|
مجتمع إذا خاصم فجر بقلم/ معتز عبد الفتاح
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر".
العائد المباشر والشخصي الذي يرجع على الإنسان المصري من الخيانة أو الكذب أو الغدر قد يمكن فهمه ولكن ما يلفت نظري أننا حتى حين نخاصم نفجُر" من الفجور" في الخصومة ونفجِّر "من التفجير" الأوضاع فيخسر الجميع وسنتحول إلى بلد بلا حكماء أو رموز محترمة وكأننا نفترض الكمال في الآخرين وهو كمال نعلم يقيناً أن الله حرمه تحريماً على جميع خلقه فعاتب رسله ولام أنبياءه وشرع التوبة وجعل التدافع بين البشر من أسباب صلاح الأرض.
من هم حكماء مصر الذين يمكن أن نعود إليهم وقت الحاجة؟ من هم الذين نرفعهم في مكان عالٍ حتى لو اختلفنا معهم أو تحفظنا على شيء من مواقفهم لأنهم ترفعوا عن الدنايا وارتفعوا فوق العطايا؟
في جنوب أفريقيا كان هناك نيلسون مانديلا ولا يقل أهمية عنه القس ديزموند توتو المناهض للعنصرية منذ السبعينات الذي أعلن رفضه المطلق لأن يعامل الرجل الأسود "كخرقة تمسح بها الحكومة أحذيتها" ثم أعلن دعوته للعمل من أجل السجناء والفقراء والمقهورين والمعزولين والمحتقرين.
كان هناك من شن على الرجل حملة دعاية سلبية للنيل منه كان مضمونها أنه "شيوعي" لكنه ظل أقوى من كل هذا وبمرور الوقت اكتسب أنصاراً حتى من بين معارضيه ممن يصدق فيهم قول الحق سبحانه: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى" فخرج من البيض من أيَّد دعوته وطالب بالإفراج عن السجين نيلسون مانديلا. ولم نجد أن الرجلين مانديلا وتوتو يتصارعان أو يشن أحدهما أو أنصار أحدهما هجوماً على الآخر رغم تباين مواقفهما بشأن بعض القضايا.
وحين ترأس لجنة الحقيقة والمصالحة في عام 1995 بناء على طلب "مانديلا" عمل بكل اجتهاد ولكنه ندم في النهاية على أنه وقع فريسة بعض الأخطاء أثناء عمل اللجنة بما جعل بعض المجرمين يفلتون من العقاب وبعض المظلومين لم يحصلوا على التعويضات المناسبة ورغم أخطائه ظل رمزاً عظيماً للوطنية هناك.
وفى الهند هناك نموذج الرئيس الدكتور أبو بكر عبد الكلام الرئيس المسلم للدولة ذات الأغلبية الهندوسية الذي حكم الهند بعد اتفاق أكثر الأحزاب يمينية وأكثر الأحزاب ليبرالية عليه كي يكون الرئيس الثاني عشر من 2002 وحتى 2012.
الرجل فعلاً مبهر بكلامه وتسامحه وقدرته على تخطى حواجز الدين واللغة والعرق في بلاده ويسميه معظم الهنود "رئيس الشعب" وليس فقط "رئيس الدولة".
الرجل لم يكن له في حياته أي انتماء سياسي أو حزبي معين وظل حياده الحزبي وترفعه الأيديولوجي "وهو ما أسميه تخطى الأيديولوجيات الجامدة".
وأكيد كان يطلق عليه بعض الصبية والمراهقين سياسياً أنه متلون ومنافق وأفاق وغير ذلك من صفات ننعت بها بعض سياسيينا ومثقفينا.
مصر فيها أسماء عظيمة ولكننا محترفو تكسير وهدم وتدمير الآخرين بلا أي إحساس بتأنيب الضمير.. من أيام قليلة كان لي حديث مع بعض الأصدقاء عن الدكتور محمد البرادعي ممن يصدقون ما يقال بشأنه عن أنه عميل لأمريكا وأنه السبب في احتلال العراق وغير ذلك من ترهات. وبعد أن دافعت عن الرجل بما أعرف.
سألني صديق: "لكن أنا كنت فاكرك ما بتحبوش؟" وكانت إجابتي:
أولاً: كلما ازداد الإنسان نضجاً استبدل عبارات الكراهية والحب بالاتفاق والاختلاف.
ثانياً: أنا أحترم شجاعة الرجل وجرأته وقد أيدته ووقعت على وثيقة الجبهة الوطنية للتغيير قبل الثورة ودعوت لها في مقالاتي ثقة مني في دعوته لمواجهة نظام الرئيس مبارك ولكنني أختلف مع معظم مواقفه بعد الثورة وأعتقد أنه فرط في فرصة كانت متاحة له لقيادة مصر ما بعد الثورة.. لكن هذا لا يسمح لي أبداً أن أصف الرجل أو أي شخص آخر بما ليس فيه خيانة وكذباً وغدراً وفجراً كما جاء في الحديث الشريف.
الثلاثاء الموافق:
29 ربيع الثاني 1434هـ
12-3-2013م
| الإسم | حفيدمحمد (أبوعبيدة) الحسني الفاطمي الأنصاري . |
| عنوان التعليق | مجتمع إذا خاصم فجر |
| مجتمع إذا خاصم فجر ده يبقا مجتمع صيع وعايز يتربى وعاوزين رئيس صايع معاه سيف يحزموا هههههههه . |
عودة الى مقالات
|