الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم
اللهم إنا نسألك أن تصلح ذات بيننا.. وأن تؤلف بين قلوبنا
أمين
ابدأ كلامي لحل مشكلتكِ بما أنهيتِ به عرضك للمشكلة "والله في عون العبد".. فاسأل الله أن يعيننا وإياك للوصول لحل لتلك المشكلة.
وبداية الحل هو "إرادة الحل" بمعنى أن الله إذا علم منك صدقًاً وتجردًا وسعيًا مخلصًا لحل تلك المشكلة.. وكنت بذلك تقصدين وجه الله.. فالله سيكون في عونك إن شاء الله.. وسيهديك إلي أفضل الحلول
وطالما إنك سعيت لعرض المشكلة وطرحها على هذا الموقع تطلبين المشورة والعون.. فأظن أنها بداية صحيحة وخطوة في طريق الحل.. وبالله التوفيق.
أولاً:- الأصل في العلاقة بين الأشقاء أن تبنى على المحبة والاحترام والإيثار.. وهي منظومة قيمية هامة تغرسها الأسرة في الأبناء أثناء فترة التربية.
فترى الكبير يحب ويعطف على الصغير.. والصغير يحب ويحترم الكبير.. وترى الأبناء يجلّون ويحترمون آباءهم.. والإباء من جانبهم يتفانون في خدمة وتربية أبناءهم.
وهذه المنظومة مستمده من شرع الله.. وهي عماد الأسرة وقوام المجتمع.
وهي إن صلحت صلحت الأسرة وصلح المجتمع.. وإن فسدت " فأقم عليهم مأتماً وعويلاً"
ولو نظرنا في بعض آيات القرآن الكريم فيما يخص العلاقات الأسرية لوجدنا قوله تعالى:
"بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ"
وقوله سبحانه:
"وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ"
وهكذا نرى أن الله سبحانه وتعالى دائمًا يأمرنا بالبر والإحسان وصلة الأرحام.. ويؤكد سبحانه وتعالى علي ذلك بقوله:
"وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ"
وعلى هذا يمكننا أن نقرر أن صلة الأرحام أمر وتكليف من الله عز وجل.. لا يسعنا مخالفته بحال من الأحوال.
وهنا أشعر وكأنك تقاطعيني بقولكِ "أنا ما قصرتِ في وصل الأرحام.. ولكني أجد صدًا من الجانب الآخر.. وأنا كلما قدّمت وصلاً وجدتِ قطعًا.. وكلما أردّتِ قربًا وجدتِ بعدًا"
وهنا تأتي العقدة وتكون الحيرة ويبرز السؤال:
ماذا افعل؟؟؟
وهنا يأتي الجواب الشافي في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم).. فعندما جاء رجل إلي النبي (صلى الله عليه وسلم ) وقال:
"يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني.. وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ.. وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ.. ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".. والمل: هو الرماد الساخن.
فمن وصل من قطعه.. وأعطى من حرمه من ذوي أرحامه.. فكأنما يذيق القاطع ناراً ورماداً ساخناً.
ولعل هذا الحديث العظيم قد نزل علي قلبك كالبلسم.. وعلي نفسك كالترياق.
نعم.. فقد علمت الآن أن الله لن يحرمك أجر وصلك لرحمك.. وأجر تحملك لأذاهم.. وكفى برضي الله سبحانه وتعالى رضي.
هذا فضلاً عن البشرى التي بشر بها النبي (صلى الله عليه وسلم) واصلي الأرحام فقال:
"من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره.. فليصل رحمه"
كما أنه صلى الله عليه وسلم يربطها بالإيمان فيقول:
"من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه.. ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليصل رحمه"
وهكذا تتوالى البشريات تترا علي من يصل رحمه طاعة لله سبحانه وتعالى.. حتى وإن وجد منهم جفوة.. أو قابلوه بصدٍ.. أو ناله منهم أذى.
ثانياً:- ورد في رسالة حضرتكِ إن شقيقتك طلبت منك عدم حضور زفاف أحد أشقاءك.. وهنا لم تذكري حضرتك سبب منعها.
وهذا مهم أن يذكر الإنسان ما له وما عليه وأن يحيط من يتصدون لحل مشكلته بكل جوانبها.. ولا يستنكف أن يذكر الأخطاء التي وقع فيها.
فليس من المعقول أن تكون شقيقتك الكبرى طيبة وكريمة و.. و.. و... وتمنعك دون مبرر من حضور زفاف شقيقك.. فهذا غير منطقي.. لابد أن تكون لديها أسباب.. حتى لو كانت أسباباً باطلة أو واهية.. ولكن لابد من وجود أسباب.
ومن أراد حل أي مشكلة فعليه أن يبحث أولاً عن عيوبه قبل عيوب الآخرين.. وأخطائه قبل أخطائهم.. فيعالج عيوبه وأخطاءه ثم يطلب من الآخرين أن يعالجوا عيوبهم وأخطاءهم.. فإن صححوا فبها ونعمت.. وإن لم يفعلوا فلا ضير عليه.
وعموماً فإني أقول لك إن حضورك لزفاف شقيقك من صلة الأرحام.. ويجب أن تفعلي ذلك طاعة لله.. إلا إذا كان في الحفل أي معصية لله.. إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
ثالثًاً:- سردتِ في قصتك أنك تلاحظين غيرة من قبل شقيقتك.. ودللت علي ذلك بـ (قصة شراء السيارة) وكذلك (قصة الموتوسيكل) وهكذا.
وهنا أتمنى أن تقفي مع نفسك وقفه وتتساءلي:
هل ما تفعله شقيقتك فعلاً "غيرة" وليس له أي تفسير إلا الغيرة؟!!!
أليس من الوارد أن يكون توقيت شراء السيارة محض قدر.. وليس بسبب الغيرة التي تشعرين بها أو تتوهمينها؟
أليس هناك احتمال لأن تكون شقيقتك تعاني في هذه الفترة من ضغوط نفسيه أو عصبيه - سواء بسبب الأولاد أو الزوج - تؤثر علي علاقاتها بك وبغيرك؟.
أليس من الممكن أن يكون هناك تسرع في الحكم من جانب حضرتك؟
أليس من الوارد أن يكون صبرك قد نفد مبكراً؟
أقول كل هذا لحضرتك لأفتح أمامك مساحات للعفو والصفح الجميل.
رابعأ:- المسلم لا يعرف اليأس.. فكما حاولت وصل رحمك أكثر من مره وحاولت أيضًا ترطيب العلاقة بينك وبين شقيقتك قبل ذلك.. فاعلمي أن هذا كله ليس نهاية المشوار.. ولكن بدايته.
بل عليك أن تكرري المحاولات وأن تلجئي إلي أساليب جديدة ومبتكره لترقيق القلوب.. وكذلك استخدام الطرق غير المباشرة كإرسال هدايا مع قريب أو صديق مثلاً.
وكل هذا يتطلب اللجوء إلي الله والاستعانة به، ودوام الدعاء بإصلاح ذات البين.. وصدق النية والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم الذي يلبّس الأمور.. ومحاولة فهم الأمور علي محملها الحسن (إحسان الظن)
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح ذات بينكم.. وأن يؤلف بين قلوبكم
آمين
ملحوظة هامة:-
على كل من لديه رأي أو حل آخر للمشكلة أو أي مشكلة أو تصور آخر للحل.. فعليه أن يكتبه في التعليقات.
إثراء للموقع وإضافة لهذا الباب الهام منه.. وتطويراً له.. وجزاكم الله خيراً
الثلاثاء الموافق
22-8-1431هـ
3-8-2010م
|