·وفي دعوتنا .. نقدم الخطاب العلمي الموضوعي الذي لا يعارض الشرع ولا يجافي العقل والمنطق السليم .. لا نلج في هوة الحماس غير المرشد .. ولا ننزلق في مستنقع الفتور والقنوط الذي يضيع ثوابت الدين .. ويؤدى إلى تثبيط الهمم وتخذيل النفوس .. وإنما خطابنا خطاب علمي .. يتخذ من الشرع نبراساً .. يتسم بالموضوعية والعقلانية والإنصاف .. حماسه لا يخبو ولا تهور فيه .. وموضوعيته لا تنفد ولا تنازل فيها.
·رغم وجود المؤامرة .. لا نؤمن بنظرية المؤامرة .. وفي دعوتنا .. لا نؤمن بنظرية المؤامرة .. ولا نتبناها لا في تفسير الوقائع التاريخية .. ولا في تحليل الأحداث الجارية .. بل نسعى لإلغائها من الذهنية الإسلامية.
·فخطابنا يدرك بدقة موازين القوى في عالمنا .. ويفهم جيداً سنن الكون والحياة من حولنا .. نفهم أن العالم لا يخلو من التآمر والكيد والتخطيط .. دولاً وأمماً وجماعات .. وهذا أمر طبيعي .. فكل كيان يسعى لتحقيق مصالحه ونيل مآربه ولو على حساب الآخرين .. وهذا أمر بديهي في عالم الحياة والسياسة .. ولا يجهله أحد .. لكننا نؤمن أن هذا التآمر لا يمثل الإرادة الوحيدة التي تسير الكون وتحول مجرى الأحداث .. وتفسر كل ما يحدث في التاريخ.
·فالمؤامرة ليست هي التفسير الوحيد لجميع الأحداث .. وليست هي العامل الوحيد المتحكم في حركة الحياة .. إننا ندرك خطأ أن تجعل المؤامرة شماعة جاهزة يعلق عليها المسلمون عجزهم وقعودهم عن فك شفرة الكون من حولهم .. ويبررون بها تراجعهم الحضاري وضعف إرادتهم أمام عزم وإرادة الأعداء .. إننا نؤمن ونحن ندعوا إلى الله .. أن نظرية المؤامرة هي أسوأ نظرية تعوق العقل الإسلامي والعربي عن الانطلاق .. وتحد من قدرته على حل المشكلات .. فنظرية المؤامرة تعمل على إلغاء إرادتنا وكل إرادة في الكون سوى إرادة أعداء الإسلام وترى في العلاقات الدولية مجرد تأمر وليس تلاقى وتعارض مصالح تتطلب التخطيط لتحقيقها كما أن هذه النظرية تعول دائماً على العوامل الخارجية في تفسير كل مآسينا .. وتتجاهل أخطاءنا الإستراتيجية… .. بالرغم من أن كبوة أمتنا لا تكمنأساساً في قوة أعدائها بقدر ما هي كامنة في ضعفها .. وتراجع دورها نتيجة تخليها عن دينها وإسلامها.
·إن الفكر الإسلامي عموماً ـ والعربي خاصة ـ لن يستعيد عافيته ويسترد قواه إلا إذا تحرر من أسر نظرية المؤامرة وأدرك تمام الإدراك أن المؤامرات ـ وإن كانت موجودة وقائمة ـ ليست هي التي تغير الكون وتصوغ الأحداث وحدها .. ولكن إرادة الله أولاً ثم إرادة الشعوب والأمم القائمة أساساً علي تعارض المصالح هي التي تغير الكون وتصوغ الأحداث .. فمن كان ضعيف الهمة ساقط الإرادة فلا يتعجب إن سار الكون علي عكس مصالحه وهو يراوح في مكانه وأولي به وأجدر أن يلوم نفسه ويوبخها بدلاً من أن يلقي باللائمة علي شماعة المؤامرة.
·إننا ندرك مدى التعارض القائم بين نظرية المؤامرة وسنة التغيير الكونية … كما نؤمن إيماناً يقينيا بهذه السنة الكونية بشقيها الإيجابي والسلبي فنؤمن بأن الله تعالي لن ينقل قوماً من حال السعة إلى الضيق ومن العزة إلى الذل .. ومن التقدم والنهضة إلى التراجع والتخلف إلا بما جنت أيديهم وما كسبت أنفسهم جزاءً وفاقاً لتحولهم من طاعته إلى معصيته ومن موافقة سنته إلى مصادماتها وتجاهلها .. (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) كما نؤمن بأن سبيل العلاج من أدواء الأمة وعللها إنما يكون بوضع المسلمين أيديهم علي بداية الطريق الصحيح وهو تغيير ما في النفوس والنهوض بالواقع والأخذ بزمام المبادرة لاستعادةمجد الأمة التليد(إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد : 11].