|
هكذا ترتقي الأخلاق بأهلها بقلم/ تراجي الجنزوري
" لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ "
لقد جعل الله عز وجل الغاية من إرسال محمد (صلى الله عليه وسلم): التربية والتهذيب والتأديب
وما عني الإسلام بشيء عنايته بالأخلاق .. فقد عني بها عناية عظمى.. وأولاها ولاية كبرى.. حيث جعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الغاية والهدف من مبعثه.. هذا الأمر.. "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
والعبادات التي شرعت في الإسلام .. جاءت تزكية لهذه الغاية
فالصلاة.. " إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ "
والصيام.." كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
والزكاة.. " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم "
والحج.. " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ "
في الميزان.. "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق"
مع الإيمان.. " أكمل الناس إيمانا أحاسنهم أخلاقا "
في الجنان.. بشر صاحبك بمرافقتي في الجنة
من القائل.. ولمن قيلت.. وما المناسبة ؟
القائل.. هو الصادق المصدوق
ولمن قيلت.. قيلت لمن يستر العيوب
والمناسبة..
إمام أهل الكوفة.. يصلي العشاء بالناس.. ثم يتوجه لبيته.. قاصدا ً سريره..
اضطجع على شقه الأيمن.. وقال: باسمك الله وضعت جنبي وبك أرفعه.. واستغرق في النوم.. وبينما هو كذلك.. جاءه النبي (صلى الله عليه وسلم)..وقال له: "بشر جارك فلان بمرافقتي في الجنة".
فتعجب الإمام.. وقال في نفسه.. ما الأمر ؟
هذا الرجل لا يصلي إلا المفروضة..ولا يصوم غير رمضان.. ولم يحج بعد..ولم أره يوما في صفوف المجاهدين..
وبعد صلاة الفجر..
انتظر الإمام في المسجد حتى أشرقت الشمس.. عندها ذهب إليه مسرعا ًمبشرا ً:
أبشر جاري الكريم بمرافقة النبي الكريم في الجنة.. وأقسم عليك إلا أخبرتني..
ما الذي بينك وبين ربك ؟
فرد عليه: حالي كما رأيت لا آتي غير المفروضة.
فقال الإمام: أخبرني بالله عليك ..
قيمة حسن الخلق..الستر
قال : تزوجت امرأة.. وبعد أربعة أشهر وضعت..
الأمر واضح وضوح الشمس.. إن طلقتها.. فلن يلومني أحد.. إن فضحتها.. فلن يعاتبني أحد.. وإن فعلت وفعلت..فلا تثريب علي.. فقلت في نفسي: سأسترها لوجه الله
فقال الإمام: ماذا فعلت؟
قال: لما جاءها المخاض.. وحانت لحظة الوضع..أتيت بمولدة من مكان بعيد لا تعرفنا ولا نعرفها.. فولدتها.. وأعطيتها أجرتها..وانطلقت
وفي صلاة الفجر
كان الإمام في الركعة الثانية.. فأخذت الغلام ووضعته خلف باب المسجد ..
ودخلت في الصلاة.. وسلم الإمام.. وصرخ الغلام.. وانطلق الناس مسرعين إليه..
الكل يقول: ابن من هذا؟ .. ماذا سنفعل؟
أتممت صلاتي.. واتجهت نحوهم.. سألت نفس الأسئلة..
وقلت لهم: لا عليكم.. دعوه أكفله لكم.. ورددته إلى أمه كي تقر عينها
وسترتها ابتغاء وجه الله
فقال الإمام: هكذا ترتقي الأخلاق بأهلها .
أين الستر ؟
ابحث عليه في إعلامنا.. في مقالاتنا.. في نصحنا.. في وعظنا.. على شاشاتنا..
هل ستجده ؟
أظن أن الإجابة واضحة .
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض
الثلاثاء الموافق
4 ربيع الأول 1435 هـ
7-1-2014
عودة الى الطريق الى الله
|