English الثلاثاء 14 رجب 1430     7 يوليو 2009
البحث التفصيلي
التفاصيلمقتل سيدة مصرية محجبة على يد متطرف ألماني
خبر وتعليق
    مقتل العشرات واصابة المئات فى اعمال عنف فى اقليم شينج يانج الصينى ذى الاغلبية المسلمة         الرئيس الامريكى يبدأ زيارة لروسيا تستغرق يومين لإعادة اطلاق العلاقات المشتركة         نائب الرئيس الامريكى يقول ان بلاده لا تستطيع ان تملى على اسرائيل خيارات بشأن مشروع ايران النووى         الصحف البريطانية تقول ان السعودية وافقت على السماح للمقاتلات الاسرائيلية بالمرور فى اجوائها لقصف ايران         وزير المالية يقول ان معدل النمو السنوى قد يصل الى 5 فى المائة للعام الجارى    

الأحداث الطائفية فى مصر بين الحين والآخر سببها
مشكلات متراكمة
اضطهاد الاقباط
تحريض اقباط المهجر
اقتراعات سابقة

سكتة زوجية

بقلم أ. أبو بكر عثمان

- لو قدر لأحد أن يقيم معهما لظنهما أخرسان، فالصمت يخنق البيت.. فمنذ قرابة شهر لم يجر بينهما أي حديث ولو بكلمة أو إشارة.. فلا كلام ولا سلام.

- يخرج إلى العمل في عتمة الصباح ويعود بعد صلاة العشاء.. تضع له الإفطار صباحا والعشاء مساءً على المائدة في صمت، يأكل بمفرده ويشاهد التليفزيون أو يقرأ.

- أما هي فتتشاغل بشئون البيت كي تهرب من الجلوس معه، وقرب انتصاف الليل يأويان إلى فراش واحد وكلاهما جزيرة منفصلة عن الآخر، يفصلهما محيط شاسع من الرفض والكبرياء واللوم والاتهام.

- عزمت على أن تٌخرج آخر سهم في كنانتها وتضرب به غول الصمت الكئيب، جمعت كل ملابسها في حقيبة السفر، وقفت أمامه وشعرت كأنه غريب عنها تحدثه لأول مرة، ثقل الكلام على لسانها:

- أعددت حقيبة السفر سأرحل إلى بيت أبي، هاتفت أمي ستأتي لتأخذني الآن.

- لم ينطق ببنت شفه ولا نظر إليها كأنه لم يسمع.. انسحبت إلى حجرتها وأقفلت الباب وبكت، لم تنتظر منه ذلك البتة، صمته وسلبيته وعدم اكتراثه.

- أظن أنها حقا تريد السفر ومغادرة البيت، هو أحمق غبي مخطئ، هي تناور لتنتزع منه اعتذارا ً..  أو شبه اعتذار تريد أن تحدث به اختراقا ً في جدار اللاحرب واللاسلم القائم بينهما، ظنت أنه سيهتز لوقع رحيلها ويتراجع عن غيه وجفائه ويحطم الصمت.

- لم ترحلين!! أبقي لا ترحلي.

- لكنه آثر الصمت المقيت ولم يفعل!!.

- أيعقل أن تكون قد خدعت؟!، عاشت معه خمس سنوات من الوهم الجميل.. إلى هذا الحد الخبيث يقوي الرجال على تقمص مشاعر الحب الزائفة.

- أيمكنها الآن اجترار مقولة جدتها من جديد: (لا أمان للرجال).

- ستجني جزاء ثمار اختيارها له زوجا، جاهدت إلى أن أقنعت أسرتها بالموافقة، الجميع رفضه بلا تردد قالوا:

- إنه رجل سُني، لا نريد مشاكل مع الحكومة.

- اختارته لدينه وخلقه.. فماذا اعتراه اليوم؟!!.. أتراه خلع لباسه وبدل جلده وبدا على حقيقته؟!!.

- نهضت وفتحت الباب ضمتها أمها إلى صدرها تجالدت وغالبت البكاء.

- لا لن تبكي أمامه فيظن بها الضعف.

- أما هو فنهض إلى حماته بفرح طفولي، أحبها حبا ً جما ً، عثر فيها على أمه التي فقدها من سنوات طوال.

- تميزت حماته بالحكمة ورجاحة العقل وجاذبية فطرية جعلت العائلة كلها تجمع على حبها، أسرع إليها وقابلته بابتسامة مشرقة وأخذت بيده وأجلسته بجوارها ثم أظلهم الصمت.

- لم تكن تود أن تدس أنفها في شئونهم الخاصة ولم تعتد على ذلك، رأت ألا يتدخل أحد بين الزوجين ولا يجب كسر حاجز الخصوصية بينهما إلا لضرورة ملحّة.

- جعلت تثرثر على طعام الغداء في حكايا ومواضيع شتى كي تشركهما في الحديث لتبدد غيوم التوتر والجفاء.. وحاولت بمكر ودهاء أن تجرهما لتبادل الحديث معا دون طائل.

- عقب تناول الشاي قالت بصوت مفعم بالتأثر:

- يبدو أن سفينتكم ليست على ما يرام.

- نظرت إليهما فأطرقا إلى الأرض.

- إإذنا لي في سمعاكما واستطلاع الأمر.. سأجلس مع كل منكما على حده.. ألديكم جهاز تسجيل؟!.

- نظرت البنت إليها في دهشة وقالت: جهاز تسجيل؟!!!.

- أود أن أسجل حديثكما معي في هذا الأمر فليشحذ كلاكما ذاكرته ويتحرى الدقة والحقيقة فكلامه محسوب عليه.

- لم يكد يغلق الباب على الحماة وابنتها حتى دخلت البنت في نوبة بكاء وضمتها الأم إلى صدرها حتى سكنت.

- لا أمان أمي لأي رجل كلهم سواء، ألقى القناع عن وجهه وعاينت حقيقته، مرت أربع سنوات من الوهم.. ثم تغير وتبدل في عامه الأخير.

- تحولت ابتسامته إلى عبوس وكلامه الطيب إلى صمت القبور، لا هدايا.. لا لعب.. لا مزاح.. لا خروج لزيارة الأقارب والأصدقاء.. يغضب ويثور لأتفه سبب ودون سبب.

- بالله يا أمي.. أأنا الذي أخلق الأولاد في رحمي؟!.

- أستغفر الله يا ابنتي.. الله الخالق لكل شيء.

- إذا لم يغضب على تأخر الإنجاب؟!.. ذهبت أنا وهو إلى الطبيب وقال: لا مانع عندي ولا عنده.. والأمر بيد الله فاصبرا.

- أنا يا أمي في قلق مستمر يقتلني الشوق والترقب كي أصبح أماً أسعده بمولود يوثق رباطنا، لكنه يا أمي لا يكترث لمعاناتي وآلامي وعذابي والمحنة التي أمر بها.. ظننته سيقف معي ويضاعف من حبه وحنانه وعطفه ورعايته ويكون سندي وأماني.. لكنه قلب لي ظهر المجن.. أظهر الغلظة والجفاء والإهمال.

- يخرج في الصباح المعتم ولا يعود إلا بعد العشاء.. مكث شهراً لا يخاطب لسانه لساني، هو لا يريدني معه يبغي أن أرحل عنه لأفسح الطريق لزوجة أخرى تهبه البنين.. أما وإني لا أقبل ثياب الهوان فلن أبقى معه بعد اليوم.. ولو ساعة من نهار.

- دخلت الحماة عليه وأغلقت خلفها الباب جلست إليه وأشرق وجهها بابتسامة حانية وقطعت الصمت.

- استمعت إلى زوجتك والآن كلي آذان صاغية.. هات ما عندك.

- لا يمكن لأحد أن يدرك مدى حبي وتقديري لها.. ولم أكن انتظر منها ذلك النكران.. لقد كان ذلك صادماً لي.. فقد كان محتم عليها أن تصبر وأن تقف خلفي تآزرني في محنتي.

- كما تعرفين بيعت الشركة التي أعمل بها للقطاع الخاص واستبعدت من العمل.. لم يكن لي حول ولا قوة أمامهم.. إنهم طبقة ذات جاه ونفوذ وثروة هم فوق العرف والقانون.. وأنى لمثلي أن يقف أمامهم ليرد ظلماً أو يطلب حقاً.. إذا سيكون مصيره أسود من غراب.

- المهندس الشاب يا أمي وخبرة ثمانية أعوام ذهبوا أدراج الرياح.

- أتدرين بماذا أعمل هذه الأيام؟!!!: مندوب مبيعات أدور وأدور في الشوارع على الحوانيت من الصباح إلى المساء أروج لأدوات الزينة والمساحيق، يصفح الناس وجهي بنظرات التبرم وكلمات التأفف لتطفلي في عرض بضاعتي عليهم وإلحاحي.. وكنت قبل ذلك المهندس ورئيس القسم ذو المهابة والتقدير.

- تقلص كسبي ولا أستطيع أن أعيش كما كنت قبل، أعود كل يوم متعب النفس منهك القوى.

- حسبتها ستسمح على نفسي الكسيرة وتربت على بدني المجهد، لا .. لم تفعل ولم تعد تلقني بابتساماتها المزهرة وكلامها العذب.. لم تلتفت إلى ما بي من جراح.. كنت أود أن تكون لي السكن والدواء.

- بيد أنها ناصبتني الجفاء والإهمال والصد.. نهاية الأمر الخيار لها.. من حقها ألا تصبر ولا ترضى بشظف العيش وقد اعتادت الرغد.

- وعار على رجل ذي كرامة ومروءة أن يرغم زوجته على تحمل الشظف،أو يقول لها: أبق معي وهي راغبة في الفراق.. أما وقد طلبت الرحيل فليكن إذاً.

- ابتسمت الحماة وهي تضغط على مفتاح التسجيل لتوقفه ثم اتجهت إلى الصالة وجمعتهما معاً.

- أنصت بقلبي إليكما.. أتعرفان ما المشكلة؟.

- نظرا إليها في صمت.

- التقوقع أو التشرنق هي لب المشكلة؟.

- ابتسما لأول مرة لغرابة التعبير.

- نعم كل منكما بنى حول نفسه قوقعة أو لف شرنقة حوله من خيوط العزلة عن الآخر.

- كل منكما بنى له كهفا أسكنه وحوشاً من الأوهام والظنون.. ولم يجهد نفسه في تحري الحقيقة من الآخر.. فكان سوء الظن والخصام والتدابر.

- الحياة الزوجية مثل القلب أخطر ما تتعرض له السكتة.. وأنتم تعرضتم لسكتة زوجية كادت تعصف بحياتكم الزوجية.

- الحل: هو الاندماج.. المصارحة.. المكاشفة.. الحوار.. والتفاعل، فكرا معا بصوت عال، اهدما أسوار الكبرياء الكاذبة، فلا عزة بالإثم ولا كبرياء بين المرء وزوجه.. بل المودة والتراحم.

- ذهبت الحماة لتخلد إلى الراحة.. وقبل ذلك أعطت كل واحد منهما الشريط المسجل لحديث الآخر كي يسمعه.. واتفقوا على أن يلتقوا بعد صلاة العصر.

- استيقظت الحماة من نومها فلم تجدا أحداً بالمنزل وأبصرت ورقة بجوار الهاتف كتب فيها:

- "أمي خرجنا لسماع محاضرة في مسجد الرحمة.. سنعود إن شاء الله بعد صلاة العشاء".

- ابتسمت الحماة في رضا وعزمت على الرحيل وقبل أن تغادر كتبت في ذات الورقة:

انزعا بذور الشك والشقاق من حياتكما الزوجية أولاً بأول.. قبل أن تمسي أشجاراً عملاقة يصعب أو يستحيل اجتثاثها

(تمت)

- لمزيد من القصص طالع (الراهبة).


الإسممحمد صفوت سعودي كيلاني
عنوان التعليقحموات الزمن الجميل
جزي الله استاذنا الفاضل ابو بكر عثمان خير الجزاء علي هذا العمل الفني الراقي ذو القيمه الادبية رفيعة المستوي ولكن استاذي الفاضل اين تلك الحماه التي تتحدث عنها انها نادرة الوجود في زماننا هذا فمن المعلوم ان والدة الزوجه ووالدها يكونا علي احسن مايكون الناس عندما يكون الزوج مع زوجته علي مايرام واما في حالة حدوث ادني مشكله اذا بهما ينقلبان راسا علي عقب وسبحان مغير الاحوال فزماننا زمن استعبدت فيه المادة اكثر الناس الا من رحم ربي وما افسده الزمن في سنين طوال لاينصلح في ايام نسال الله ان يصلح احوالنا

الإسمحسين
عنوان التعليقالله يرحم
اللهم ارحم أمهاتنا وآبائنا وحمواتنا الذين تعبوا من اجلنا وكانوا حكماء (من غير شهادات ولادراسات ولا جامعات )في حل المشكلات التي قد تتسبب في ضياع اسر بأكملها . فياليتنا (شبابا وفتيات) نتعلم ممن يكبرونا ونستمع اليهم فإن لديهم من الحكمة والخبرة والعطف والرحمة ما يساعدنا كثيرا علي تخطي كثير من المشكلات .واخيرا اللهم ارحمهم واغفر لهم واشملنا معهم برحمتك يارب العالمين .


عودة الى قصة قصيرة

حقوق النشر محفوظة
islam - islamic - muslim - egypt - egyptian - islamicgroup - group - religion - gamaa - jamaa - islamia - الجماعة - الإسلامية - اسلام - مصر - الاسلامية -
Locations of visitors to this page
       ._