|
ابنتكم حامل بقلم/ عصام السباعي
الانسان منا لا يختار البيئة التى ينشأ فيها ولا يختار والديه .. وأعترف أننى كنت أحيانا أضيق من طريقة والدىّ فى التربية وأشعر أننى أقل حرية من مثيلاتى فى المدرسة ثم بعد ذلك فى الجامعة.. ولكن بعد ما رأيته اليوم تأكدت أنه لم يكن تضييقا على حريتي .. وإنما كان محافظة علىّ .
بعد ما رأيته اليوم حمدت الله إنني نشأت في أسرة متدينة متماسكة مترابطة يأخذنا أبى للعمرة كلما سنحت الظروف المادية بذلك.. وهذه العمرة هي الثالثة لي مع والدي.
نزلنا من الطائرة .. اتجهنا بالسيارة إلى المدينة المنورة .. قضينا أياما جميلة نصلى في الحرم النبوي .. حرصنا على زيارة البقيع وشهداء أحد ومسجد قباء .
توجهنا بعد ذلك إلى أجمل مكان في العالم ما إن وصلنا إلى الفندق ووضعنا أمتعتنا حتى انطلقنا إلى الكعبة المشرفة وبدأنا في الطواف حولها .. سبع أشواط بالتمام والكمال انطلقنا بعدها لنصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام انتهيت من الركعتين وإذا بى أجد شابة بجواري تبكى وهى ساجدة بكاء ًمريرا ً يكاد يتقطع له قلبي.
انتهت من صلاتها ولكن ما زال البكاء والنشيج يسيطران عليها .. اقتربت منها .. حاولت التخفيف عنها
قلت لها: ما الأمر؟
قالت لي : أنت طالبة؟
قلت لها : نعم
قالت : ألديكم سائق يوصلك إلى الجامعة؟
قلت: لا .. أبى هو الذي يوصلني بسيارته
قالت : الحمد لله
ثم استطردت .. هذا ما جناه أبى علىّ .. أحضر لنا سائقا ليوصلني وأخوتي إلى مدارسنا .. كنت وقتها في الصف الأول الإعدادي عمل لدينا عاما ثم عامين حتى وثق فيه أبى وصار يعامله كواحد من أسرتنا .. مع الوقت بدأت ألاحظ أن السائق ينظر إلى نظرات غير طبيعية بدأت أخاف وانزوى في آخر السيارة .. بدأ يطاردني بعد ذلك بكلامه المعسول و...... و....... حتى فعل فعلته التي لم تقم لي بعدها قائمة .. احتاروا في مرضى.. ذهبوا بى إلى الأطباء و.... وظهرت الكارثة: مبروك ابنتكم حامل!
لم يكن صعبا على والدي بعد ذلك أن يعرف من فعل بى ذلك ، استطاع أبى بعد ذلك أن يجبر السائق على تصحيح خطأه بالزواج منى ثم حجز لنا تذاكر سفر لبلد السائق الأصلي وأعطاه بضعة دولارات وقال لي : سأعلن للعائلة إنك سافرت لاستكمال علاجك بالخارج .. ثم أعلن بعد ذلك وفاتك لتمكن المرض منك .. إن حاولت الرجوع أنت أو زوجك لن يصعب على شراء من يقتلك وأنت تعلمين أنى قادر على ذلك.
وهكذا بعد أن كنت سليلة الحسب والنسب وأعيش في القصور أصبحت أعيش في هذا الوضع المتدني ولا أستطيع رؤية أخوتي أو أمي أو أي أحد من العائلة أشتاق إليهم كثيرا ولى الآن عشر سنوات لم أرهم.. قلبي يتقطع ليل نهار ولا أدرى هل سيكتب لي أن أراهم ولو مرة واحدة قبل أن أموت .. أم سأظل في هذه الحسرة طوال حياتي؟
لم تكد المرأة الشابة تتم كلامها حتى وجدتني أشاركها البكاء والنحيب ووجدتني أقفز فجأة على أبوي وأقبل أقدامهما وأنا أردد: الحمد لله أننا ليس لدينا سائق الحمد لله أننا ليس لدينا سائق.
عودة الى قصة قصيرة
|