|
صرخة أسماء بقلم/ الحبيب الجفرى 
إلى سادتي وإخوتي من العلماء والدعاة:
إليكم صرخة صادقة من فتاة مؤمنة وصلت عبر صفحة الفقير إلى الله على "فيس بوك" .. تستحق التأمل العميق لأنها تمثل شريحة من النساء تضررن من طريقة بعضنا في فهم الشريعة السمحة وفى التعبير عنها وتطبيقها .
وهن «ما زلن» متشبثات بإيمانهن خائفات من تفلته.
فهل من مستجيب يلبى؟
وإليكم نص الرسالة بتصرف يسير.. حيث حذفت تسمية التوجه الديني لأسرتها والمشايخ الذين ينتمون إليهم:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لا أُحس بأن حمزة كاشغرى فقد إيمانه.
"حمزة هو شاب سعودي كتب عبارات في «تويتر» فُهم منها أنه يقصد الإساءة إلى الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).. فثار المجتمع عليه ولم يقبلوا تراجعه ولا اعتذاره ولا حتى توبته واستغفاره! .. بل طالبوا بقتله! .. وهو حتى الآن في السجن، أسأل الله له الفرج"
أحس بأن الضيق والتشدد اللذين ربما عاش فيهما ولَّدا بداخله حيرة وأسئلة هو نفسه لا يعرف لماذا يطرحها وأين إجابتها.. وكل هذا ناتج عن فهمنا الخاطئ للدين الحقيقي وتشويه صورة الله عندنا نحن كعرب ومسلمين منذ الطفولة..
أنا مثلا ً دائما عندما أقوم الليل وأقرأ القرآن وأقوم بكثير من الأشياء التي أحاول من خلالها التقرب إلى الله.. دائما أسأل نفسي:
ترى يا أسماء هل أنت تفعلين هذا حبا لله.. أم خوفا منه؟
أنا أصلا أستغرب عندما يقول لي شخص أنا أحب الله كثيرا!
لا أفهم كيف يكون هذا الحب.. لقد تربيت على فكرة صلّى وإلا ستحترقين في نار الجحيم.. تربيت على فكرة الحجاب وإلا فالله سيعاقبك بأشد أنواع العقاب..
تربيت في منزل محافظ جدا ً على فكرة أن المرأة عورة جدا ً .. وجودها عورة.. هي في ذاتها عورة..
عذاب القبر..
سكرات الموت..
مظاهر القيامة..
الحشر وعذاب انتظار دور العرض على الجبار وأنا لا أزال طفلة صغيرة جدا ً.. ودائما ً عندما أسمع حديثا ً صادرا ً عن شيخ متشدد ودائما يُرهِّب أبكى وأقول:
ترى هل الله حقا كما يصفونه؟
لماذا هم متأكدون هكذا؟
لماذا يقولون هذه الأشياء عن الله؟
هل الله خلقنا حتى يعذبنا هكذا؟
ما الفائدة من وجودنا أصلا ًإذا كان هذا كله ينتظرنا؟
وعندما أسأل أخي يقول لي:
لديك نقص إيمان! .. أي إيمان؟
أنا أسألك عن الحب هنا .. وليس الإيمان.
أنا أشعر بخوف شديد وكأن لدىّ رهاباً من كل شيء..
وفى نفس الوقت أجد التناقض..
هذا أخي الذي يخاف الله ويقرأ القرآن ويصلى في المسجد.. لكن مشاعره لا تتحرك أبدا ً عندما يراني مريضة وأبكى!
عندما يضربني بشدة لا لشيء سوى لأنه رجل!
وأبى عندما ضربني على مرأى من فتيات يدرسن عندي لأنني لم أزاحم الرجال على الحافلة!
استحييت أن أزاحم الرجال على الحافلة فذهبت الحافلة ولم أركب فيها لأذهب لعملي.
هذا أبى الذي رباني على فكرة "الرجل مخلوق بغيظ"
لماذا إذن يريدني أن أزاحمهم على الحافلة؟.. فلتذهب الحافلة إلى الجحيم ستأتي غيرها..
هل أنا أيضاً لدىَّ نقص إيمان؟
أنا لدىَّ رهاب من كل شيء.
من الدين.
من الرجال.
من المتدينين.
لما أشوف شخص متدين.. أقصد «...» (حذفت تحديدها لتوجه ديني معين حرصا ً على استماع الجميع لصرختها).. لا أدرى لماذا أشعر بالخوف!
لدىَّ خوف شديد من الرجال.. أنا أرفض كل شخص يخطبن لأني أخاف من الرجال.. خاصة المتدينين..
ولطالما سألت نفسي:
هل كنت سأخاف من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو وقفت أمامه أيضاً؟
لا أدرى.
الناس الذين يحكمون على الآخرين.. ما أدراكم بإيمانهم؟
كيف يمكن أن تكونوا واثقين هكذا؟
لا أحد مهما بلغ به تدينه مراتب عليا.. ومهما كان شيخا ً كبيرا ً ذا علم ومعرفة.. يملك أدنى حق في الحكم على إيمان أي مخلوق..
هذا الأمر حق لله عز وجل وحده.
مشكلتنا منذ البداية أننا رضعنا العقيدة عن جهل.
كنت أتمنى لو رضعت حب أبى.. وعطف أخي على.. وحنان أمي بدل ما أعرف كل تلك الأشياء التي جعلتني ما أنا عليه..
لماذا هؤلاء المتدينون يقتلون كل شيء جميل بداخلنا؟
عندما أقول لأخي: دعني أقُود السيارة وأنت بجانبي.
ماذا؟ .. هل جُننتِ يا فتاة؟ .. كيف تسألين طلبا كهذا؟
ولِمَ لا؟
أنت فتاة، يعنى نقص دين ونقص عقل.
طيب ألستُ بشرا؟
ربما أو أحيانا تكونين كذلك..
لكنني أبقى بشرا ً .. أنت أيضا ً بشر.. ولكنك تقود السيارة وبمفردك..
أنا طلبت منك أن أقودها وأنت بجانبي.. لماذا لا تفهم يا أخي أن كلانا من طين؟
أنت لست من ذهب.. أنت لست من ذهب.. مطلقا..ً
اصمتي.. أنت وقحة وتحتاجين إلى تأديب.
أخي.. لطالما حلمت برؤية البحر.
ماذا؟ .. هل جُننتِ؟ .. البحر؟ هناك رجال كثر..
ما دخلي أنا بالرجال؟.. لقد كرهت رجال الكون بسببك أنت وأبى..
أخي.. دعني أذهب معك أنت وزوجتك للمطعم هذه المرة ولو لمرة واحدة فقط..
النساء لا يذهبن إلى المطاعم.
والله يذهبن.. صديقتي ذهبت مع زوجها إلى مطعم وأخبرتني أن الأكل في المطاعم يفوق الوصف.
صديقتك ذهبت مع زوجها.. وأنا سأذهب مع زوجتي.. أنت اذهبي مع زوجك.. وينفجر ضاحكا..ً
لكنني أخاف من الرجال.
عندما يمر علىَّ رجل أقرأ جميع الآيات التي أحفظها.. فالحقيقة المرة هي هذه..
هي صورة الدين لدينا.. شئنا ذلك .. أم أبينا.
سواء أنكرتم ذلك يا شيوخ.. وادعيتم أن الإسلام مطلقاً لم يأمر بكل هذا التضييق وشد الخناق..
نعم أعلم ذلك.. لكنكم تفعلون أكثر من هذا أثناء التطبيق!
وأنتم أدرى منا بالله.. فأنتم ركائز الأمة!
مرة رأيت سيدنا عيسى عليه السلام في منامي وأنا تائهة حافية القدمين أحمل قلما في يدي.
قلت له: ساعدني يا نبي الله .. ألست بنبي؟ .. لماذا لا تساعدني؟ أنا أبحث عن شيء لم أجده في أي مكان..
فأجابني عليه السلام أن الذي أبحث عنه لا يوجد في الدنيا.. بل في الآخرة..
فسألته: ما الذي أبحث عنه؟
أنا أصلا لا أدرى عن أي شيء أبحث!
استيقظت على أذان الفجر يقول: "حي على الصلاة.. حي على الفلاح"..
هذا كان نص الرسالة.. ولا أجدني قادرا ًعلى التعليق.
فقط أقول: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
السبت الموافق
8/ 1/ 1434
22/12/2012
عودة الى الأسرة المسلمة
|