|
عبدٌ يَشْدو بِمَدحِكَ والإعْياءُ يُفْحِمُه بقلم/ حسين القاضي
اليوم الثلاثاء نهار 26 رمضان.. وفى المساء يُكثر المسلمون من التوجه إلى ربهم بالدعاء آملين في ليلة القدر المباركة.. ولست أجد حديثاً أفضل من الحديث عن: "عشق قلبي".. بعيداً عن صخب السياسة والتيارات والأحزاب والانتماءات.
إنه عشقُ قلبي، وصفاء روحي، ونور بصيرتي، هو عين الرحمة، وسر الاصطفاء، ومحبوب الحق، هو الذي انطوى الفؤاد على محبته، والتعلق به، وتوقيره، وموالاته، ونصرته.
إنه مولانا الكريم وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلاصة سر الاصطفاء، والسر الواصل بين آفاق الربوبية، وأعماق العبودية.
لقد جمع الله أرواح الأنبياء والمرسلين.. وتجلى عليهم جميعاً..وشرَّفهم بخطابه.. وأخذ عليهم الميثاق.. ولقد كان (عشق قلبي) هو المقصود من هذا الجمع.. أليس هو نبي الأنبياء، وسيد الأصفياء، وصفوة الأتقياء، ومظهر الاجتباء، وعين النقاء، ومعدن الجود والعطاء.
عن عرباض بن سارية صاحب رسول الله، قال سمعت رسول الله يقول:
"إني عبد الله وخاتم النبيين وأبى مجندل في طينته.. وسأخبركم عن ذلك.. أنا دعوة أبى إبراهيم.. وبشارة عيسى.. ورؤيا أمي آمنة التي رأت.. وكذلك أمهات النبيين يرين".
في آخر ليالي رمضان نتعلق بمن تلقى القرآن، وبني الإنسان، وغرس الإيمان، نتعلق بمن نشر المعارف الإلهية، والعلوم الربانية.
دع باذلَ النفسِ من شوقٍ وما بذلا ما الحبُّ يا مدَّعى إلا الذي قتلا
الشوق يسحقني والبينُ يمحقني وكلما استعرت نار الغرام حلا
يا سيد الرسْلِ عبدٌ حائرٌ قلقٌ أمام بابك حط الرحلَ وابتهلا
يشْدو بمدحِكَ والإعْياءُ يُفْحِمُهُ حتى ولو أحسن التغريدَ والزجلا
فاقبل مديحي على علاَّته كرما فأنت أكرم من أغضى ومن قَبِلا
"عشق قلبي" هو رسول ورسالة، وأمة ومنهج، وكتاب وتشريع، لقد علَّم وأنذر وقضى وكاتب وقاد وصاغ وصنع ونشر وشرح وأسس وربط.
علَّم الخُلُقَ العظيم، أنذر بالوحي، قضى بين الناس، كاتب الملوك، قاد الجيوش، استقبل الوفود، صنع الأمة، صاغ الرجولة، نشر الرحمة، شرح مناهج التفكير، أسس الحضارة، ربط الناس بالله.
ومن فاته كثرة الصيام والقيام فعليه أن يشغل نفسه بالصلاة عليه.. ليدخل إلى باب الأوصاف الشريفة.. فإنك لو فعلت في جميع عمرك كله طاعة.. ثم صلى عليك صلاة واحدة.. رجحت تلك الصلاة الواحدة كل طاعاتك.. لأنك تصلى على قدر وسعك.. والله يرد حسب ربوبيته (من صلى علىَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا).. والصلاة عليه لا لحاجته إليها.. وإنما لإظهار تعظيمه وشكره.. لأنه أصل الهداية وولى النعم.
والأوصاف الشريفة لا تكون إلا لمن أحبه وعشقه.. وصفت أوصافه وأحواله.. وخلصت أعماله.. وصدقت أقواله.. ولا يُظهر من الخير ما ليس فيه.. ولا يكتم من حاله ما الله مبديه.. فإن المعاني لا تنال بالتواني.. ولا تثبت بالأماني.
فيارب أحسن بخير الخلق خاتمتي واغفر بجاه شفيع الأمة الزللا/
أزكى صلاة على الهادي وأطيبها ما لاح بدر الدجى في الأفق أو أفلا
ويا رب.. ألحقنا به على الإيمان الكامل، والمحبة الكاملة، وأحينا على متابعته ومحبته، واجعلنا تحت لوائه.. أيدينا بيده.. ومثل ذلك لمن يقرأ هذه السطور، ومن ينسخها، ومن يسمع هذا الكلام.
كان معي في كتابة هذا المقال:
حل الرموز للعز بن عبد السلام، والتحفة لابن عطاء، وصائد اللؤلؤ للشيخ أسامة السيد الأزهري، وشعر الشيخ محمد مسعود الزليتني كبير أئمة مسجد عبد الرحيم القنائي.
الأربعاء الموافق:
27-9-1433هـ
15-8-2012م
عودة الى الطريق الى الله
|