·والصبر خيار الأقوياء والعظماء .. فهو خيار إيجابي .. اختاره الله تعالى لأولى العزم من الرسل .. وأمر به نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).
·لزمه النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من نصف حياته الدعوية كخيار وحيد بجانب الدعوة .. ثم لزمه كخيار مع خيارات أخرى بقية حياته في الإسلام.
·قام النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله في مكة متسلحاً بخيار الصبر والمصابرة. فهو الخيار الأنسب والأجدى والأنفع لتلك الجماعة الوليدة .. ولهذه الفترة الحرجة .. يسوق من خلاله دعوته ورسالته .. ولو كان خياراً غيره لأهلكتهم قريش وقضت على الدعوة في مهدها.
·ولزم النبي صلى الله عليه وسلم الصبر في المدينة المنورة، حيث تعددت الخيارات وكثرت الوسائل .. حينما كان هو الأمثل والأنفع والأرجى في تبليغ رسالة السماء .. فقد صبر على أذى المنافقين الذين تعرضوا له ولبيته وأهله والمسلمين .. (حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه).
·ويبث الحكمة لعمر رضي الله عنه بعد ذلك موضحاً ثمرة الصبر وفائدته .. وعاقبة التعجل وخطورته .. وكيف أن الحكمة تقتضى "فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي" .. (أرأيت يا عمر .. لو قتلته يوم أن قلت لي أقتله لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته).
·وصبر النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود ومؤامرتهم ودسائسهم .. حينما استدعى الموقف الصبر .. ولو لجأ حينها لخيار آخر لحدثت اضطرابات عرقية ودينية لا يحُمد عقباها .. وبهذا الخيار الإستراتيجي العظيم تحقق ـ ومازال ـ الكثير والكثير من النفع للمسلمين .. فالصبر يحول الضعف قوة .. والذل عزة .. والهزيمة نصراً .. والعجلة قرينة التهور وداعية إليه .. وقد تدعو إلى مخالفات شرعية تارة .. وإلى اليأس تارات وتارات.
·ولا تنس أن الزمن جزء من العلاج .. فإن ما نرجوه اليوم من إصلاح وخير قد يتحقق غداً .. وما يصعب الوصول إليه من آمال المسلمين اليوم قد يسهل الوصول إليه غداً.