English | اردو
  الرئـيسـية من نحن مشرف الموقع اتصل بنا سجل الزوار
  من التاريخ: النكسة بين الزعيم الملهم.. والشعب المخدوع.. والهزيمة الصادمة - دروس في الدعوة: هل سنظل نقلد الفراعنة؟ - ديوان الشعر: غَـنَّيـتُ مِصْر للشاعرة/ نادية بو غرارة - قضايا معاصرة: مصر الغنيمة السياسية.. ومصر الشراكة الوطنية - اللقاء الأسبوعي: خالد حنفي: لابد من تهيئة الأجواء ووقف الاعتقالات قبل البدء في الحوار - الطريق الى الله: أخلاق الأزمة - قضايا معاصرة: إيقاظ الوعي فرض الوقت - دروس في الدعوة: أحدثكم عن/ ناجح إبراهيم - من التاريخ: ستة قطارات لحكام مصر من عباس الأول إلى الدكتور مرسى - قصة قصيرة: خطوط الجدار - دروس في الدعوة: أسباب نشأة الحركة الإسلامية في إسرائيل - دروس في الدعوة: قتل المدنيين.. صناعة القرن - الأسرة المسلمة: ماذا يحدث عند تضخم الكلية بعد استئصال الأخرى؟ - كتب ودراسات: نيلسون مانديلا.. سيرة مصورة لسجين ألهم العالم - قضايا معاصرة: ماذا يدبر للأزهر في الخفاء؟ - اللقاء الأسبوعي: د/ سيف الدولة :مازائيل اتهمني باختراق المادة الثالثة من اتفاقية السلام - الذين سبقونا: محمد يسري سلامة .. أيها الناس؟ - الطريق الى الله: أخلاقنا.. خلق التوسط والاعتدال -  
الاستطــــلاع
الهدنة في غزة ؟
ستستمر
ستؤدي إلي حل شامل
ستنهار
اقتراعات سابقة
القائمة البريدية
ادخل بريدك الالكترونى
القرآن و علومه
الحديث وعلـومه
الأخبار
  • نشرة المال والاقتصاد ليوم 29/8/2014
  • أخبار الحوادث ليوم29/8/2014
  • الذين سبقونا
  • أم خالد الإسلامبولي.. وداعا يا أم المجاهدين
  • صفحة من حياة ابن عباس
  • من التاريخ
  • رسالة قبل الاعتقال
  • رمز الجدية والرجولة
  • الطريق الى الله
  • يا للرجـــال بلا دِيــن
  • أين الصحوة الإسلامية؟
  • دراسات أدبية ونقد

    ( مؤذن الكيت كات ) لبيرسى كيمب , رواية مؤلمة ....

    ·  حين يتأمل رجل غريب جرحا داميا في ساقك فإنه يملك من الجرأة ما يدعوه بسهولة لأن يضغط بيديه على جرحك ليطهره مما به من صديد دون أن يعبأ كثيراً بصراخك المتوجع, هذا هو ما استطاع أن يفعله الكاتب الانجليزي لأم لبنانية.. [بيرسى كيمب ] وهو يجوب في أنحاء مصر من خلال روايته المؤلمة مؤذن الكيت كات وقد قدمتها جريده الفجر في ملاحقتها الممنوعة لكنها آتت في هذه المرة برواية جديرة بالقراءة استطاع فيها بيرسى كيمب ـ ربما من خلال أصوله العربية لجهة أمة وربما خلال فترة عمله الطويلة في بلاد الشرق ـ   أن يغوص بمهارة في شتى مواضع الألم في الجسد المصري المسجى أمامه في شفافية ووضوح واذا كان الكاتب يمس القضية الأكثر اشتغالا في عالمنا العربي الإسلامي (القدس) لكنه مر في رشاقة بقضايا فرعية كأزمات المرور والفتنة الطائفية والإسلام الأصولي في مصر ولمسها كلها بصورة تنبئك انه بما يخوض فيه عليم أو على الأقل متابع جيد.

    ·  والراوية تستعرض النقاء الأول في دعوة الإسلام ممثلا في الآذان الرّخيم الذي يجذب القلوب بصوت بلال عبد الغني مؤذن الكيت كات والذي يؤديه دون استعانة بمكبرات الصوت ورغم ذلك ينساب ليصل إلى آذان القلوب في سلاسة ويسر ولكي يبلغ بالتجريد غايته وصف كيمب بلال بأنه راع غنم لا يقرأ ولا يكتب لتتطابق أوصاف بلال عبد الغني بسمات أصيله وتميزت بها دعوة الإسلام في مهدها الأول في مكة وفي أوصاف معروفه لرسولها الكريم صلوات الله وسلامه عليه.. ليجمع بين اسم المؤذن الأول وصفات الراعي الأول في الإسلام وبلال مثلما هو مرتبط في تاريخ الإسلام بالأذان ارتبط أيضا بتحمل الإيذاء والصبر على تعذيب المشركين ـ  ثم يشبهه ضابط المخابرات الامريكى بغاندي ليزداد تركيز المؤلف على الصفة الثانية لبلال وهى احتمال الأذى ـ والمقاومة السلمية.

    ·  إن بلالا استطاع أن يجمع قلوب البسطاء بصوته لكنه سرعان ما تحول إلى أزمة سياسية معقدة , أطرافها الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والمملكة السعودية فضلا عن الشعب المصري فقد دعا بلالا إلى مسيرة سلميه إلى القدس لهدم الجدار العازل ثم الصلاة في القدس لكي تكون حائط المبكى ملتقى كل الأديان باعتبار أن المسلمين والنصارى واليهود كلهم إخوة.

    ·  وتتوجس إسرائيل خيفة من هذه المسيرة المهلكة فتثير حليفتها الولايات المتحدة لتحول دون تمام هذه المسيرة ويتوافر الآلاف من شتى أنحاء مصر تلبية لنداء بلال فيضيق بهم البر والبحر وتضج بهم منطقة الكيت كات حتى يصل العدو المتوقع في حسابات الولايات المتحدة إلى الملايين لأن نداء بلال صار الأمل الذي استيقظت عليه امة تعاني الإحباط لقرون عديدة.

    ·  وتدعو المخابرات الأمريكية والبريطانية من خلال عميل مندس بين الإسلاميين إلى أن تكون المسيرة إلى مكة والمدينة مهبط الوحي باعتبار أن الدعوة نشأت هناك أولا ثم تنطلق بعد ذلك للقدس كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج وان كانت الحكومة السعودية حليفه أيضا للولايات المتحدة لكنها ستفطن لحل المشكلة بالتعلق برقبة أمريكا لإنقاذها وسيدفع السعوديون للأمريكان كي يوقفوا المسيرة.. لكن السعوديين اثروا أن يدفعوا للمسيرة فأعلنوا تخصص حصة ثابتة من عوائد البترول للسائرين إلى القدس وتسترد دعوة بلال عافيتها.. بضربة غير محسوبة.

    ·  وفوراً يستيقظ في السفارة الإسرائيلية الطبع الدموي وتطرح خيارها التقليدي بتصفية بلال عبد الغني وإقامة جدار عازل آخر على الحدود الأردنية المصرية السعودية ولكن كل الأطراف تسعى للخلاص من بلال وكل طرف لا يريد تحمل مسئولية الخلاص منه وتبحث المخابرات البريطانية في دفاتر بلال القديمة برحلة إلى أسيوط تتلمس فيها أبعاد الفتنة الطائفية يستعرض فيها المؤلف بعض مثيرات هذه الفتنة ويشير بالا مواربة إلى الأصابع الأميركية ويلتقي رجل المخابرات البريطاني المكلف بالمهمة  بعجوز كانت تقوم على تربية بلال الذي نشأ يتيما وعاش في كنفها سنين عددا لكنها رددت في عفوية :إحسان ..إحسان.. وفي الوقت نفسه يقدم رجل المخابرات الأميركية لعبة أمريكاني يسرد فيها قصة احد البابوات منذ عدة قرون والذي كان امرأة تخفت في ثوب البابا حتى فوجئوا بالبابا يلد فصار التأكد من ذكورية البابا احد الطقوس المعتمدة إلى الآن ومن خلال القصة والاسم الحقيقى لبلال وهو إحسان والذي كان امروا رقيق الصوت أشاعت المخابرات الأميركية أن بلالا ليس رجلا وتتصاعد الإشاعة ويتزايد المحبطون ليندفع احد المهووسين فيذبح بلالا ولا تنقضي عجائب هذه الرواية حتى يقوم احد أنصار بلال بالكشف عن ذكوريته على رؤوس الأشهاد ويضيع حلم بسيط اجتمعت عليه قلوب الملايين لكي تعود هذه الملايين اشد إحباطا, وأكثر تضاؤلا.

    ·   إنها قصة تتكرر نهايتها كثيرا مع اختلاف التفاصيل والشخصيات والبدايات لكنها تنتهي كلها إلى صورة واحدة.. الإحباط..

     

    ·  وخزات بين السطور..

    ·  هل تقول الرواية شيئا غير أحداثها بين السطور؟, إنها تقول الكثير من الحقائق المفزعة على خلفية الصراع في الشرق الإسلامي, إنها تقول أن فعالية الدعوة الإسلامية إنما تكمن في جذورها البسيطة الآذان, طهارة النفوس, اجتماع البسطاء وتأثرهم بينما يضعفها التأثير الخارجي المدسوس بين صفوفها.. والضعف يكمن أيضا في خلافاتها التي تمزق وحدتها.. إنها تقول أن مجرد مسيرة سليمة.. تسترد القدس وتهدد أمن إسرائيل , مسيرة سلمية... تسقط الجدار العازل, إنها مفارقة مؤلمة لو أبرزنا إلى جوارها نصف قرن وأربع حروب دون نتيجة.. إنها تقول أن الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط ليست صناعه محليه إنما تقف وراءها أصابع أمريكية أصوليه إنجيليه تدفع للكنائس والجمعيات بلا حساب.. إنها تقول أن استمرار التدهور في الأمة الإسلامية عبر قرون لا يمكن أن يكون مسئوليه الأعداء أو مسئولية الحكام إنها مسئولية الأمة كلها.

     

    ·  الإسلاميون ودعاوي الاختراق..

    ·  منذ أمد بعيد تاثر ادعاءات عن اختراق الإسلاميين منسوبا إلى الأنظمة العربية حينا والمخابرات الأميركية حينا.. ومثلما جعلها ـ بيرسى كيمب ـ عنصرا دراميا مؤثرا في روايته هذه تظاهرت وسائل الإعلام العربية والغربية على وصم تنظيمات إسلاميه بالتنسيق أو الاختراق والعمالة من قبل المخابرات الأمريكية وهى دعوى كاذبة في كل الروايات لأسباب ترتبط بصميم الدين الإسلامي الذي لا يبيح للمسلم أن يوالى أعداء الله بأي حال وطبيعة الإسلام تنفي وتميز المنافق كما يقول الله تعالى لنبيه عن المنافقين: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ), وعميل رواية بيرسى كيمب يفتح مطعما يقدم البيرة, وهذا غير جائز دينياً لكن هذا لا يمنع أن ينجح عميل الأجهزة الآمن في اختراق صفوف الإسلاميين في واقعه بعينها لكن أمثال هؤلاء العملاء ينكشفون غالبا في وقت محدود بينما يتيح الإسلام الفرصة لكشف الأدعياء في مواضع عديدة كصلاة الفجر أو حضور الصف في الجهاد بعكس الجواسيس الذين يخترقون صفوف الأعداء والتي تقرؤها كثيرا في صراع مصر/ إسرائيل, الحلفاء/ المحور , الولايات المتحدة/ الاتحاد السوفيتي والتي يصل فيها العميل لمناصب عليا ويعيش سنين عدداً دون أن ينكشف, لكن الرواية ربما تصح إذا قيل أن ذلك من خلال تأثير إعلامي أو إشاعات مدسوسة فقد يكون هذا أكثر واقعية.

     

    ·  أصابع الاتهام..

    ·  استوعب الكاتب كل أطراف الصراع في نقده التهكمي الذي يشبه أصابع الاتهام وهو ينتقد الجميع بموضوعية وصراحة تنبئ بمتابعته الجيدة لأحوال وطننا الإسلامي.. فمثلا يرد هارلى الضابط بالمخابرات البريطانية على وصف عادل إبراهيم ـ العميل المدسوس في صفوف الإسلاميين ـ  للأوربيين بالبلهاء فيقول: مهما كنا فلن نصل أبدا إلى درجة بلاهتكم انتم منذ ثمانية قرون وانتم تنحدرون لأسفل.. ولك أن تتعجب كيف يدور حوار كهذا بين ضابط وعميل؟, ويقول على لسان سمير الشواربي ـ احد أصدقاء هارلى ويعمل نكّتاً بأى شئ أي يقوم بجمع النكت السياسية وعرضها على الوزير: أن المصريين شعب مسالم خفيف الدم لا يثور إلا نادراً لكنه لا يمنع نفسه من شن انتقادات لاذعة ووسيلته في ذلك هى النكات, إنها مؤشر شديد الأهمية على المناخ السياسي والاجتماعي في البلد, لكم استطلاعات الرأي, ولنا النكت.

    ·  ويقول على لسان هارلى في توصيف حالة النفرة في مسيرة بلال: لكنهم لن يصلوا أبدا إلى هناك .. دعهم يتحركون ويرغون ويزيدون بعدها يتشاجرون ويتعاركون وبمجرد وان ينطفئ حماسهم سيعودون.. ويقول على لسان مجدي المصري ضابط المخابرات المصري رفيع المستوى (وهو يحاور هارلى بشأن التفاف الناس من حول مسيرة بلال): وعلى من يقع اللوم في هذا؟, ألا يقع عليكم وعلى الإسرائيليين؟, ما الذي فعلتموه لإعادة التوازن؟, لا شىء.. لقد رميتم الحمائم للصقور وتندهشون بعدها لأن حملاً مثل بلال يقع تحت تأثير الذئاب.. وحينما انهارت دعوة بلال يتساءل السفير البريطاني عن السبب ويجيبه هارلي: الذي حدث أن السياسة دخلت اللعبة ودفعت البراءة الثمن, ثم يقول: تماما كما تزرع دودة نشطة في قلب ثمرة فاكهة ناضجة لم يعد الناس يعرفون إلى أين يتجهون, أو كما نقول بلغتنا: لم يعرفوا لأي قديس يضيئون الشموع ترددوا ثم توقفوا وانتهى بهم الأمر إلى أن يتفرقوا والنتيجة: عدد هائل من المحبطين وخائري الهمم.. ويقول على لسان عادل إبراهيم في تسفيه خيار المقاومة السلمية أن الحلول السلمية واللا عنف لا يمكن أن تجدي مع الإسرائيليين لأنهم مبرمجون على الرد بعنف والعدو المسالم يفتح شهيتهم على العنف أكثر وأكثر, سيدي: إن المقاومة السلمية تتوقف على وجود فضائل معينه لدى من توجه ضدهم هذه المقاومة.. وعلى الرغم منه اعترف هاري أن منطقه على شىء من الصواب, ويقول على لسان احد المبشرين رداً على سؤال هاري عن دور الدولة في رعاية الأيتام أمثال بلال: الدولة؟! الدولة لا تهتم بالناس إلا عندما يسببون لها المشاكل.. ويقول في حوار بين هاري والمبشر.. أواثق أنت من أن الأقباط يتلقون تمويلا من الولايات المتحدة؟.

    ·  بعض هذه الكنائس يتلقى دعما ماليا سنويا من الولايات المتحدة يصل إلى خمسة ملايين دولار فلن يضيرهم أبدا أن يرسلوا المجموعة من الأقباط بضع عشرات الألوف من الدولارات لتنفيذ مهمة ما.. هذا لن يجعل ميزانيتهم تنهار.

    ·  ولا يفوته في كل هذه الخيوط المتشابكة أن يسخر من أشياء رآها في القاهرة كالمرور.. لم يكن هاري خائفا مما يفعله المصريون فحسب لكنه كان خائفا.. مما لا يفعلونه.. مما لا يقصدونه.. ويتساءل متعجبا من إيمان المصريين على لسان الأمريكي بوزمان رجل المخابرات: من أين يأتون بكل هذه القوة.. من أين يأتيهم الصبر على الانتظار بصمت إلى ما لا نهاية على أن ينتظروا في كل يوم صلاتهم التي يحفظونها جميعا عن ظهر قلب.

    ·  إنها رواية تشير إلى مواطن الألم وتنكأ الجراح في بساطة قاسية لكنها لا تضع أحداً فوق مستوى المسئولية وهى ترمز لأفكارها المعقدة بمعان بسيطة فالدعوة الإسلامية آذان رقيق, وتخليص القدس بمسيرة سلمية, ومحنه الأمة وتخلفها يرجع إلى عدد هائل من المحبطين وخائري الهمم.

    ·  إنها رواية تستحق أن تقرأها بنفس درجة التدقيق التي تقف به أمام المرآة لترصد الشيب وهو يتسلل إلى مفرقك, أو إلى التكسرات التي أصابت ثوبك الجديد.

     



    عودة الى دراسات أدبية ونقد

    قضــايا شرعـــية
    منبر الدعوة
    واحـــة الأدب
    خدمات الموقع