عايض القحطاني : الثورات أعادت الكرامة للمسلمين.. ونسعى للنهوض بالإنسان

حاوره/عصمت الصاوي

كان سمته مميزا ً وسط الحضور على كثرتهم في حفل افتتاح مؤسسة بناء لإعداد العلماء لصاحبها أ.د/ صلاح سلطان.. فقد كان يجلس في الصف الأول بجلبابه الأبيض الناصع وعقاله القطري الشهير, يتدفق حيوية ونشاطا ً, وكانت عيناه تلمعان بهاءً وذكاءً, ونظراته تحمل معان إيمانية راقية, توجهت إليه فاستقبلني بتواضع جم وأدب راقِ, وتبادلنا أطراف الحديث, فإذ به يحمل ثقافة عالية وهموما ً على مستقبل الأمة بالغة, وإذ به صاحب مشروع حضاري يهتم بالإنسان, ويعتني به ويهتم بالإنسان, من حيث أنه إنسانا ً وليس من منطلق أي حيثية أخرى

فالإنسان لدى عايض القحطاني.. قيمة مقدرة بذاتها.. تستحق مديد العون له متى كان هذا غير قادر يحيا حياة كريمة .. ومتى كان هذا الإنسان يئن تحت سطوة المرض والفقر والتخلف والاضطهاد .

عايض القحطاني مدير عام ورئيس مجلس أمناء مؤسسة "راف" القطرية.. كان لنا معه هذا اللقاء على هامش الاحتفال بمؤسسة بناء .

الشيخ/ عايض القحطاني:  موقع الجماعة الإسلامية يرحب بكم على أرض مصر ونود تعريف القارئ بكم ؟

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.

أخوكم عايض القحطاني.

متخصص في مجال الإعلام الدعوي.. ورئيس مجلس أمناء والمدير العام لمؤسسة "ثاني بن عبد الله" للخدمات الإنسانية "راف".

ومعد ومقدم برنامج إعلامي بتلفزيون قطر.

دعيتم في مشاركة حفل افتتاح مؤسسة "بناء".. فكيف ترون هذه المؤسسة؟

بناء الإنسان وبناء العقول من أجل المهمات وأعظم القربات.. لأن تنمية العقول وبنائها على المنهج الرباني الذي نزل به النبي (صلى الله عليه وسلم).. والمنهج الشرعي الذي أراده المولى سبحانه وتعالى.. يعد من أهم الأسس التي تبنى عليها الأمم وتنهض بها المجتمعات.. وقلما تجد تلك المؤسسات الحاضنة لمثل تلك المهمات العظيمة.

وإن صح التعبير "المؤسسات التربوية" التي تعين على تكوين إنسان صادق وداعية وقيادي ورباني في نفس الوقت.

وأنا اعتقد أن مؤسسة بناء أتت في الوقت المناسب.. وخاصة مع ثورات الربيع العربي وانطلاق الفكر الإسلامي واتساع دائرته.. ويشجع على ذلك محبة الناس للإسلام ومنهجه.

فمؤسسة بناء أتت في الوقت السليم.. لأنه لابد وأن يكون هناك من يقود الأمة.. ويبني فكرها ويعتني بأبنائها من خلال المنبع الصحيح القائم على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم.

وكيف ترون تأثير ثورات الربيع العربي على مستقبل الفكر والبناء والثقافة في البلدان العربية الإسلامية؟

الربيع العربي أتى بخيرات كثيرة على الأمة.. ومن أبرزها إعادة الكرامة للمسلمين.. وإعادة الحياة الطبيعية لمسارها.. ورفع الظلم عن الكثير من العلماء.. والدعاة الذي أخرجوا من بلادهم وطردوا إلى شتى بقاع الأرض لا لشيء إلا لأنهم كانوا ينشرون العقيدة السليمة والمنهج الصحيح.. وبالقطع أثر هذا على نمو الفكر الإسلامي وبناء الثقافة الرصينة.

ليس في مصر وحدها.. وإنما في كل الدول التي فيها اضطهاد للعلماء والمفكرين والدعاة.

ثورات الربيع العربي أعادت الحق لأهله وكانت هي الأداة التي صححت المسار في الوقت الراهن.. وأعتقد أن لها الآن في تونس دور كبير جدا ً وكذلك مصر وسوريا بإذن الله.. وسيمتد الأثر الفكري والثقافي التنموي إلى العديد من المواطن الأخرى.

فزمن من الذل وزمن من المهانة وزمن الظلم الذي طغى على كثير من الشعوب العربية قد انتهى.. وأصبح العدل هو المسار الذي نرى أنه سيشرق على هذه البلدان في المستقبل القريب بإذن الله.. وهذه بيئة صالحة.. وأظن أنها ستؤثر بالإيجاب بإذن الله تعالى على مستقبل الفكر والثقافة والبناء في الوطن العربي والإسلامي.. وسيمتد أثرها لبلدان العالم إن شاء الله.

بصفتكم تعملون في الإعلام الدعوي.. فما هي دلالات سقوط مبارك وغيره؟

لكل ظالم نهاية.. وتختلف النهايات بحسب ظلم الشخص وطريقة ظلمه.. ولا بد لكل طاغية أن يسقط.. وقد سجل التاريخ سقوط العشرات من الطغاة والمجرمين.

وأعتقد أن مبارك وغيره من الطغاة وما حل بهم لهو أكبر دليل على القاعدة الربانية في قضية زوال الظلمة والظالمين.. وهو دليل على ظهور بشائر العدل التي ستحل بهذه الأمة المباركة.. وكذا رفعة الأمة وإتاحة الفرصة للحق وأهله أن يعرفوا بأنفسهم.

وكيف تنظرون إلى الثورة المصرية تحديدا ً؟

الثورة المصرية ثورة مباركة وثورة نبعت من بلد إسلامي كبير له تاريخه المجيد وعراقته وخلفيته الإسلامية الكبيرة وله مكانته في صدر الأمة.. فهي دولة كبيرة ودولة رائدة.. وإن انتصرت مصر في عدلها انتصرت الدول العربية والإسلامية بكل أطيافها كذلك.. وإن خسرت مصر فستخسر أيضاً هذه البلدان بقدر خسارة مصر.

والثورة العربية تمثل أجوبة كبيرة جداً استغرب منها الكثير.. ولكنها واقع أراده الله سبحانه وتعالى وهي لم تتأتى إلا بدعاء الصالحين وثبات الصادقين ورسوخ العدل عند كل من أراد أن يكون له شأن في هذه الدنيا .. وكل من أراد أن يجعل لنفسه بصمة واضحة في رفعة هذه الأمة ورفعة مكانتها.

ألا ترى أن هناك ضرورة لتطوير وتحديث الفقه الإسلامي.. ولاسيما فيما يخص فقه الدولة.. فعلى سبيل المثال كان هناك الكثير من العلماء يفتون بحرمة التظاهرات والاعتصامات والخروج على الحكام رغم ظلمهم وبطشهم وفسادهم.. مما أخر كثيرا ً فكرة الربيع العربي؟

حقيقة فيما يتعلق بالقضايا الفقهية فلست فقيها ً حتى أخوض فيها.. ولكن الناظر بشكل عام يلحظ أن تلك القضايا المتعلقة بالحاكم قد حُسمت في بعض الاجتهادات الفقهية المعاصرة كاجتهادات الشيخ القرضاوي وغيره .

ونحن ندعو كل من له قلب وله وعي أن ينظر في مآلات الأمور ومقاصد الأمور.. فما ترتب على الخروج على مبارك وأمثاله كالطاغية معمر القذافي وبشار الأسد وبن علي نتائج صحيحة وسليمة.

والسؤال الذي أطرحه على من يقول بحرمة الثورات على هؤلاء وحرمة الخروج عليهم.. من عين هؤلاء ومن بايعهم ومن أعطى لهم الحق أن يكونوا حكاما ً.

أخشى أن نكون ذهبنا بعيدا ً عن مؤسستكم "راف" التي تترأسون مجلس أمنائها.. ولكن السؤال هو كيف تستطيع "راف" أن تدعم الإنسان المصري؟

إذا تحدثنا عن "راف" فهي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني لا تتدخل في السياسة.. وليس لها خط سياسي.. فعملنا عمل خيري بحت وعمل إنساني في المقام الأول .

ونحن نسعى للنهوض بالإنسان في خلال البرامج الاجتماعية ورعاية الأسر الفقيرة.. وإيجاد العيش الكريم لهذه الأسر في أي شكل وأي وسيلة إنسانية أو اجتماعية.. ومصر من أولى الدول التي ستتوجه لها ، وتوجهنا لها بالفعل.. وهذه زيارتنا الأولى لمصر.. ولكنها لن تكون الأخيرة بإذن الله سيتم فتح مكتب لنا في مصر وستتوالى الزيارات إن شاء الله تعالى.

وكيف تتصورون البداية في مصر؟

سنسعى إلى البرامج التي فيها أكثر أجرا ً.. وأكثر فائدة.. مثل برامج الاكتفاء الذاتي المدرّة للدخل والبرامج الاجتماعية والتنموية .

وأيضا ً إنشاء كيانات طبية مثل المراكز الصحية المعنية بعلاج الكبد والأمراض المتوطنة .

وأيضا ً إنشاء بعض المدارس والمعاهد والجامعات .

الشيخ/ عايض القحطاني مدير عام مؤسسة الشيخ/ ثاني عبد الله للخدمات الإنسانية بقطر.. شكرا ً لكم؟

شكرا ً

الاثنين الموافق

28-3-1433هـ

20-2-2012م

عودة الى قصة نجاح