|
نصر أكتوبر.. بلا إقصاء أو خصخصة أو فرقة بقلم د/ ناجح إبراهيم
نصر 6 أكتوبر يعد من أهم روافد التدين والتضحية في السبعينيات وإحياء الموات في الشعب المصري وهو الذي ضخ في شرايين مصر روح العزيمة وحب الشهادة في سبيل الله والبذل والفداء وحب الأوطان والأمل في غد أفضل بعد أن كادت هذه المعاني أن تندثر.
والمتأمل لتاريخ مصر الحديث لن يجد في أيامها أجمل وأفضل منها.. فقد مرت أيام الحرب كلها دون أن تسجل محاضر الشرطة جريمة سرقة واحدة ولم تسجل محاضرها مشكلة أو خناقة أو حادثا تعدى في مصر، وهذا لم يحدث في تاريخها سوى أيام معدودة أثناء ثورة 25 يناير.
نصر أكتوبر ملك للجميع.. صنعه السادات والشاذلى والجمسى وأبوغزالة وعبد المنعم خليل ومحمد عبد القادر حاتم.
صنعه الجندي الصغير والقائد الكبير.. صنعته كل الأسلحة دون استثناء.
صنعه الشهداء الذين لا يذكرهم أحد.. ولكن الله يعرفهم ويعرف قدرهم وهو الذي اصطفاهم للشهادة.. ولا يضرهم ألا يعرفهم البشر وألا تكتب عنهم الصحف.
نصر أكتوبر ملك للمشير الزاهد أحمد إسماعيل الذي كان وقتها وزيرا ً للحربية.. فمات بعد الحرب بقليل فلم يذكره أحد.. وأهال مبارك التراب عليه رغم أنه لا ينافسه في شيء من الدنيا.
هذا النصر ملك للفريق عبد المنعم رياض ذلك العسكري الفذ الذي نقل العسكرية المصرية من مدرسة الدفاع إلى الهجوم والمبادأة حتى أطلق عليه لقب "الجنرال الذهبي".
وهو ملك للواء الفاتح كريم الذي اقتحم جبل المر واللواء عادل يسرى الذي حارب بساق مبتورة 8 ساعات.. والذي يحتفظ بها حتى اليوم والمقدم باقي زكى المسيحي صاحب فكرة هدم خط بارليف بمدافع المياه واللواء الحسيني عبد السلام الذي أحضر الطلمبات الألمانية التي دمرت الساتر الترابي واللواء مجدي شحاتة الذي قضى 200 يوم خلف خطوط العدو لقطع الإمدادات عنه والأسد إبراهيم الرفاعي قائد المجموعة 39 قتال التي أذلت الإسرائيليين واللواء شنن.
وهو ملك لكل من ساهم فيه بدءً من الفريق المسيحي فؤاد عزيز غالى قائد الفرقة الثانية التي أسرت اللواء عساف ياجوري ودمرت مدرعاته.. وانتهاءً بالأم التي ضحت بوليدها في الحرب.. أو الأب الذي احتسب ابنه شهيدا في أكتوبر.
وملك لشعب السويس البطل وقائده الشيخ «حافظ سلامة» رمز الصمود الشعبي في عملية تحرير السويس إلى جوار الفرقة 19 بقيادة الفريق عفيفي والفرقة 7 بقيادة المشير أحمد بدوى.
وهو ملك أيضا ً للفريق فوزي الذي تحمل عبئاً كبيراً في تجهيز الجيش المصري للحرب وإعادة تأهيله بعد كامل تدميره في 5 يونيو 1967م.. فكيف يقصى لخلافة السياسي مع السادات.
إن التاريخ العسكري لا يمحوه الخطأ السياسي حتى وإن كان فادحا ً فلا يقصى منه أحد حتى مبارك الذي أقصى الآخرين من نصر أكتوبر.. وعلينا أن نفرق بين مبارك قائد الطيران ومبارك الرئيس الفاسد.
لقد قضينا ثلاثين عاماً في خصخصة وشخصنة لحرب أكتوبر.. بحيث تكون قاصرة على مبارك وحده.
واليوم نريد أن يعود نصر أكتوبر للشعب المصري كله.
وأخشى اليوم أن تتحول ذكرى أكتوبر إلى ملعب للصراع السياسي وساحة للاقتتال الداخلي .. وأنا أكتب هذا المقال قبل 6 أكتوبر بأيام ولكنه سينشر بعدها.
إننا نود أن يكون هذا اليوم يوما للألفة والمودة والتسامح بعيداً عن الصراع السياسي.. لا نريد أن ندخل الأعياد الوطنية أو الدينية في الصراع السياسي حتى لا يفسد فرحتنا بمثل هذه الأيام.. وحتى لا تتكدر أيامنا وتتلوث نفوسنا بأحقاد الصراع في كل الأوقات.
تصارعوا في كل الأيام -إن شئتم- إلا هذه الأيام.. دعونا نحمل ذكرى جميلة نعيش بها ولها وعليها.. لا داعي أن تتلوث كل أيامنا بدماء قابيل وهابيل.
نريد أن نفرح يوما ً كفانا بكاءً وعويلا ً ويتما ً وثكلا ً طوال العام.. دعوا لنا الأعياد لو سمحتم.. فهل هذا كثير على هذا الشعب المسكين.. وعلى الحكومة أن تفرج في هذا اليوم عن عدد من السجناء والمعتقلين الإسلاميين تهدئة للخواطر وجبرا ً للأسر المحرومة وإطفاء ً لنار الفتنة.
نشر في الوطن
الاثنين الموافق
2 من ذي الحجة 1434 هـ
7-10-2013م
عودة الى دروس في الدعوة
|