|
التقديم والتاخير فى القران الكريم إن للتقديم أسراراً بلاغية رائعة . و قد استخدم القرآن أسلوب التقديم و التأخير لعلل بلاغية جميلة نلقى نظرة على بعضها .
1- التبرك :
كتقديم اسم الله فى الأمور ذات الشأن . و منه قوله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم ) . إنما قدم إسم الله هنل للتبرك بإسمه الأعظم
و كقوله تعالى : ( و اعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل )
فإن الله تعالى هو الغنى فلا يأخذ شيئاً من الغنيمة إنما ذكر اسمه تبارك و تعالى أولاً للتبرك .
2- التقديم للتشريف :
كتقديم الذكر على الأنثى
كقوله تعالى : ( إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات و الصادقين و الصادقات و الصابرين و الصابرات و الخاشعين و الخاشعات و المتصدقين و المتصدقات و الصائمين و الصائمات و الحافظين فروجهم و الحافظات و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجراً عظيما ) الآية (35) الأحزاب .
فقدم فى الآية الرجال على النساء لأن الرجال أشرف و أعظم من النساء
و كتقديم الحر على العبد
كقوله تعالى : ( الحر بالحر و العبد بالعبد و الأنثى بالأنثى )
فلما كان الحر أشرف من العبد قدمه عليه
و كتقديم الحى على الميت
كقوله تعالى : ( يخرج الحى من الميت و يخرج الميت من الحى )
لما كان الحى أبقى من الميت و أحسن حالاً بدأ به
و كتقديم الخيل على البغال و البغال على الحمير
فى قوله تعالى : ( و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة ، و يخلق ما لا تعلمون )
لما كان الخيل أفضل من البغال قدم عليه و لما كانت البغال أفضل من الحمير قدمت عليها .
3- التقديم للتعظيم
كقوله تعالى : ( و من يطع الله و الرسول )
و كقوله تعالى : ( إن الله و ملائكته يصلون على النبى ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما )
4- المناسبة
أى أن التقديم يناسب السياق و المعنى و الغرض المطلوب
كقوله تعالى : ( و لكم فيها جمالٌ حين تريحون و حين تسرحون )
فقدم ( تريحون ) و هى عودة الأنعام من المرعى على ( تسرحون ) و هى خروجها صباحاً إلى المرعى و ذلك لأن الله يمتن على عباده بهذه النعم ، فجمال الأنعام حين عودتها من المرعى أجمل و أعظم لكونها قد أكلت و امتلأت ، أما فى حال خروجها صباحاً إلى المرعى فهى جائعة . فجمال الأنعام فى عودتها من المرعى لا فى ذهابها صباحاً إلى المرعى .
لذا قدم ( تريحون ) على ( تسرحون )
و كقوله تعالى : ( يريكم البرق خوفاً و طمعاً )
فقدم ( خوفاً ) و هو الصواعق على ( طمعاً ) و هو المطر لأن الصواعق تقع أولاً ثم تهطل الأمطار بعد ذلك .
5- الحث عليه و الحض على القيام به حذراً من التهاون به
كقوله تعالى : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين )
فقد قدم الوصية على الرغم من أن الدين يقدم على الوصية شرعاً ، ذلك ليذكر الناس بعدم التهاون فى أمر الوصية .
6- السبق فى الوجود
كقوله تعالى : ( الله يصطفى من الملائكة رسلاً و من الناس )
فقدم الملائكة على الناس لأن الملائكة مخلوقة قبل البشر
و كقوله تعالى : ( لا تأخذه سنة و لا نوم )
لأن السنة و هى مقدمات النوم تكون قبل النوم . فالله تعالى الملك العظيم لا تأخذه السنة و هى مقدمات النوم و لا النوم نفسه سبحانه فهو منزه عن كل نقص و عيب .
و كقوله تعالى : ( قل لأزواجك و بناتك )
لأن الأزواج قبل الذرية
و كقوله تعالى : ( إن الله اصطفى ىدم و نوحاً و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين )
فقد قدم آدم على نوح و نوحاً على آل إبراهيم و آل إبراهيم على آل عمران مراعاة للسبق فى الوجود
و منه قوله تعالى : ( و أنزل التوراة و الإنجيل من قبل هدىً للناس و أنزل الفرقان )
فقد قدم التوراة على الإنجيل و الإنجيل على الفرقان ( القرآن ) مراعاة للسبق لأن التوراة قد أنزلت قبل الإنجيل و الإنجيل قد أنزل قبل الفرقان .
7- السببية
كقوله تعالى : ( و هو العزيز الحكيم )
لأنه عز فحكم لأنه عزيز لا يغلبه أحد حكم
و منه قوله تعالى : ( إياك نعبد و إياك نستعين )
فقدم العبادة على الدعاء لأن العبادة سبب فى إجابة الدعاء
و كقوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم )
فقدم غض البصر على حفظ الفرج ذلك لأن غض البصر من أعظم الطرق لحفظ الفرج و إطلاق البصر إلى المحرمات من أكبر الطرق التى تؤدى إلى الزنا فأقصر طريق إلى القلب هو النظر .
8- التقديم مراعاة للكثرة
كقوله تعالى : ( فمنكم كافر و منكم مؤمن )
لأن الكفار أكثر من المؤمنين
و كقوله تعالى : ( فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات بإذن الله )
فإن الظالمين لأنفسهم أكثر من المقتصدين و المقتصدون أكثر من السابقين بالخيرات
و كقوله تعالى : ( و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا )
فقدم السارق لأن السرقة فى الرجال أكثر منها فى النساء
و كقوله تعالى : ( و الزانية و الزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )
فقدم الزانية على الزانى لأن الزنا فى النساء أكثر
9- التقديم للترقى من الأدنى إلى الأعلى
كقوله تعالى : ( أ لهم أرجل يمشون بها أم لهم أيدٍ يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها )
بدأ بالأدنى لغرض الترقى لأن اليد أشرف من الرجل و العين أشرف من اليد و السمع اشرف من البصر .
عودة الى من علوم القرأن
|