|
معاذ الكساسبة .. بين الرسول وداعش بقلم د/ ناجح إبراهيم
داعش تقرأ الإسلام من نعله ولا تقرأه من رأسه .. تقرأه بالشقلوب كما يقول العوام في مصر .. تقرأه من الشمال لليمين وليس من اليمين إلى الشمال .. تتلو القرآن لا يجاوز حناجرها كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج.. أنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم " أي لا يصل أبداً إلى قلوبهم فيهذبها ويرققها ويصفيها وينقيها .. ولا يصل إلى عقولهم فتدرك وتفقه وتتعلم فقه المآلات والنتائج أو فقه الأولويات أو فقه المصالح والمفاسد أو أي فقه آخر يفيد البشرية .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتف في البرية محذراً من حرق الناس أو تعذيبهم بالنار " إن النار لا يعذب بها إلا الله" ومحذراً أيضاً " لا تعذبوا بعذاب الله عز وجل" .. ولكن داعش تتجاوز هدى النبي وتتغافله وتطمسه .
إنها لا تفهم أن الله لم يبح لأحد من خلقه أن يحرق أحدا من خلقه ًبالنار سواء كان إنساناً أو حيواناً أو طائراً .. ولم يبحه لأي نبي صاحب معجزة ولا لولي صاحب كرامة .. إنه أمر اختص الله به نفسه دون سواه وجعله في الآخرة دون الدنيا .
وقد أدرك الصحابة والعلماء الثقات ذلك وفهموا هذا المعنى عن نبيهم الكريم ودينهم الحنيف حتى نهت أم الدرداء عن تحريق البرغوث رغم ضرره وجواز قتله .. ولكنها استنكفت أن تحرقه بالنار أو تأمر بذلك إحساناً منها وشفقة ورحمة .
وفهمه الإمام الزاهد أحمد بن حنبل الذي كان يقول " لا يشوى السمك في النار وهو حي " رحمة وشفقة على هذا السمك حتى لا يشعر بعذاب النار وهو حي رغم أنه سيشوى بعد ساعات قليلة .. بل إن الإمام أحمد بن حنبل نفسه كان يدعو في فقهه إلى معاملة الشاة قبل ذبحها معاملة خاصة حيث يقول " تقاد إلى الذبح قوداً رفيقاً وتوارى السكين عنها ولا تظهر إلا عند الذبح" .
لقد فهموا ذلك من نبيهم العظيم الرحيم الذي سأله أحد الصحابة " إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها فقال له الرسول (ص) والشاة إن رحمتها رحمك الله" .
هذا هو الإسلام .. وهذه هي داعش .. هذه رحمة الإسلام وهذه قسوة داعش.. هذا عطف الإسلام وهذه غلظة داعش .
إن داعش التي أحرقت الطيار الأردني الكساسبة المسلم وهو حي ولم تكتف بذلك بل صورت هذا الجرم ونشرته في الأفاق لم تقرأ يوماً ما فعله الصحابة مع أسرى بدر حيث كان الصحابي يعطي الطعام لأسيره ويطوي يومه جائعاً .. رغم أن هذا الأسير كان من المشركين الذين أذاقوا الرسول وأصحابه الويلات.. ولكنهم يعلمون قوله تعالى " ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً"
داعش لم تقرأ يوماً ماذا قال أبو بكر الصديق الذي يلوث بعض الجهلاء سيرته الناصعة بالباطل زوراً وبهتاناً .. لقد قال عن أسرى بدر: "يا رسول الله أرى أن تعفو عنهم أو تقبل منهم الفداء".
واليوم يزور البعض تاريخه الناصع المشرف والرفيق بأنه حرق أسيراً .. فمن أي كتاب استقوا علمهم .. ومن أي صحيفة صفراء جاءوا بهذا الهراء .. إنهم يريدون جمع داعش مع الصديق؟ وانّي لهما أن يجتمعا؟ .
لقد استبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر وقبله على الفور.. لأن رحمته وافقت رحمة النبي .. وعفوه وافق عفوه.. و شفقته وافقت شفقته .. وكيف لا والنبي والصديق كالكيان الواحد .. يأكل أحدهما فيشبع الآخر .. يتألم أحدهما فيتوجع الآخر له.. ويحزن أحدهما فيبكي قلب الآخر له .
يا قوم يا من تزايدون على مثل الصديق اعرفوا أقدراكم والزموا حدودكم.
داعش تقرأ" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فتفهمها هكذا وما أرسلنا إلا ذابحاً للعالمين .. أو حارقاً للعالمين .. أو مفجراً للعالمين..عيونهم فيها غشاوة .. ونفوسهم فيها جفوة.
الرسول ينهي عن تكفير المسلم لأخيه.. فيكفرون 99% من مسلمي الكرة الأرضية .. حتى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية يكفرونها .. إنهم لا يتركون حزب النهضة أو الإخوان أو حزب العدالة والتنمية أو حزب النور والحرية والعدالة دون تكفير لأنه يشق عليهم أن يتركوا أحداً دون أن يكفروه فهم المسلمون وحدهم والإسلام حصري عليهم .
الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي على البشرية كلها" افشوا السلام بينكم " فيفهمونها " أفشوا الدمار بينكم" .."افشوا الذبح بينكم".
الرسول يبشر وهم ينفرون ..ويجمع وهم يفرقون ..وييسر وهم يعسرون ..ويعدل وهم يظلمون .. ويبتسم وهم يتجهمون .. ويهدي الخلائق وهم يكفرون .
الرسول لا يقاتل عدوين في وقت واحد رغم قوته ونبوته وتأييد الملائكة له ..وهم يقاتلون الدنيا كلها ويصطدمون بسنن الله في كونه وخلقه ويظنون أنهم سينتصرون .
الرسول يرحم وهم يحرقون ويذبحون .. فأي الفريقين أهدي سبيلاً وأقوم طريقاً.
| الإسم | مدحت الجعودى |
| عنوان التعليق | لايوجد كلام بعد ذلك |
| لا أجد كلاماً أقوله بعد كلام أستاذنا الفاضل الكريم الدكتور / ناجح .. جعل الله كل حرف كتبته في هذا المقال في ميزان حسناتك وستر عرضك وأولادك ومن تحب في هذه الدنيا .. ولاأجد لنفسى إلا أن أقبل يديك الكريمتين على ماكتبت في حق رسولنا العظيم الذى يستحق منا الكثير والكثير .. |
عودة الى دروس في الدعوة
|