|
الخونة في أرض العزة بقلم/ عصام السباعي
أفاقتْ مذعورة وهى تصيح: لا..لا.. أبعدوه عنى.. لا تدعوه يلمسني .. لا.. لا.. أرجوكم.. أرجوكم !
أحاطَ بها كل من حولها يحاولون تهدئتها.. ولكن صراخها أخذ يتزايد وصوت نشيجها يتعالى.
أليس فيكم من ينقذني؟
أليس منكم من يخف لنجدتي؟
ربى ارحمني!.. ارحمني !
انهارت على الأرض تبكى وتنتحب بصوت يوضح مدى الألم والعذاب الذي يعتمل بداخلها.
رويدا ً رويدا ً .. بدأ بكاءها يخف ونشيجها يتضاءل وبدأت الصور تتدافع وتترامى لعينيها.
كان زوجها ينام بجوارها في هدوء واطمئنان عندما شق هدوء الفجر صوت انفجارات عنيفة.!!
انتفضت مذعورة وعلى وجهها علامات الفزع والهلع.. ألقت بنفسها على صدر زوجها وتشبثت به في محاولة للاحتماء من خطر مجهول.. حاول الزوج أن ينحيها عنه ليستطلع الأمر.. ولكن يديها كانتا قد تصلبتا حول خصره وكأنهما كلاليب من حديد .
كانت أصوات الانفجارات تقترب وتقترب.. تتعالى الأصوات.. تتوالى الصرخات .. ينقلب هدوء الفجر إلى ضجيج مفزع .
انكسر الباب.
برز من خلفه بعض الجنود أخذوا يحطمون كل ما يعترض طريقهم داخل الشقة.. وبسرعة البرق وزعوا أنفسهم على كل أنحاء الشقة ليغتصبوا منها كل ما هو غال وثمين !!
وقعت الزوجة مغشيا ً عليها .
حاول الزوج إفاقتها.. ولكن يد أحدهم كانت أسرع منه لتصوب إليه ضربة بمؤخرة البندقية .. وعاجله آخر بضربة من الخلف.. ثم تولى ثالث تفتيشه ولما لم يجدوا معه شيئاً .. ألقوه على الأرض بجانبها وأخذوا يعيثون في الشقة بحثا ً عن أي أموال أو مجوهرات.
عندما انتهوا من مهمتهم كانت الزوجة قد أفاقت من إغمائها وكان الزوج يئن من أثر الضربات وهو في ذهول مما يحدث حوله.. ولكن يبدو أن الجناة لم يقنعوا بما أخذوه من أموال ومجوهرات فتطلعوا إلى شيء آخر !
إليها .. زوجته !!
هجم أحدهم عليها فتراجعت مذعورة وهب زوجها للدفاع عنها.. ولكن كانت أسرع منه طلقة أطلقها أحدهم تجاهه فأردته قتيلا ً .. وأصبحت الزوجة بمفردها في مواجهة الجنود.
هجموا عليها.. نظرت إلى زوجها الذي يسبح في دمائه وصرخت .. تعالى صراخها:
لا لن تنالوني يا كلاب.. لن يمسني أحدكم إلا بعد أن أصبح جثة بجواره.. وتملكتها قوة لا تدرى من أين أتتها.
أحاطوا بها.. ضيقوا عليها الخناق.. قيدها أحدهم من ذراعها الأيسر من الخلف .. وقيدها آخر من الذراع الأيمن وتقدم ثالث من الأمام.. رفسته رفسة قوية .. اشتد غيظ جنود الاحتلال واشتدت مقاومتها .
صاح أحدهم: أيها الحمقى ؟ .. ألا يوجد في الدنيا سوى هذه المرأة اللعينة ؟ .. دعوها وهيا نستكمل مهمتنا .
انطلقوا خارجين بما اغتنموا .. بينما سقطت هي مغشيا ً عليها بجوار جثمان زوجها.
السبت الموافق
21ربيع الأول 1434هـ
2-2-2013م
عودة الى قصة قصيرة
|