|
لبيك اللهم لبيك .. نغمة كون ومنهج حياة بقلم/ تراجي الجنزوري
قرأت.. نظرت.. تأملت .. دققت.. فإذا الكون كله شعاره.. نغمته "لبيك اللهم لبيك"
لبيك .. التي تعني إجابة بعد إجابة.. وطاعة بعد طاعة
لبيك .. التي تقتضي القبول الذي ينفي الرد والانقياد الذي ينفي الرفض.. مع كمال الحب وكمال الذل
لبيك..التي تلزم فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي.. في الوقت الذي ينبغي
" ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" .
شعارهم: " لبيك اللهم لبيك "
" وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " .
يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
"هي كل يوم تسجد تحت العرش تستأذن ربها في أن تشرق .. فيأذن لها فتشرق.. ولسان حالها " لبيك اللهم لبيك "
" لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ "
شعارهم: " لبيك اللهم لبيك "
لبيك اللهم لبيك منهج حياة
لما كان الكون كله شعاره "لبيك اللهم لبيك ".. فمن باب أولى أن يكون هو منهجنا في تلك الحياة
لبيك .. التي تعني الخضوع المطلق والاستسلام التام :
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ".
لبيك اللهم لبيك
لبيك.. التي تقتضي ألا يجدك الله حيث نهاك.. وألا يفتقدك حيث أمرك
لبيك.. التي تلزم تقديم محاب اله على محاب الأنفس عند غلبت الهوى
لبيك..التي بها يكون شعارنا "بل عبد يا مولاي" ..عبد ذاهب عن نفسه.. مقبل على ربه.. متعلق بأمره.
إذا تكلم فبالله.. وإذا سكت فمع الله.. وإذا تحرك فإلى الله.. فهو بالله ومع الله وإلى الله .
وهذا يوجب علينا أن نسعى جاهدين لأن يكون منهجنا في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والحكم "لبيك اللهم لبيك".
لبيك اللهم لبيك.. مصدر السعادة
" وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً " .
" وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً " .
" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" .
إبراهيم .. إسماعيل..هاجر: عليهم السلام يأتيهم الأمر بترك البلد .. ثم بذبح الولد.. فكان الجواب: " لبيك اللهم لبيك ".
وكانت بركة الاستسلام أن فجر الله لهم زمزم طعام طعم ودواء سقم وهي لما شربت له.. ثم" َفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ " فكان مصدر سعادتهم أن رفعوا شعار " لبيك اللهم لبيك "
وأنت أيها الحبيب لم تؤمر بترك البلد ولا بذبح الولد.. بل أمرت بصلاة الفجر والجماعة وغض البصر وحفظ اللسان والجوارح وسلامة القلب.
ونهيت عن أكل الحرام والغيبة والنميمة.. فمن باب أولى أن يكون حالك "لبيك اللهم لبيك".
أم موسى عليها السلام .. يأتيها الخطاب:
"وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ " .. فقالت: "لبيك اللهم لبيك" فألقته.
فكان ذلك مصدر سعادتها:
" فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " .
صحابة النبي.. لما نزل تحريم الخمر ".......فاجتنبوه "قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا".. لبيك اللهم لبيك .. وصارت المدينة أنهارا ً من خمر من سرعة استجابتهم لتنفيذ الأمر .
سوف يعلو الشعار مع نهاية سورة البقرة:
" وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ ".. فشق عليهم الأمر.
فقال لهم (صلى الله عليه وسلم): " قولوا سمعنا وأطعنا"
فقالوا: "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" ..فرفع عنهم هذا الأمر بقوله :
" لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ".
وذلك بسبب قولهم "لبيك اللهم لبيك"
وكذلك نساء الأنصار لما نزلت آيات الحجاب شققن مروطهن وخرجن وكأن على رءوسهن الغربان.. استجابة وتلبية لأمر الله.. فقالت عنهن عائشة: "نعم النساء نساء الأنصار.. فكانت " لبيك " مصدر سعادتهن" .
ومقارنة بما كانوا عليه وما نحن عليه نجد البون شاسع في التعامل بهذا الشعار .
من أجل ذلك صار بيننا وبين السعادة بون شاسع .
أين "لبيك اللهم لبيك" في أخلاقنا.. في سياستنا.. في اقتصادنا.. في حكمنا.. في........؟
الثلاثاء الموافق
12-12-1432هـ
8-11-2011
عودة الى الطريق الى الله
|