English | اردو
  الرئـيسـية من نحن مشرف الموقع اتصل بنا سجل الزوار
  وراء الأحداث: المعارضة المنضبطة والمعارضة المنططة وعدد الأقباط - وراء الأحداث: الداخلية تعقد ندوات دينية للشرطة والسادات مصير التحالفات الفشل - كتب ودراسات: انطباعاتي حولَ مؤتمر جيل الوسَط بالإسكندرية.. الحلقة الأولى - الدفاع عن الإسلام: هذا هو تاريخ الرفاق - الدفاع عن الإسلام: أزمة الفيلم والصور المسيئة!! كيف؟ ولماذا؟ - وراء الأحداث: حزب النور.. انفجار أم احتواء ؟! ملف خاص - دروس في الدعوة: عبْد الناصر بين التقديس والتبخيس - الذين سبقونا: الشيخ الشعراوى كما عرفته.. الريس بيقول لك أتعدل.. الجزء الثاني - الذين سبقونا: الشيخ الشعراوى كما عرفته أطمئنوا لن يحوج الله بعضي إلى بعضي - دروس في الدعوة: هل يجبر التنظيم الدولة على الحرب؟ - الأسرة المسلمة: المَرأة المُسلمَة والإبداع .. ولماذا اعْتزلت حَنان ترْك ؟ - قضايا معاصرة: عندما سرق الإخوان الثورة .. شهادات الوطن - وراء الأحداث: البابا المنتظر .. من هو ؟! يؤانس أم رافائيل أم بطرس أم كيرلس أم تواضروس - وراء الأحداث: القبض على قاتل شهيدة التحرش والجماعة الإسلامية تستنكر زيارة وزير المرافق - قضايا معاصرة: خدَم إسرائيل في مِصْر .. وخدَمُها في أمْريكَا - وراء الأحداث: المرشح الأوفر حظا ًلكرسي البابوية (1-3) بيشوي.. أم بفنوتيوس؟ - الدفاع عن الإسلام: الجماعة الإسلامية تذكر المسلمين ببيعة رسول الله لنصرته - مقالات: منفرون وفاشلون أيضا - مقالات: إذلال الأمريكان صناعة إسلامية - قضايا معاصرة: حسن نصر الله .. إحنا دَافنينُه سَوَا -  
الاستطــــلاع
هل توافق على بقاء المادة الثانية كما هى فى دستور 71 أم ترى إعادة صياغتها ؟
نعم
لا
لا أهتم
اقتراعات سابقة
القائمة البريدية
ادخل بريدك الالكترونى
القرآن و علومه
الحديث وعلـومه
الأخبار
  • حكم جديد على أحمد عز بالسجن والغرامة
  • انقسام المصريين حيال خطة مرسي المئوية
  • الأسرة المسلمة
  • المَرأة المُسلمَة والإبداع .. ولماذا اعْتزلت حَنان ترْك ؟
  • أم أحمد عبد القادر.. المُناضلة العنيدة التي هَزَمتْ حُكْم الموْت ضد ابنها
  • الطريق الى الله
  • عفة اللسان رأس مال الداعية
  • نصارى الشام يحتجون وبشدة على أقباط المهجر
  • الدفاع عن الإسلام
  • الرسول في فكر فيلسوف قبطي
  • عذرا ً رسول الله.. ما عرفوك بعد
  • من التاريخ

    أحزان داعية في ذكرى يونيه 1967 الحلقة الثانية ـ المشير عامر ما له وما عليه

    بقلم د/ ناجح إبراهيم ـ تعتبر شخصية المشير عامر من الشخصيات التي لعبت دورا ً أساسيا في نكسة يونيه 1967 ..  حيث كان القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية وقتئذ .. وكان متفردا بقيادة العسكرية المصرية دون منازع لعدة سنوات قبل حدوث النكسة.. إذ أن جمال عبد الناصر ترك له هذا الأمر برمته في سابقة عجيبة لم تحدث قبل ذلك ولا بعد ذلك.. إذ دأبت مصر علي أن يكون ملك مصر أو رئيسها هو القائد الأعلى للقوات المسلحة .. وأن يكون رئيس الأركان هو القائد الفعلي للقوات المسلحة .. وأن يكون وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة أو المنسق بين القيادة السياسية والعسكرية وهمزة الوصل بينهما .

    ـ  وقبل أن نتعرض لدور المشير عامر في نكسة يونيه 1967 ينبغي علينا أن نتعرف علي شخصيته من قريب .

    ـ  ولد المشير في قرية أسطال مركز سما لوط  بمحافظة المنيا ..لوالد من أعيان قريته وأثريائها .. وكان عمدة لقرية أسطال .. وتخرج من الكلية الحربية بتفوق ..ودرس وتخرج بتفوق من كلية الأركان حصل علي بعثة عسكرية من بريطانيا وهو يعد أصغر ضابط أركان حرب في الجيش المصري وقتها .. وأصبح الصديق الأثير لجمال عبد الناصر.. وانضم إلي عبد الناصر في تنظيم الضباط الأحرار واقتنع بأفكاره..

    ـ وقد لعب عبد الحكيم الدور الأساسي في ترغيب ودعوة واستمالة معظم الضباط الأحرار الذين انضموا إلي التنظيم بعد ذلك.

    وذلك لما كان يتمتع به المشير عامر من أريحية وكرم وجود وشهامة جعلته محبوبا من جميع زملائه.. ومن المفارقات أن معظم هؤلاء الضباط الأحرار هم من ثمرة دعوة عبد الحكيم عامر لهم .. وليسوا نتاج دعوة عبد الناصر لهم .. ولعل عبد الناصر كان  يدين  بالفضل في ذلك لعبد الحكيم عامر .

    ـ  وعندما قامت الثورة كان عبد الحكيم عامر برتبة رائد في القوات المسلحة المصرية .. وقد رقاه عبد الناصر من رتبة رائد إلي رتبة لواء مرة واحدة .. ليجعله قائدا ً عاما للقوات المسلحة المصرية .. وهذه أول سابقة في تاريخ العسكرية المصرية.. أن يقود ضابط برتبة رائد أعرق جيوش المنطقة العربية كلها وهو الجيش المصري  .. ذلك الجيش الذي قاده من قبل أساطين العسكرية بدء ًمن عمرو بن العاص إلي عقبة بن نافع إلي قطز وبيبرس وقلاوون .. ومحمد علي وإبراهيم باشا وغيرهم ..

    ـ وكانت آخر الفرق العسكرية التي مر بها عبد الحكيم عامر هي فرقة قياده الكتائب.. فكيف يقود قائد كتيبة جيشا ًعظيما مثل الجيش المصري الذي سيواجه تحديات وحروب فظيعة وخاصة أن عامر لا يحب القراءة والدراسة .. ولا يهوي الاحتراف العسكري .. وكان يفضل عليه الانشغال بتشجيع الزمالك.. وتجهيز حفلات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ في ذكري الاحتفال بثورة يوليو كل عام.. بل الاهتمام بكل شيء سوي الأمور العسكرية كما سنوضح بعد ذلك .. ولعل القارئ يتساءل لماذا فعل ذلك عبد الناصر والإجابة معروفة ويعلمها كل من عاش تلك الأيام وهي تتلخص في الآتي .

    1ـ قيام عبد الحكيم عامر بالدعم اللامحدود لعبد الناصر خلال أزمته مع محمد نجيب .. حتى تم التخلص نهائيا ً من الأخير وتحديد إقامته بشكل مهين .

     قيام بعض ضباط المدفعية بما يمكن أن نسميه ثورات كلامية اعتراضيه علي عبد الناصر ومن معه .. وذلك حتى يتركوا الحكم للمدنين ويعودوا إلي ثكناتهم .. وذلك أدي إلي تخوف عبد الناصر من الجيش أن يكرر ذلك .. ولكن بطريقة عنيفة مسلحة تؤدي إلي انقلاب جديد .

    3ـ ترسخ لدي عبد الناصر ومن معه بعد إلغائهم للأحزاب وكل القوي السياسية الأخرى في مصر وكذلك صدامهم مع محمد نجيب ثم صدامهم مع الإخوان .. ترسخ في عقولهم أن الثقة  مقدمة علي الكفاءة .. ولذلك قدموا في كل الميادين أهل الثقة الذين تحولوا بعد ذلك إلي أهل النفاق والطبل والزمر.. وذلك كله علي حساب الكفاءات الحقيقية في البلاد التي لم تجد أمامها سوى السفر خارج البلاد إن استطاعت.. وإن لم تستطع ابتلعت لسانها في فمها وسكتت رغما عن أنفها لأنها كانت تعلم مصير من يعارض ويرفض أو يتكلم أو يعترض .. إذ أن مصيره المحتوم هو السجن أو ماهو أشد من ذلك وأنكى ..

    ـ وهكذا تولي اللواء عبد الحكيم عامر قيادة الجيش المصري العريق تاريخيا وعسكريا وهو في قرابة السابعة والثلاثين من عمره.. وبعد عامين تقريبا ً حدث العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل علي مصر.. وتم في هذا العدوان تدمير سلاح الطيران المصري بأكمله والطائرات جاثمة علي الأرض .. وهذه كارثة عسكرية كبري .. وكان من المفترض أن يقال ويعزل عبد الحكيم عامر قائد الجيش علي هذه الخطيئة الكبرى.. إن لم يحاكم علي الأقل .. ولكن الغريب والعجيب في الأمر أنه ظل كما هو !! بل تمت ترقيته بعد ذلك إلي رتبة المشير!! وهذا الأمر تكرر مرة أخري بنفس السيناريو في نكسة  1967 .. ولو أنه حوسب علي ذلك عام  1956 لما تكرر ذلك في 1967.

    ـ  ومن الطريف والمبكي في ذات الوقت أن موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي إبان حرب يونيه (حزيران) 1967 سئل كيف تكرر خطة ضرب الطيران المصري مرتين ؟؟ .. فقال : إنني أعلم أن العرب لا يقرأون .. وإذا قرأوا لا يفهمون .. وإذا فهموا لا يعملون ولا يطبقون .. وهكذا لخص شخصية أمثال عبد الحكيم عامر ومن علي شاكلته .. وليس شخصيته العرب .. أو الشعب المصري المملوء بالطاقات العظيمة والتي تحتاج إلي قيادة صالحة لتفجر أحسن وأعظم مافيها .. والذي قاده صلاح الدين وقطز وبيبرس وقلاوون ومحمد علي إلي أعظم الانتصارات .

    ـ انقشع غبار معركة 1956 بهزيمة عسكرية ونصر سياسي .. والنصر السياسي لم يحققه عبد الناصر في الأساس .. ولكن أهدته أمريكا وروسيا لمصر .. عقابا منها لبريطانيا وفرنسا اللتين قامتا بهذه الحرب دون إذنها.. وإعلانا من جانبها أن دور بريطانيا وفرنسا في المنطقة قد انتهي.. وعليهما أن يفسحا المجال للإمبراطورية الأمريكية الوليدة لتحل محلها في هذه المنطقة الحساسة.

    ـ  ولكن الإعلام المصري صور الهزيمة العسكرية في صورة نصر عظيم .. حتى إنني وجيلي كله كنا نعد أننا هزمنا الدول الثلاث هزيمة عسكرية لا مثيل لها .. ولم أعلم وأمثالي حقيقة الأمر إلا بعد قرابة ثلاثين عاما من هذه الحقيقة.. وانطلقت الأغاني تمجد النصر وتزينه لأجيالنا .. ومعها وبعدها تمجد عبد الناصر تمجيدا لم يحدث من قبل لصلاح الدين الأيوبي بعد تحريره للقدس .. أو قطز بعد دحره للتتار .. وهكذا كان من المنطقي والطبيعي أن يترقي الرائد / عبد الحكيم عامر من جديد من رتبة اللواء إلي رتبة المشير .. بدلا من محاسبته ومحاكمته أو عزله علي الأقل علي الأخطاء والعسكرية الفظيعة التي حدثت في معركة 1956 ..  وذلك لتقترب المأساة من قمتها ونهايتها.

    ـ وللقارئ أن يقارن بين عدم محاسبة عبد الحكيم عامر.. وبين ماحدث في إسرائيل عقب هزيمة 6 أكتوبر  1973 رغم أن إسرائيل لم تخسر أرضا .. ولم تحتل لها أرض .. إذا تم محاسبة كل المسئولين عن هزيمتهم.. وتم هذا أيضا ً بعد فشل الجيش الإسرائيلي الأخير في حربه مع حزب الله .. وبعد كل فشل يحدث لهذا الجيش .. وتنشر هذه التحقيقات وتطبع منها نسخ للعامة والخاصة .. ويتم عزل كل من ساهم في هذا الفشل .. وذلك بالرغم أن الفشل في العرف الإسرائيلي هو عدم تحقيق النصر.. وليس الهزيمة الساحقة الماحقة كما يحدث عندنا .

    ـ وهكذا اطمأنت مصر لنصرها الموهوم علي العدوان الثلاثي .. وبدلا ً من أن يدفع ذلك عبد الحكيم عامر إلي أن يحوط نفسه بعدد من المستشارين العسكريين المحترفين والمحترمين.. إذا به يحوط نفسه بالفنانين.. والمغنين.. ولاعبي كره القدم .. وقد ساعده علي ذلك كله سكرتيره الخاص الذي كان مشهورا ً بالفساد الأخلاقي وخاصة في جانب النساء والمخدرات.. حتى عرف عن المشير عامر أنه من مدمني الأفيون .. وهذه يعرفها العام والخاص الآن في مصر بل وخارج مصر ..

    ـ وبدلا ً من أن تري المشير عامر ومن معه في المناورات العسكرية.. ومهتما بالشئون العسكرية والإستراتيجية.. تراه دوما مهتما بكرة القدم .. أومانحا هذا الضابط الذي يلعب في الفريق القومي ترقية استثنائية من ملازم أول لرائد لأنه أحرز هدفا في المباراة الفلانية.. أو يعاقبهم لأنهم انهزموا في المباراة الفلانية  .. أو تراه يصلح بين أم كلثوم وعبد الوهاب حتى تغني الأولي من ألحان الأخير.. أو تراه مجهزا ومعدا لحفلات أم كلثوم وكذلك عبد الحليم في ذكري الثورة.. أو حالا ً للمشاكل بين أم كلثوم وعبد الحليم أيهما تسبق حفلته الآخر في مثل هذه الذكري..

    ـ وقد حكي أحد العسكريين المشهورين في الستينات والذي كان مهتما بالرياضة.. وكان قائدا ً للرياضة في الجيش كله .. أنه تحدث إلي الإعلام فمدح النادي الأهلي .. فلما ذهب إلي مكتبه بالجيش في صباح الغد .. رن تليفون قيادة الجيش في مكتبه.. وقيل له إن المشير معك علي التليفون فإذا به يكيل له سبا ً من الشتائم الفظيعة التي يندي لها الجبين .. وذلك لسبب بسيط وهو أن المشير عامر كان زملكاويا متعصبا .. وهذا شأنه الخاص .. أما أن يشغل نفسه بشتم وسب أحد ضباط الكبار الرياضيين لأنه مدح الأهلي في أمر كروي .. ثم يهدده بالخروج إلي المعاش .. فهذا مالم نسمع عنه من قائد أعلي للجيش في أي دولة.. مسلمة أو غير مسلمة ..

    ـ وقد أحاطت بالمشير عامر منذ بداية الستينات شلة فاسدة كان علي رأسها سكرتيره الخاص والذي يقول الجميع أنه كان السبب الرئيسي في إفساد المشير .. وكذلك مدير مكتبه العقيد شمس بدران الذي أصبح في سابقة فريدة وزيرا ً للحربية وهو مازال في رتبة العقيد .. وصلاح نصر مدير المخابرات العامة .. وكأنما عز علي المشير عامر أن يكون هناك رجل صالح أو كفء في القيادة العليا للمؤسسة العسكرية المصرية

    ـ وبتولي العقيد/ شمس بدران وزاره الحربية يكون المشير عامر قد أحكم قبضته تماما علي المؤسسة العسكرية المصرية كلها في الستينات .. ولك أن تتصور ماذا يحدث للضباط ذوي الصلاح والكفاءة والذين يريدون مصالح الوطن وليس مصلحة الثوار إذا تعارضت المصلحتان .. وخاصة أن هؤلاء الضباط الأكفاء الكبار ما كانوا ليقبلوا نفاق ومداهنة أمثال شمس وشلته .. وخاصة أن منهم من هو أعلي رتبة وكفاءة وعلما ً من شمس بل ومن المشير عامر نفسه..

    ـ وكل ذلك أدي إلي نتيجة واحدة وهي تشريد كل الشرفاء وخاصة من كبار الضباط بحجة أنهم ليسوا من أهل الثقة .. وكان معني الثقة وقتها مرادفا لكل معاني النفاق الرخيص والتزلف الدنيء ..  أو  والسير في ركاب الفساد الذي استشري في الجيش المصري وقتها  ..

    ـ حتى علم العامة  والخاصة في الجيش صورية التدريبات العسكرية .. والمناورات الحربية .. وكان معظمها يتم علي الأوراق فحسب..

    ـ ولم تكتف هذه الشلة بذلك بل  حشرت الجيش حشرا ً لا داعي له في كل ميادين الحياة المدنية تحت دعوي أنهم الأجدر بقيادة المجتمع كله .. فعين ضباط الجيش في كل المجالات حتى مديري البريد في المحافظات كانوا ضباطا.. وليس المحافظين ورؤساء المدن والأحياء فحسب .. بل أصبحوا يديرون كل الإدارات .. تحت حجة واهية وهي أن هؤلاء الضباط درسوا علم الإدارة فهم يستطيعون قيادة أي مكان عسكري أو مدني .. فترك الجيش مهمته العسكرية التي لا يقوم غيره بها ..

     وقام بمهمة لا تمت له بصلة ويقوم بها المدنيون المتخصصون أفضل منه أو علي الأقل مثله ..

    ـ حتى إذا جاءت 1965 وجدت قيادة  الجيش المصري  منهمكا ً تماما في التحقيق بكل وسائل التحقيق القذرة المعروفة مع الإخوان المسلمين .. حتى أن وزير الحربية شمس بدران كان يحقق بنفسه كل يوم في السجن الحربي .. فلم يكتف الجيش المصري بالإحلال محل المؤسسات الأخرى .. بل حل محل الشرطة .. مع أن الجيوش في كل دول العالم تنأي بنفسها عن الصراعات السياسية والحزبية ..

    ولا تلجأ إلي أساليب التعذيب لعدوها فضلا عن أبناء وطنها ودينها .

    ـ ورغم ذلك كله فلم يكن للمشير عامر أو للقيادة   العسكرية  المصرية أي دور في اشتعال حرب 1956 أو حرب 1967 .. بل كان جمال عبد الناصر وسياسته العجيبة في استعداء الدول  المختلفة التوجهات كل في وقت واحد – الأثر الكبير في إشعال هذه الحروب

    ـ ولنتحدث مثلا عن حرب 1967 .. فجمال عبد الناصر هو الذي طرد قوات الطوارئ الدولية من سيناء وهي التي كانت تفصل بين مصر وإسرائيل .. وهو الذي أغلق مضايق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية .. وهو الذي أمر بعملية الحشد لاحتياطي الجيش المصري إلي سيناء .. وكل ذلك فعله من أجل الحصول علي مكاسب سياسية .. ولم يدر بخلده أبدا ً أن يؤدي ذلك إلي هذه الحرب التي دمرت مستقبله ومستقبل البلاد كله ..

    ـ وهذه والله من الأخطاء الإستراتيجية الفظيعة والغفلة السياسية الشنيعة .. إذ أن كل هذه الخطوات لا معني لها في قاموس الإستراتيجية عامة .. والعسكرية الإسرائيلية خاصة سوي إعلان الحرب علي إسرائيل التي لا تقبل أن يبدأها أحد بالهجوم .

    ـ ولذا يمكننا القول أن تحميل المشير عامر كل المسؤولية عن الهزيمة يعتبر مجافيا للحقيقة والواقع .. ولكنه كان من أسبابها الرئيسية .. وحتى أخطاء عامر نفسها هي في النهاية خطأ عبد الناصر.. فهو الذي اختاره وقدمه وترك له عنان العسكرية المصرية دون منازع وهو الذي كان يعلم كل شيء عن فساده وقلة كفاءته .. وهذه السابقة لا أظنها تتكرر أبدا ً في العسكرية المصرية

    ـ أما الخطيئة الكبرى للمشير عامر فهو قراره الخاطئ والمتعجل والغير مدروس بانسحاب القوات المصرية من سيناء وذلك بعد التدمير الكامل للطيران المصري علي الأرض ..

    ـ وهذا القرار بالذات سوف نفرد له حلقه خاصة في هذه السلسلة .. لأنه كان سببا في ذبح كل القوات المصرية في سيناء وتدميرها بالكامل.. وأسر عشرات الآلاف من العسكريين المصريين في سابقة مهينه للعسكرية المصرية العريقة لم تحدث لها  من قبل .. ولن تحدث لها إن شاء الله أبدا ً ..

    ـ وقد كان المشير عامر منهارا ً أشد الانهيار أثناء إدارته للمعركة.. وكعادته لم يستشير أحدا ً من العسكريين المحترفين والأمناء .. إذ أنهم لم يكونوا حوله .. أما الذين كانوا حوله وقتها فهم مجموعة من المنافقين.. أو الذين يفهمون ولكن تعودوا علي أن يسيروا في ركب المشير ولا يخالفوه ..

    ـ وكما سيأتي فإن قرار الانسحاب نفسه كان خاطئا وطريقه تنفيذه كانت في غاية السوء .. وذلك نتيجة لانهيار معنويات المشير .. الذي يري البعض مثل الصحفي الشهير هيكل أنه كان صاحب ما يسمي في الطب النفسي المزاج الدوري .. وهذا المزاج الدوري يجعل صاحبة في غاية النشوة والفرحة والسعادة والإحساس  الكاذب بالقوة إذا كان منتصرا ً ..

    وفي غاية اليأس والقنوط والإحباط وفقدان الإرادة إذا ألم به مكروه أو أصابته محنه .. وهذه الحال الأخيرة هي حالة المشير عامر في أيام نكسة 1967

    ـ وكان من الطبيعي والمنطقي أن يعلن المشير عامر استقالته بعد هذه الكارثة الفظيعة .. ولكنه طبعا لم يفعل ولم يكن ليفعل ذلك .. وظن أن هذه المشكلة ستسوي بينة وبين عبد الناصر مثل كل مرة .. حيث كانا يجلسان ويتعاتبان ويبكي المشير قليلا .. ثم يتعانقان ثم يعود لمنصبة وسيرته مرة أخري ..

    ـ ولكن هيهات أن يفعل عبد الناصر ذلك أبدا هذه المرة فقد عزم هو علي الاستقالة ... وأظنه كان جادا ً في ذلك ..

    وقام بعزل المشير عامر .. الذي لم يفهم المرحلة الراهنة واعتكف في بيته ..

    وأرسل إلي قريته بالمنيا فأرسلوا له مجموعة من أقاربه حيث تسلحوا بالأسلحة الخفيفة والثقيلة .. وتحصن معه بعض شلته السابقة .. فحاصرته مجموعة من المدرعات المصرية التابعة للجيش .. وبعد مفاوضات وحوارات شعر المتحصنون أن الدولة عازمة علي الحسم مع عامر ومن معه..  فاستسلموا جميعا ً وتم القبض علي كل من حوله .. واقتيد المشير عامر إلي أحد الفيلات التابعة للجيش حيث حددت إقامته وعينت علية حراسة مسلحة ..

    ـ وقد قيل أن الذي نقله من منزله قوات من الجيش بقيادة الفريق محمد فوزي وزير الحربية الجديد .. والفريق عبد المنعم رياض رئيس الأركان الجديد .. حيث حكي من عاش هذه اللحظات أنها قاما بضرب وصفع وركل المشير عامر وشتمه بأقذع الشتائم .. ومن وقتها علم المشير أن مستقبله العسكري والسياسي قد انتهي تماما ً .. إن لم تكن حياته كذلك..

    ـ وبعد عزل المشير عامر قام أتباعه وحوارييه من الضباط بما يشبه الاعتصام في القيادة العامة للقوات المسلحة وكان علي رأس هؤلاء شمس بدران وزير الحربية السابق .. وكل من كان مستفيدا ً من عبث المشير عامر ..

    وكانوا يطالبون بعوده المشير عامر إلي موقعه السابق .

    ـ فوا عجبا من هؤلاء .. بدلا ً من أن يطالبوا بمحاكمته .. يطلبون عودته لقيادة العسكرية المصرية ليمرغ وجهها في التراب مرة ثالثه ..

    ـ ثم لا أدري كيف كان هؤلاء أغبياء لا يدركون أن الزمان لن يعود للوراء أبدا ً .. وأن عبد الناصر قد بدأ يدرك كل أخطاء حكمه.. ومنها خطيئة تعيين المشير عامر قائدا ً أعلي للعسكرية المصرية .. ولك أن تتفكر في هذا التصرف الساذج لتعلم كيف كانت تدار العسكرية المصرية العريقة بقيادة المشير عامر..

    ـ ولكن الدولة كانت عازمة علي الحسم مهما كان الثمن .. وعلي تصحيح كل الأخطاء العسكرية المصرية السابقة .. فقامت بالقبض علي كل هؤلاء الضباط .. بل وكل من كان يعمل في القيادة العامة من ضباط .. ومنهم أناس مخلصون أكفاء لم تكن لهم علاقة بالمشير .. وتمت محاكمة الرءوس في محكمة عسكرية حكمت علي شمس بدران بالسجن لعشر سنوات .. وحكمت علي آخرين كذلك بمدد مختلفة ..

    ـ أما الضباط العاديين الأكفاء الذين كانوا يعملون قدرا ً في القيادة العامة فقد حددت إقامتهم عاما كاملا ً في الكلية الحربية وعزلوا من مناصبهم .. ثم أعاد السادات الأكفاء منهم وكان لهم دور طيب في نصر السادس من أكتوبر 1973 .. وبعضهم لقي ربه شهيدا ً في هذه المعركة ومنهم علي سبيل  المثال اللواء / أحمد عبود الزمر .. قائد الفرقة 23 مشاة ميكانيكي.. والحائز علي أعلي وسام عسكري مصري وهو نجمة سيناء .

    ـ ولما كانت العسكرية المصرية تعاني من آثار الهزيمة .. وعزل  المشير عامر .. وسجن مجموعة القيادة العامة ووزير الحربية السابق .. كل ذلك مع بقاء المشير عامر .. وكان من المفترض أن يذهب جمال عبد الناصر إلي مؤتمر القمة العربي في الخرطوم بعد عدة أيام .. ولا يمكن أن يبقي رأسان للسلطة في نفس الوقت حتي وإن كان أحدهما معزولا رسميا ً  .. فقد أعلن في بيان رسمي انتحار المشير عامر بتناوله للسم ..

    ـ وسواء كان عامر قد نحر أو انتحر .. فهذه هي النهاية المتوقعة في مثل هذه الأحوال .

    ـ وهكذا أستطاع الفريق فوزي والفريق عبد المنعم رياض القيام بجهد عظيم ومضني لإعادة تأهيل الجيش المصري علي قواعد سليمة ورشيدة .. وما زالت هذه القواعد موجودة ومترسخه حتى اليوم .. ولعلنا نتكلم في مقال قادم عن جهد هذين الرجلين في هذه المرحلة الصعبة والشاقة .. حتى عاد الجيش المصري أفضل وأحسن ما يكون .. وعاد للتأهل لنصر عسكري استحقه عن جدارة في أكتوبر 1973

    ـ وهكذا كان الموت هو النهاية المأساوية للمشير عامر .. لتنهي حقبة مظلمة للعسكرية المصرية .. وتبدأ هذه العسكرية العريقة العظيمة عهدا ً جديدا ً من التألق والرقي والشجاعة والرجولة والإقدام والتضحية والفداء.. ولتكون في قمة تألقها العسكري والإيماني يوم أن هتفت بتلقائية من قلوبها قبل حناجرها " الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر " وهي تعبر أكبر مانع مائي  وهو قناة السويس .. وأكبر مانع عسكري وهو خط بارليف .. لتعيد من جديد أمجاد العسكرية المصرية أيام حطين وعين جالوت .. وبيبرس .. ومحمد علي

    رحم الله الجميع .. وغفر الله للجميع ..


    الإسمحشمت خليفة
    عنوان التعليقمقال ممتاز
    بسم الله الرحمن الرحيم هذا مقال ممتاز يا دكتور ناجح بارك الله فيكم فقد أفادتني المعلومات والصياغة المتقنة جزاكم الله خيرا وفي انتظار الجزء الثالث

    الإسميارب
    عنوان التعليقزيد
    اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا

    الإسمعلى بكساوى
    عنوان التعليقعبد الحكيم ضحية
    لقد تبنيت يا دكتور كل ما أراده عبد الناصر وأعوانه وما يقولونه عن المشير عامر لقد كان عبد الناصر داهية يعمل لصالح قوى خارجية فى المنطقة ، وكان يمرر القرارات من خلال مجموعة من المخدوعين به او المنتفعين من وراءه او من خلال اخرين لهم دور فى خطط ضد هذه المنطقة وضد مصر. لقد اخترت يا دكتور ان تتبنى ما ساد فى وسائل الاعلام بعد قام عبد الناصر بقتل عبد الحكيم عامر الضحية التى كانت الشماعة التى مرر من خلالها مؤامرة الانسحاب . لكن يا دكتور يبدوا ان السجن قد ابعدك عن ما اذيع ونشر فى تلفزيون وموقع قناة الجزيرة وهى تطرح القضية بعيدا عن تكميم الافواه فى مصر التى ما زالت المؤسسات المصرية تعمل بها . لقد تمت لقاءات بين احمد منصور كشاهد على العصر وكل من حسين الشافعى وكانت فيها تعليقات عن الحدث قد توسع رؤيتك عن الموضوع . واحيلك الى شاهد على العصر ايضا فى حلقات جيهان السادات والذى تم تعيينه ليقود مصر بعد الانتهاء عبد الحكيم واحيلك الى حلقات سرى للغاية مع يسرى فودة وهى حلقتين بعنوان الرجل الثانى والتى تم التوضيح فيها قصة كاملة عن دورة ومقتله والحلقات مكتوبة فى مدونتى نقلا عن الجزيرة http://bexawi.blogspot.com كما احيلك الى حلقات تم إذاعتها مرة واحدة واختفى بعدها الرجل وهو حسن التهامى والحلقات اذيعت على قناة اوربت وتبين ماذا حدث فى تلك الايام وما هى الخطط التى تم وضعها للمنطقة ونفذها عبد الناصر . واحيلك قبل كل ذلك الى كتاب لعبة الامم وعبد الناصر للكاتب عبد الستار الطويله لتعرف اننا قد نكون قد رأينا القشور اما ما دار خلف الكواليس فيجب ان تعيش فيه فترة قبل ان تكتب عن الماضى الحاضر حى الان

    الإسمبخيت خليفة
    عنوان التعليقما زالت آثارهم باقية
    سأل أعرابي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ متى الساعة ؟ قال : إذا ضيعت الأمانة . قال : ما ضياعها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة . لكن السؤال الجيد هل تعلمنا من الدروس أم لا وهل رجعت الكفاءة إلى مكانتها أم ما زالت الثقة هي المعيار الأوحد ، إذا كنا خسرنا من قبل الكثير فلنوقف هذا النزيف ،

    الإسممهندس/هانى كدوانى
    عنوان التعليقثورة على الاخلاق
    المتابع لثورة 23يوليو يستخلص الاتى بدء اول مراحل الفساد الادارى القضاء عل جماعة الاخوانالمسلمين استباحة مصر (ضباط الثوره كانو يعيثون فسادا فى الارض الا من واحد فقط يدعة حسين الشافعى) ما فعلته الثوره فى سوريا وخاصتن عبدالحكيم عامر ايام الوحده شئ مخزى كفانا خروج الضباط المصريين من سوريا بالبيجامات اذا اردنا ان نقيم الثورة وجود الملك على حكم مصر على الرغم من سلبياته الا انه كان له ايجحابيات كبيره كفى الملك فاروق رفضه التدخل لقمع الثوره حتى لاتحدث مذبحه

    الإسمعبدالكبير حسن
    عنوان التعليقسؤال لدكتور / ناجح
    مقال رائع يا د/ ناجح وفيه رسائل مهمة جدا لمن يتولي هذه المناصب .. وأتمني أن يقرأ هذا المقال كل ضباط الجيش لتصل إليهم هذه الرسائل الهامة ..والتي تبين أن التاريخ لن يرحم من يتلاعب بمصير البلاد والعباد من أجل نفسه وهواه وعشقه للمنصب .. وأن قيادة الجيوش ليست كأي قياده .. ويبقي سؤال لدكتور ناجح .. هل قول الرسول صلي الله عليه وسلم " إذا فتحتم مصر فأتخذوا منها جنودا فإنهم خير أجناد الأرض " ؟ يبين أن في الحديث سر و معجزة وهي أن مصر يتخذ منها الجنودوليس القاده .. لأن التاريخ علمنا أنه كلما جاء لمصر قائد من الخارج حقق بجنودها المعجزات والأمثلة كثيرة .. صلاح الدين .. قطز . بيبرس . محمد علي .. وابراهيم باشا وغيرهم .. وجزاك الله خيرا .

    الإسم
    عنوان التعليقأين مراجع هذا المقال والمقال السابق
    أرجوا أن لا أتجاوز قدرى مع الدكتور ناجح حينما أطلب منه أن يذكر المراجع التى ساق منها مقاله الرائع سواء المقال السابق أو هذا المقال .... وله جزيل الشكر ... وفى انتظار الجزء الثالث ان شاء الله ( يا ريت بالمراجع ) ... وجزاكم الله خيرا

    الإسمأبو حذيفة
    عنوان التعليقمقال فوق الرائع
    جزاك الله خيرا فعلا مقال رائع وحسبى الله ونعم الوكيل فى كل من أذى المسلمين


    عودة الى من التاريخ

    قضــايا شرعـــية
    منبر الدعوة
    واحـــة الأدب
    خدمات الموقع