|
الإعلان الدستوري .. وأعراضه الجانبية بقلم د/ ناجح إبراهيم
الإعلان الدستوري أشبه بعلاج أعراضه الجانبية أكثر من فوائده .. والمصريون أصبحوا حساسين من أي شيء يشتمون فيه رائحة الديكتاتورية.. حتى وإن كانت فيه فائدة لهم.
الإعلان الدستوري كان يحتاج إلي دراسة جدوى حقيقية وموضوعية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدولية.. وأظن أن هذا لم يحدث .. ولكن أرجو أن يحدث في القرارات القادمة بإذن الله .
كل من يستعدي الغرب على مصر سيلفظه التاريخ قبل أن تلفظه القلوب وسيصنف مع الضابط "خنفس" الذي خان عرابي ومع الخديوي توفيق الذي استعان بالانجليز ضد عرابي .
كل الأطراف السياسية المصرية المشتبكة الآن في صراع الإعلان الدستوري المؤيد منها والمعارض يعمل بمذهب الرئيس جورج بوش الابن "من ليس معي فهو ضدي" .. فلا يقبل كل منهما رأيا ً وسطا ً يجد صوابا ً في جانب.. وخطئا ً في آخر .. فكل منهما يريد منك أن تصوب رأيه مطلقا ً .. وتقف في خندقه بلا قيد أو شرط .. وتحارب معاركه وأنت معصوب العينين .. فالفصيل أهم من الوطن .. والمعارضة أغلى من مصر .. وهكذا في النهاية نقتدي جميعا ً بجورج بوش الذي كنا نلعنه ونلعن مذهبه قبل ذلك.
معركة المؤيدين والمعارضين للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي انفلت عيارها وانزلقت إلي تحطيم مقرات الحرية والعدالة والاعتداء البدني على د/ سيد البدوي الذي سمعته قبل الاعتداء عليه بيوم وهو يشدد النكير على من اعتدى على مقرات الحرية والعدالة .. ويعتدي علي أولاد د/ عمر ويحرق مقر اعتصامهم رغم أنهم ضربوا نموذجا ً راقيا ً في التحضر
هذه المعارك بين المؤيدين والمعارضين للإعلان تمزق الوطن .. وهي أشبه بالمعارك الصفرية التي لا غالب فيها ولا مغلوب .. فالكل خاسر باستثناء إسرائيل التي تربح من مثل هذا الصراع الداخلي .. وأعداؤنا يريدون مثل هذه النيران مشتعلة دوما ً في الوطن .. بحيث "لا يموت الذئب ولا يفني الغنم".
لماذا لم يفكر متظاهرو شارع محمد محمود يوما ً في جندي الأمن المركزي الغلبان الذي يظل في خدمته 12 ساعة وهو خلف المدرعة التي تضرب المتظاهرين الذين يرمونه بالحجارة وهو لا يفهم لما يصرون على ذلك ؟.. ولماذا لا يستريح من عناء هذه المعركة التي لا تبدو لها نهاية ؟
وإذا كان هذا الشباب يريد إحياء ذكرى محمد محمود .. فهل يكررون نفس المأساة السابقة بلا أي تغيير في السيناريو أو الحوار ؟
أزعم أن جندي الأمن المركزي هناك لا يفهم شيئا ً مما يجري حوله .. وكذلك أكثر الشباب الذي يضرب الجنود بالحجارة .
ثم أليس هذا الجندي إنسانا ً له أهل وأسرة تحن إلي عودته وتشتاق لرؤيته؟!
وهل ذنب هذا الجندي الذي لبي نداء الجندية أن يرجم كالزناة صباح مساء؟!
أما المتهرب من الجندية إذا انضم لمتظاهري محمد محمود وأصابته جراحة يصبح من الأبطال المغاوير وإذا قتل يصبح شهيدا ً .
والكل يسأل متى تنتهي هذه المعركة .. وخاصة أن أي دولة ذات سيادة لا تسمح أبدا ً باقتحام وزارة الداخلية "الرمز الأكبر للأمن القومي الداخلي" .. وإلا سقطت مصر في قبضة البلطجية وتجار المخدرات.
وإذا اقتحم المتظاهرون جدلا ً وزارة الداخلية .. لم يقل لنا أحد ماذا سيفعلون بعد ذلك ؟
الفكر السياسي المصري أصبح عقيما ً بحيث أصبح لا يفكر في طريقة للرفض أو التأييد سوى المليونيات .. أصبحنا جميعا ً نفكر "داخل الصندوق" بما فيها الحكومة والمعارضة .. فلا إبداع.. أليست هناك وسائل جديدة للتعبير عن الرأي لا تؤثر على الاقتصاد والأمن القومي .
نشر في الوطن
الأربعاء الموافق
21-1-1434
5-12-2012
عودة الى دروس في الدعوة
|