|
رسالتي إلي السجناء بقلم د/ ناجح إبراهيم
مكثت قرابة ربع قرن في المعتقل شغلت نفسي ووقتي كله بالقراءة والتأليف تارة وقد ألفت قرابة 25 كتابا ً طبع معظمهم وترجم بعضهم .. ومعالجة المرضى أخرى .. وتدريس العلوم الشرعية والطبية والخطابة مرات ومرات .. وبالتعلم الحر مرة .. وبالدراسة الأكاديمية أحيانا ً .. المهم أنني لم أترك لحظة للفراغ فلم أشعر بمرور السنوات والأيام .
فإذا ضيق علينا ومنعنا من كل شيء تحدثت مع أولى العلم من الإخوة الذين أسكن حولهم وأتعلم منهم وأبادلهم الرأي .. وأخبأ الراديو الصغير في مخبأ لأستمع إلي إذاعة القرآن الكريم أو البرامج الأخرى .. وما أجمل وأروع الإذاعة كلها للسجين والمعتقل .. فهي أكثر إفادة من التليفزيون وأعمق منه .. وقد تعلمت منه الكثير والكثير .. لقد كان وجود الراديو مع أحدنا يساوي الدنيا كلها .. وكان أهم شيء يشغلنا هو تجهيز المخبأ له الذي لا يستطيع أذكى ضابط مباحث أو مخبر أن يعرف مكانه .
وكان السؤال الذي يتكرر علي َّ دائما ً من الذين يدخلون السجن حديثا ً هو: كيف نخرج من السجن ومن هذه المحنة ؟
فأشير إلي المسبحة التي بيدي قائلا ً : هذا هو الطريق .. فيقولون : ماذا ؟
أقول طريق الخروج في هذه المسبحة " أي بذكر الله " ؟ .. فيقولون : كيف ؟
أقول : ألم تقرأوا قوله تعالى " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"
فلولا دعاء سيدنا يونس " ذي النون" وهو في بطن الحوت - وهو سجن داخل سجن في داخل سجن - لمكث في بطن الحوت إلي يوم القيامة.. فقد ظل نبي الله يكرر "لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ".. فنسب الظلم والتقصير إلي نفسه وأثنى علي ربه أعظم الثناء فجاء الفرج .
والآن أنا حزين علي آلاف المعتقلين الإسلاميين في السجون المصرية ومشفق عليهم وعلي أسرهم وخاصة زوجاتهم وأمهاتهم الذي سيتحملون الجزء الأكبر من المعاناة.
إن طريق الفرج لن يكون إلا بكثرة ذكر الله بالنسبة للسجين أو المعتقل ذاته .. وقد تعلمت ذلك من أحد قادة الإخوان اسمه م/ محمد السروي رحمه الله .. وقد سجن قبل ذلك وعذب بشدة في الستينات فلما سمع عن شدة العذاب لإخوة الجماعة الإسلامية في الثمانينات أقسم علي الله ألا يعذب هذه المرة .. وظل يدعو الله ليل نهار بذلك .. فإذا فتحت علينا الزنازين جلس في العنبر قائلا ً : من يريد الخروج يأتي إلي هذه الحلقة .. فكنت أجلس معه ومعنا آخرين ولم أكن أعلم بقسمه علي ربه .. فكنا نظل نذكر الله طويلا ً .. فأحببت الذكر حبا ً جما ً .. واعتقدت فعلا ً أنه منشور الولاية من الله سبحانه وتعالى كما قال ابن القيم " أي خطاب التعيين من الله لعبده بالولاية والصلاح ".. وفيه تطمئن القلوب حقا ًولا تجزع " أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " .
فما من موقف جزع ذكرت الله فيه صادقا ً ومخلصا ً إلا وذهب حزني وهمي وجزعي .
وفي يوم من الأيام نودي علي م/ محمد السروي.. إفراج من باب السجن وهذا كان نادرا ً وقتها .. فبر الله بقسمه .
يا أحبتي في السجون اذكروا الله لعل الله ينجيكم كما أنجى يونس من بطن الحوت .. وكما أنجى يوسف من غيابة الجب .. وكما أنجى إبراهيم من النار .. وكما أنجى كليمه موسى من عدوه .. " وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ "
الخميس الموافق:
23ذو القعدة 1434 هـ
26/9/2013م
| الإسم | د احمد على |
| عنوان التعليق | واجب الدعاء |
| شاء الله أن أجرب السجن مع الاخوه بسجن القناطر لفتره شهرين تقريباً وهى فتره رمزيه بالنسبه لما لا قاه الاخوه لكن احمد الله على العافيه وكنا نذكر اخواننا فى مواطن اجابة الدعاء وهذا واجب الجميع الان فنسال الله ان يفرج كرب جميع المسجونين الذين ما سجنوا الا بسبب نصرتهم لدين الله. ومما يصبر على البلاء استصحاب الاجر الذى اعده الله للصابرين وان هذه الايام والاذى فى ميزان الحسنات ويكفر الله به السيئات المهم يكون فى سبيل الله واحتساب الاجر من الله
"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ"آل عمران |
عودة الى دروس في الدعوة
|