ويقول د./ماجد الكيلاني ص  287: ومنذ أيام نور الدين أصبحت دولة آل زنكي هذه كيانا التف حوله أصحاب الاتجاهات التجديدية, وتلامذة المدارس الإصلاحية وجعلوا منها دار هجرة تداعوا إليها من جميع الأقطار, وفتحوا أبوابها لكل مخلص راغب في العمل في سبيل الله مهما تباينت مذاهبهم وانتماءاتهم.

·     ويرصد الكاتب ستة أمور تميزت بها سياسة الدولة الجديدة خلال فترة نور الدين وهي..

·     الأول: إعداد الشعب أعدادا إسلاميا, وتطهير الحياة الدينية والثقافية من التيارات الفكرية المنحرفة كالباطنية.

·     الثاني: صبغ الإدارة بالصبغة الإسلامية, وشيوع العدل والتكافل الاجتماعي.

·     الثالث: نبذ الخصومات المذهبية وتعبئة القوى الإسلامية وتنسيق جهودها ضمن منهاج عمل موحد.

·     الرابع: ازدهار الحياة الاقتصادية وإقامة المنشآت والمرافق العامة.

·     الخامس: بناء القوة العسكرية والعناية بالصناعات الحربية لمواجه الصليبيين.

·     السادس: القضاء على الدويلات المتناثرة في بلاد الشام وتحقيق الوحدة السلامية بين الشام ومصر والجزيرة العربية.

 

·   هذه الركائز الست التي ميزت سياسة الدولة الجديدة.. يمضي الكاتب في شرحها وبسطها في فصول هذا الباب, والتي أدت إلى بزوغ صلاح الدين على مسرح الأحداث والتي تربى في كنف الدولة النورية وتضطلع من مبادئها الإصلاحية, وتأثر بالآراء التربوية للشيوخ المصلحين.

 

·   فهو جهود متعاقبة تسلم بعضها لبعض, وتكمل الجهود اللاحقة ما سبقها من جهد وتبنى علية حتى أتت ثمارها المرجوة في استعادة بيت المقدس على يد صلاح الدين.. وهو الهدف الذي كان يرنو إليه كل مسلم صادق.

·   ولا يفوت الكاتب أن يقيم مدارس الإصلاح والتجديد, والمصير الذي آلت إليه مستعينا بآراء ابن تيمية رحمه الله, ووضح كيف أن هذه المدارس بدأت بدايات سليمة قائمة على الكتاب والسنة, ثم طرأ عليها التغيير والانحراف في النهايات وتسربت إليها البدع بصورة كبير.

·   يقول المؤلف ص 353: فالبدايات حسب تحليل ابن تيمية قامت على أصول سليمة تتفق مع الكتاب والسنة, أما النهايات فقد نسيت تلك الأصول الشرعية ونسبت إلى الشيوخ المؤسسين الكثير من بدعها, وضلالاتها ومبالغاتها.

·   وفي الباب السادس والأخير يحاول الكاتب -  كمتخصص في التاريخ وأصول التربية -استخلاص قوانين من أحداث التاريخ تحكم الأحداث والظواهر وهي الغرض الأساسي الذي يبغيه الكاتب من هذا البحث.. فهو يقول ص 374: ولكنا نريد من هذا البحث أن يكون سببا مثيرا يلفت الانتباه إلى ضرورة وجود فقهاء في الاجتماع البشري يحسنون اكتشاف السنن والقوانين التي تخضع لها المجتمعات الإسلامية ثم النظر في كيفية تأثير هذه القوانين إيجابيا:

·     ومن هذه القوانين التي يذكرها المؤلف..

1.       إن صحة المجتمعات ومرضها أساسها صحة الفكر أو مرضه.

2.    مع أن الإسلام هو العلاج المؤدي إلى صحة المجتمعات وقيام الراقي من الحضارات, إلا أن الإسلام لا يؤدي هذا الدور الحضاري إلا إذا تولى فقه أولو الألباب والإرادات العازمة النبيلة.

3.    ما لم يتزاوج الإخلاص مع الإستراتيجية الصائبة في تعبئة الموارد والقوى البشرية في الأمة فإن جميع الجهود والطاقات سوف تذهب هدرا على مذابح الصراعات الداخلية وتؤول إلى الفشل والإفلاس إلى غيرها من القوانين التاريخية التي حفل بها الباب السادس والتي تصل إلى تسعة قوانين تاريخية.

·   إن كان هذا الكتاب دعوة إلى أعادة قراءة تاريخنا واستلهام نماذجه الناجحة, ودعوة إلى فقه سنن التغيير وكيف أن ظاهرة صلاح الدين ليست ظاهرة بطوله فردية خارقة, ولكنها خاتمة ونهاية ونتيجة مقدرة لعوامل التجديد, ولجهود الأمة المجتهدة , وهي ثمرة مائة عام من محاولات التجديد والإصلاح, وبذلك فهي نموذج قابل للتكرار من كل العصور وهو بذلك يستحق القراءة والدراسة بتمعن وتفكر.. فجزى الله مؤلفه خيرا.


الإسمماجد
عنوان التعليقصحاب الكتاب
هذا الكتاب من الكتب الجيدة وارجوا ان ينتشر بسرعة


عودة الى كتب ودراسات

حقوق النشر محفوظة
islam - islamic - muslim - egypt - egyptian - islamicgroup - group - religion - gamaa - jamaa - islamia - الجماعة - الإسلامية - اسلام - مصر - الاسلامية -
Locations of visitors to this page
       ._