أجاب عن هذه المشكلة د/ ناجح إبراهيم
- أخي الحبيب الأستاذ /عاصم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- وتحية من عند الله مباركة طيبة وسلاما ً عاطرا ً أرق من نسيم الصباح..
..وبعد..
- لقد انتشرت الرشوة الآن في مصر انتشار النار في الهشيم .. حتى أصبحت شئ عاديا ً .. وأصبحت أكثر مصالح الناس لا تقضي إلا بها ولا تتم إلا عن طريقها . . ومن لا يدفع لن تحل له مشاكله ولن تقضي طلباته المشروعة لدى الجهات الإدارية المختلفة.. وسيدور كالبقرة العمياء في الساقية إلى ما لا نهاية حتى يدفع الرشوة.. وهذه الساقية هي البيروقراطية الفظيعة والإجراءات المعقدة التي يخترعها الموظفون اختراعا ًلمن لا يريد الدفع .
- وأصبح كثير من الموظفين المصريين الآن يفتحون الدرج علانية ودون مواربة أو خجل أو حياء .. وإذا رأي تردداً أو حياء من المواطن صاح فيه قائلا ً:( ضع الفلوس.. مالك خايف كده .. هو أحنا بنسرق ).
- بل إن كثيرا ً من الموظفين الآن قد قاموا بخصخصة وظائفهم الحكومية من تلقاء أنفسهم لصالحهم الشخصي فقط.. ودون أي اعتبار لدين أو قيم أو ضميرا ً أو أخلاق أو حلال أو حرام.
- أخي الحبيب الأستاذ/ عاصم
- أنت من القلائل الشرفاء الذين رفضوا الحرام .. وأبوا أن يطعموا أولادهم من السحت .. لأن "كل لحم نبت من سحت فالنار أولي به" كما جاء في الحديث الشريف.. ولذا فقد حوربت في عملك حربا ً لا هوادة فيها.
- فالمرتشي يكره الشرفاء .. والخائن يكره الأمناء .. ويحاربهم حربا ضروسا ًًلا سلم فيها ولا صلح .
- والغريب أن الخونة..والمرتشين.. والسارقين لا يستحون من أنفسهم ..بل ويجاهرون بحرب الأمناء والشرفاء..ويضيقون عليهم .. ويحرمونهم من حقوقهم الوظيفية ومن العلاوات والترقيات وما شابه ذلك .
- والغريب أن أكثر الشرفاء لا يصلون إلي المناصب القيادية.. ويظلون طوال خدمتهم في الوظائف الدنيا مهما كانت كفاءتهم وأمانتهم.. وهذا يؤدي إلي اليأس من الإصلاح كما يؤدى إلى زلزلة نفوس المصلحين وفرارهم من بلادهم.
- أخي الحبيب / عاصم
- أصعب شئ علي الإنسان الطاهر النقي عفيف اليد واللسان ألا يجد الأمان في وطنه .. ولا يرى التقدير في بلده الذي يحبه ويريد خدمته .. ويفتقد الرزق الحلال في مقسط رأسه .. ليبحث عن الأمان والتقدير والرزق الحلال الوفير خارج وطنه .. فإذا به يجد التقدير لأمانته وكفاءته.. ويجد الرزق الحلال الوفير والأمان في بلد غير بلده وقوم غير قومه.
- وهذا يجعل البعض يزهد في وطنه.. وييأس من صلاح وإصلاح قومه .. وكل هذا لا يصب في مصلحة مصر الغالية التي هي رأس الأمة العربية والإسلامية والمدافعة دوما ً عن الإسلام والعروبة والمسلمين.
- ماذا دهاكٍ يا مصر حتى يكون حالكٍ هكذا ؟ .
- لماذا تفعلين بأبنائك الأوفياء هكذا ؟ .
- لماذا نحرم أنفسنا من الكفاءات النظيفة والشريفة والقوية ؟.
- أخي الحبيب /عاصم
- أنت رجل صالح .. حرصت على الحلال .. واجتنبت الحرام .. وابتعدت دوما ً عن الشبهات .. ومادمت كذلك فلن يضيعك الله .. ولن يضيع أولادك وتذكر قول الله تعالي " و ليخش الذين تركوا من خلفهم ذرية ضعافا ً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا ً سديدا ً " وهذه الآية وإن نزلت فيمن مات وترك وراءه أولادا ً وذرية صغارا ً إلا أنها تصدق أيضا على حالات كثيرة منها حالتك .
- فالرجل الصالح الذي يسافر من أجل واجب أو مباح ويترك أولاده تصدق عليه هذه الآية.
- والمجاهد في سبيل الله حينما يترك أسرته ويذهب للجهاد بعيدا ً وطويلا ً تصدق عليه هذه الآية.
- والأسير والمعتقل والسجين في سبيل الله الذي يترك أسرته وأولاده سنوات طوال تنطبق عليه هذه الآية أيضا ً..وهكذا.
- فثق بالله وكرمه وفضله أنه لن يضيعك ولن يضيع أولادك.. فقد تركت الحرام من أجله سبحانه .. وطلبت الحلال ابتغاء مرضاته سبحانه .. وتغربت من وطنك طلبا ً للرزق الحلال وهي هجرة جائزة بل قد تكون واجبة في حق من هو مثلك .
- أخي الحبيب / عاصم
- ليس هناك في اختيارات الدنيا المباحة خيرا ً محضا ً ولا شرا ًٍ محضا ً..فكل اختيارات الدنيا مهما كانت مباحة أو حلالا ًَ فهي تحتوي النفع والضر والمصلحة والمفسدة .
- الخير المحض والعدل المطلق لا يكون إلا في الجنة.. ومن يؤمل النفع المطلق أو الخير المحض من هذه الاختيارات الدنيوية فقد بعد عن الفهم السديد .
- وعمل المفتي والمستشار والحكيم هو فرز كمية الخير والمصلحة والنفع من كمية الشر والمفسدة والضر في كل اختيار .
- فإذا غلب الخير على الشر.. وفاق النفع الضر .. وزادت المصلحة علي المفسدة أخذنا بهذا الرأي ..وحاولنا تقليل الشر والضر والمفسدة بعمل اختيارات أخري جانبية تعزز وتقلل الضر والمفسدة .
- فأنت تعيش في غربة عن وطنك وأسرتك ولا تستطيع الحياة خارج وطنك دون زوجتك.. وذلك لفتنة النساء الشديدة عليك في هذا البلد .. ولا تستطيع إحضار أولادك جميعا ً .. وزوجتك ترفض فكرة زواجك من أخري تماما ً وتطلب الطلاق إن حدث ذلك .. وأنت لا تطيق استقدام زوجتك وأولادك الصغار وترك أبنك الكبير وابنتك الأصغر منه يعيشون وحدهم في مصر وهم في هذه السن الخطيرة.
- فكل اختيار من هذه الاختيارات له سلبيات وإيجابيات ونفع وضر .. ومصلحة ومفسدة.. هذه هي الدنيا يا صديقي ليس فيها خير محض ولا شر محض في المباحات من اختيارات الدنيا .. ولكنها قطعة لحم يشتبك معها قطعة عظم .. لن تحصل علي لحم صاف أبدا .
- ولذا فإن أفضل الاختيارات التي يكثر فيها اللحم والمصلحة والخير ويقل فيها العظم والمفسدة والشر في رأيي المتواضع أن تجعل زوجتك تمكث مع أولادك جميعا ً في فترة الدارسة ثم تستقدمهم جميعا ً في فترة الأجازة الدراسية ..وهي فترة ليست باليسيرة فهي قرابة أربعة أشهر كاملة .. ولا تترك ابنك وابنتك وحدهما في مصر وخاصة في ظل هذا الفساد الذي يجتاح الشباب اليوم اجتياحا ً .
- فإذا سألتني كيف أقاوم شهوتي للنساء ؟.
- قلت لك قول النبي (صلي الله عليه وسلم) " فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أي وقاية.. وهذا الحديث يصلح لك وللشباب الذي لا يقدر علي تكاليف الزواج .. فالحكم يدور مع علته وجودا ً وعدما ً .. فأكثر من الصيام .. وأشغل نفسك الحق والواجب والمباح والخير حتي لا تشغلك نفسك بالشهوة المحرمة والباطل والشر .. وأكثر من ذكر الله .. وراسل زوجتك باستمرار .. وتواصل معها صوتا ً وصورة عبر النت لتملأ فراغك العاطفي .. وتملأ كذلك فراغها العاطفي .. وتعف نفسك وتعفها .. وتحصن نفسك وتحصنها .. وما لا يدرك كله لا يترك جله.
- وراقب الله في غربتك .. وتذكر أن لك عرضا ً وزوجة وابنة تركتهم وحدهم في مصر.. فإن عففت عفوا .. وإن رتعت رتعوا .. وإن وقعت في الحرام وقعوا .
- ويمكنك أن تحضر إجازة في منتصف العام الدراسي إلي مصر لتعيش معهم ولو أسبوعيا ً يطفئ نار غربتك ويقمع شرور شهوتك .
- وفقك الله للخير والبر والعفة والعفاف وحفظ عليك أهلك وأولادك.. ولك تحياتي ودعواتي . أخوك د/ ناجح إبراهيم. |