|
كلمات شاهدة علي الثورة .. فى ذكراها الثانية ملف خاص
الثورة المصرية العظيمة تحتاج إلى إعادة تأريخ بالاستماع إلى كل من شارك فيها واقترب من أحداثها.
وهنا بين أيدينا في هذا الملف الخاص بمناسبة الذكرى الثانية للثورة روايات من أطباء وثوار وآباء وأمهات لشهداء ومصابين تكشف المزيد من أسرار وحقائق ووقائع هذا الحدث الهائل المتفرد في تاريخ مصر الحديث .
دعونا نحتفل بالثورة في ذكراها بما ينبغي الاحتفال به .. لا بالتخريب والتدمير وإراقة مزيد من الدماء وصناعة المزيد من المآسي.. بل بتذكر أبطال الثورة الحقيقيين والأهوال التي تعرضوا لها.. والتحديات التي واجهوها ونجحوا ببسالتهم ونقائهم وإخلاصهم وتجردهم في تجاوزها وهزيمتها حتى نجحت الثورة وتحررت مصر من الفساد والاستبداد إلى الأبد .
يُخطئ من يظن أن مصرَ ستعود إلى الوراء ، ومن يفكر في ذلك فعليه بمراجعة مثل هذه الملفات الحافلة بالتضحيات العظام.. وأيضاً بالمؤامرات العظام التي تكسرت على صخرة صمود هذا الشعب البطل وشبابه البواسل .
فمن يفكر في استعادة التجربة أطلعناه على طبيعة شبابنا ومستويات تضحياتهم التي نقف عليها في هذا الملف :
أ.د/ محمود محمد سليمان أستاذ بكلية الطب جراحة العيون .. جامعة القاهرة:
يشهد بأنه باشر علاج ما يزيد علي 150 حالة من مصابي التظاهرات بمختلف أنحاء البلاد .. كانت إصابتهم تتمثل في شظايا خرطوش بالعين تدل علي وجود سياسة منظمة من قوات الشرطة لفض التظاهرات .. تتمثل في إطلاق أعيرة نارية وخرطوش علي مستوي رؤوس المتظاهرين أدي إلي إصابة العديد بشظايا في أعينهم أفقدت الكثير منهم البصر .
أ. محمد ضياء الدين عبد السلام معيد بقسم الجراحة كلية طب قصر العيني:
يشهد بأنه في غضون الفترة من 29/1/2011 حتى 4/2/2011 حال مباشرة عمله بقسم الحوادث بمستشفي قصر العيني .. قام بعلاج عدد كبير من المصابين بالأعيرة النارية وطلقات الخرطوش والطلقات المطاطية .. وأنه بتاريخ 28/1/2011 بدأت ترد أعداد من المصابين بالأعيرة النارية .. وأنه تبين من خلال فحصه لتلك الإصابات تعمد مطلق النار إحداث إصابات جسيمة في المصابين .
أ/ أحمد عبد الر حمن أحمد عبد الله طبيب مقيم جراحة مخ وأعصاب .. بمستشفيات جامعة القاهرة:
يشهد بأنه بتاريخ 28/1/2011 حال مباشرته عمله بقسم المخ والأعصاب بمستشفي قصر العيني عرض عليه العديد من الحالات المصابة بطلقات نارية في الرأس .. حيث تمكن من علاج بعضهما وتوفي البعض الأخر .. وانه بتاريخ 2/2/2011 عرض عليه عدد كبير من الحالات المصابة بأعيرة نارية بالرأس وقد تعمد محدث الإصابة قتل المجني عليهم .
مروة متولي عبد العزيز سلامة .. مدرس بقسم طب وجراحة العيون بقصر العيني الفرنساوي.. جامعة القاهرة:
تشهد أنها احد أطباء الرمد الذين عالجوا المتظاهرين يومي الجمعة والأحد 28-29 بمستشفي قصر العيني الفرنساوي .. وكانت تعالج المصابين نتيجة إطلاق أعيرة نارية وخرطوش وقنابل مسيلة للدموع من قبل الشرطة وقامت بإجراء عمليات جراحية لهم نتيجة إصابتهم بحالات انفجار في العين وانفصال شبكي ونزيف في الجسم الزجاجي وتمكنت في العصب البصري .. وأضافت أن لإصابات العين غالبا تحدث عاهة مستديمة .
محمود جلال عبد الحميد رائد شرطة أمن مركزي بقطاع أبو بكر:
يشهد بأنه كان مشرفا علي تشكيل بميدان عبد المنعم رياض بالقاهرة يوم 28/1/2011 .. وقد تم إخطاره بالتوجه لشارع رمسيس .. وشاهد المتظاهرين يقومون بإلقاء الحجارة والمولوتوف علي القوات فتحركه الانسحاب بعد طلبه التعزيزات من رئاسة القوات دون جدوى .. وأن القوات قامت بالتعامل مع المتظاهرين أمام وزارة الداخلية باستخدام السلاح الناري .. وأن سبب الانفلات الأمني انهيار جهاز الشرطة لسوء تقييم إدارة قيادات وزارة الداخلية .. وتتمثل في وزير الداخلية .. ومساعديه الأمن العام .. وامن الدولة .. والأمن المركزي .. ومدير أمن القاهرة .
مني مينا طبيبة بشرية:
تشهد بأنها بتاريخ28/1/2011.. وحال تواجدها بالمستشفي الميداني بميدان التحرير شاهدت عددا ً كبيرا ًمن المصابين بالطوب وطلقات الخرطوش ثم بدأت ترد أعدادا ً المصابين بالطبقات المطاطية .. ثم وردت حالات عديدة مصابة بطلقات نارية .. وقد أعانت الأطباء الموجودين في علاج من يمكن علاجه وتحويل الباقين للمستشفيات المتخصصة .. وأنه كان هناك تعمد لإحداث إصابات جسيمة أو قاتلة بالمجني عليهم .
خالد عبد الحميد ناشط سياسي:
يشهد بأنه حال مشاركته في المظاهرات بتاريخ 25/1/2011 شاهد اعتداءات من قبل أفراد الشرطة علي المتظاهرين لمحاولة تفريقهم .. وبتاريخ28/1/2001 شاهد إسماعيل الشاعر .ز مدير أمن القاهرة وضابطا يدعي هشام العراقي .. معروفا له شخصيا بميدان التحرير .ز حيث تم إطلاق النار علي المتظاهرين بقصد قتلهم .ز وأنه بتاريخ 2/2/2011 شاهد عددا ُ من الأشخاص يقومون بإطلاق النار علي المتظاهرين مستهدفين إحداث أكبر قدر ممكن من الإصابات .
هبه إسماعيل السيد عبد الرحيم .. طبيبة بشرية بوزارة الصحة:
تشهد بأنها شاركت في المظاهرات بتاريخ 25 يناير 2011 وأنها شاهدت عددا ًكبيرا ً من المصابين بالرصاص المطاطي .. وإنها شاهدت اعتداء أفراد قوات الأمن علي المتظاهرين بالرصاص المطاطي ما أوقع عددا ً كبير ا ً جدا ً من الإصابات وإنها بتارخ28/1/2011 شاركت في المظاهرات وشهدت اعتداء أفراد الشرطة علي المتظاهرين وقيام لأحدي المصفحات بالاصطدام بالمتظاهرين أمام دار الأوبرا وإطلاق النار علي وجوه المتظاهرين ما أدي إلي وقوع عدد كبير جدا ً من الإصابات الجسيمة .
رحاب مصطفي كامل هاشم .. مدرس مساعد بقسم الرمد بمستشفي الزهراء الجامعي:
تشهد أنها بتواريخ 28 و29 و 30/1/2011 حال تواجدها بمقر عملها بمستشفي الزهراء الجامعي بالعباسية .. شاركت في علاج العديد من إصابات للمتظاهرين في العين بسبب دخول جسم صلب " خرطوش" بها وتمثلت تلك الإصابات في انفجار في مقلة العين ترتب عليه نزيف بها أو قطع في الشبكية والمياه البيضاء .. وأن نسبة استعادة الإبصار في مثل تلك الحالات لا تتجاوز 5%.
طارق الخولي وكيل مؤسسي حزب 6 أكتوبر :
إني أسمع زئير الأحرار.. وأشم نسائم الحرية".. هكذا قلت لمحمود سامي وعمرو عز زميلي في حركة 6 ابريل علي مقهى البورصة بوسط المدينة قبل 25 يناير 2011 بأسبوعين.. فقد كان منوطا بنا نحن الثلاثة أن ندير فعاليات الحركة في يوم 25 يناير 2011 حيث اعتادت الحركة قبل عامين أن تخرج في نفس اليوم للتظاهر من أجل التنديد بقانون الطوارئ وبانتهاكات الداخلية في عيدهم.. ولكن هذا العام كان الأمر مختلفا فلم نكن نعلم أنها ثورة وان كنا قد شعرنا بأن هناك شيئا مختلفا.
محمد عباس عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة "سابق" وعضو حزب التيار المصري:
في البداية كنت احد شباب الإخوان المسلمين قبل الثورة شاركت بشكل أساسي في وقفات حركة خالد سعيد. كانت الثورة التونسية هي بداية الأمل لنا في تحقيق أي تغير ممكن في هذا النظام الفاسد كما كان للجمعية الوطنية للتغيير نصيب الأسد في توسيع هذا الأمل وكسر حاجز الخوف ثلاثة تبلوهات كانت تمثل الخوف الأعظم للمصريين وهي الخوف البديل والأمل.
أدهم حسن مؤسس حزب الديمقراطي وعضو ائتلاف شباب الثورة:
لم يكن هدفنا مطلقا هو القيام بثورة وإسقاط النظام وإنما نزلنا إلي الميدان ودعونا للتظاهر في عيد الشرطة للمطالبة بمطالب سياسية ترفض التوريث والبرلمان المزيف والمطالبة في المشاركة في وضع دستور البلد وتغيير رئيس الوزراء كان هذا هو أقصي طموحنا في هذه التظاهرات.
لم يكن لدينا خطة.
لم يحدث ما يمكن أن يحدث أن يعطينا الأمل فى نجاحنا في هذه المظاهرات فما بالنا بعد أن انقلبت هذه المظاهرات إلي ثورة تطالب بإسقاط نظام الحكم؟
فهدفنا الأول لم يكن من البداية هو إسقاط الحكم لذلك تشتت شباب الثورة بعد أن نجحت في إسقاط نظام يعلم الله وحده كيف سقط.
أحمد عبد الجواد أمين عام حزب مصر القوية:
لم أكن أتوقع يوما أن تنقلب المظاهرات المنادية بتغيير وزير الداخلية إلي ثورة تسقط النظام وان كانت الثورة في تونس قد ألهمتنا بأن التغيير ممكن وعلي مدار الـ 18 يوما كان أكبر مشهد شهدته مصر حيث اختراق الحواجز الأمنية التي لم يكن أحد يتخيل اختراقها أو تجاوزها أو حتى الاقتراب منها ، هذه الخطوات أحيت الأمل لدي الشعب المصري ورفعت سقف المطالب والتوقعات والطموح وإشارة إلي أن إعلام كلمة الحق قادم لا محالة. كنا نسير في مسيرات حتى الفجر وظل مشهد ميدان التحرير خلال ال 18 يوما مشهدا محفورا في ذاكرة كل مصر وسيظل كذلك. لقد كنا يدا واحدة وبمطلب واحد وهذا ما جعل الثورة تنجح حيث لم يكن لها أهداف متشعبة ولا شخصية وإنما عامة.. النخبة أضاعت حق الشعب
عصام آدم أحد المشاركين في ثورة يناير من أمام مسجد القائد إبراهيم من الإسكندرية:
يقول انشغلت في الأيام التي تسبق الثورة بوفاة شقيقي وكنت في حالة يرثي لها وحينما سمعت عن دعوات حملة كلنا خالد سعيد للتظاهر في يوم 25 نزلت أنا وأصدقائي لمشاهدة ما قد يحدث وكن حينما تأزمت الأوضاع في التحرير شعرنا بأن الأمر ليس تظاهرا عاديا وإنما هو ثورة حقيقية للتغيير ومع ذلك لم يكن لدينا خطة مدروسة لنقوم بتنفيذها. عند سقوط أو شهيد قررنا إلا نغادر أماكنا إلا بعد سقوط النظام خاصة بعد انقطاع الاتصالات النت وانقطعنا عن العمل وضاع الأمل في شيء وزي ما بيقولوا خربانة خربانة بدأنا عمل يفط بالنداءات وتعاملنا مع الشباب علي الفيس بعمل صفحة علي الموقع وصورنا المشاهد السلمية للثورة لأن ظهرت إشاعات بأن هذه المظاهرات فوضوية وتدعو للتخريب تناقشنا مع الشباب واقنعناهم بالعكس وكانت الاستجابة غير متوقعة خاصة بعد موقعة الجمل
والدة شهيد ثورة يناير بدمياط: ابني قتل يوم "جمعة الغضب".. واستقبلته في "صندوق" وليس "بدله فرح":
بقلب حزين وعينين لم تكفا عن البكاء.. وظهر أم انقسم حسرة على نجلها ابن الـ 27 عاماً تتحدث عن حياة ابنها الذي استشهد في أحداث ثورة يناير 2011م، وفقدت بعده بأشهر شقيقه الأكبر ووالده.
ياسر شعيب .. أحد أبناء دمياط وكان يعمل "ترزي حريمي"، حصل على دبلوم صناعي كان هادئا ً ولا يثير خلافات مع الجيران أو زملاء العمل أو الدراسة، بحسب ما أكد شقيقه "التابعي".
تمنى أن يلتحق بكلية الهندسة ولكن شاء القدر أن يمنعه، فحصل على مجموع متوسط.. لكنه استكمل حياته ونجح بمهنته، وبعد تدهور الحالة الاقتصادية بدمياط وتراجع مهنته التي كان يشتغل بها وقت الدراسة.
سافر عام 2005م للعمل بالقاهرة وأقام فيها بصورة مستمرة قبل أحداث 25 يناير تمكن من شراء شقة ومحل قبل الثورة بأيام.
تقول والدته:
"على الرغم من إصراره على السفر للعمل والاستقرار.. فإننا قد رفضنا جميعا ً إقامته نهائيا ً بالقاهرة حتى لا يغيب عن عيني.. ساورنى الشك والريبة من عدم رؤية نجلى بعد قدومه لمحافظة دمياط مرتين في شهر يناير، حيث لم يفعلها من قبل، وفى هذه المرة وجدته تغير كثيرا للأفضل" .
تضيف الأم:
"يوم الخميس 27 يناير اتصل بى، وقال لي إنه استأجر شقة، وسألني إن كانت هذه خطوة جيدة.. وطالبني بالدعاء له فقلت له أنا راضية عنك وقلبي وربى راضيين عليك، وشعرت بقبضة لم أشعر بها من قبل، حيث طالبته بعدم الذهاب للتحرير، ولم تستمر المكالمة سوى ثوان وأغلق هاتفه لانشغاله" .
حاولت الأم مهاتفته يوم جمعة الغضب أكثر من مرة .. ولكنه قد تم فصل جميع الاتصالات:
"حينها شعرت بمقتل نجلى بعدما شاهدت كم القتلى الذين يتساقطون، كنت أتمنى أن أراه عريسا ً.. ولكنه كان يرفض الارتباط قبل تجهيز شقته والاستعداد كنت أريده أن يعود لي ولا يتركني أنا ووالده الذي توفاه الله" .
وفي حالة من البكاء الصامت.. قالت والدة الشهيد:
"ابني قتل بيد النظام السابق يوم 28، وعلمنا بوفاته بعد سبعة أيام من البحث.. كما رفض أبنائي إبلاغي أنا ووالده بالخبر واستقبلته وهو بالصندوق أمام المنزل كي يتم الصلاة عليه.. حيث عثرنا عليه بمستشفى هليوبولس" .
تتمنى والدة ياسر القصاص ممن قتلوا نجلها وكل شهداء الثورة.. ولكنها أيضا تريد أن تستقر البلاد.
وتطالب الثوار "بأخذ الطيب من مصر وتجنب ما فيه خراب لها".
مطالبة الجميع بالانتظار على الرئيس محمد مرسى حتى انتهاء فترة ولايته، وربنا يهديه للصالح.. بخاصة وأنه لم يسرق كما فعل النظام السابق، بحسب قولها.
الجمعة الموافق
13 ربيع الأول 1434هـ
25-1-2013
عودة الى من التاريخ
|