ملف الفضائيات الدينية لا يزال مفتوحاً بقلم م/ محمد يحيى
مع أن السلطات المختصة أغلقت عدداً كبيراً من الفضائيات الإسلامية الدعوية إلا أن الملف لا يزال مفتوحاً .. وتداعيات هذا الحظر الإعلامي الموجه لن تنتهي في وقت قريب.
والإحساس بالظلم والمرارة عند جمهور المشاهدين لهذه القنوات ليس في صالح الوطن.. حتى وإن كان في نظر شرذمه من غلاة العلمانيين وأيتام عهود الظلام البائدة نصراً مؤزراً .. وفتحاً مبينا.. وخطوة كما قال بعضهم- متأخرة - في طريق التنوير والعقلانية والتطور .
وهذا لا يعني أن هذه القنوات مبرأة من الخطأ.. أو لها قدسية خاصة أو تحتكر الحق والحقيقة .. أو أنها سجنت الإسلام في (استوديوهاتها ) .
هذا غير وارد علي الإطلاق.. ولم يقل به أحد .. ولم يُفهم من كلام الدعاة المعتبرين الذين يظهرون علي الشاشات مع التسليم بوجود أخطاء مهنية أو تربوية .. وهذه طبيعة أي عمل بشري.
علي سبيل المثال :
إحدى القنوات كانت في وقت ما تقدم غلاماً صغيراً دون الخامسة عشر علي أنه ترجمان القرآن .. وهذا الوصف كبير وخطير من الناحية التربوية عندما يُطلق علي غلام في هذا السن.. حتى إذا افترضنا أنه نابغة ومتميز فلكل مقام مقال .. ولكل وقت آذان .. ولكل سن متطلباتها ووظيفتها.
وأنا متأكد أن أصحاب هذا القرار الخاطئ لهم منطقهم وحجتهم.. وسيأتون لك بألف دليل علي أن السن لا علاقة له بكذا وكذا .
والمشكلة عند هؤلاء ليست في الأدلة.. ولكن في كيفية التعامل معها وفهمها في إطار من الوعي العام الذي يراعي كل مصالح الإسلام .
وهناك أخطاء أخري لا تقل جسامة ولا خطورة عن الخطأ السابق .
ولكن – وهذا هو المهم – هل قرار الإغلاق والحذف من الفضاء الإعلامي الفسيح كان لهذه الأسباب ؟!!!!!!
بمعني أخر:
هل هو قرار سياسي.. أم قرار إداري مهني ؟
واعتقد دون أدني شك أنه قرار سياسي له طابع وشكل إداري.. يقف وراءه عدد لا بأس به من أصحاب النفوذ والمصالح وجماعات الضغط العلمانية المدعومة من الغرب.
وقد ترددت الدولة كثيراً في اتخاذه لوجود معارضة قوية له في الدوائر المختلفة .. وقد تكون الانتخابات البرلمانية عجلت باتخاذه خوفاً من استخدام تلك القنوات في الدعاية ولو بشكل غير مباشر لاتجاه سياسي معين.
أما القول بأن قرار الإغلاق كان لحماية عقول الناس من الخرافة والدجل والشعوذة.. فهذا الكلام لا يستحق التعليق.. لأن القنوات التي تبث هذه الترهات موجودة لم يمسسها أحد بسوء .. وهي لا علاقة لها بالدين .
والأشد من ذلك غرابة أن القرار كان لحماية الأخلاق والآداب العامة.
أما الشماعة الكبيرة التي يعلقون عليها كل هذه الإجراءات والإغلاقات هي حماية الوحدة الوطنية من التآكل والانهيار.
وهذا غير صحيح .. ولو كان هذا صحيحاً لأغلقوا تلك القنوات التي تلعن ليل نهار كل ما يمت الإسلام بصلة .. وتسب الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
ولقد استثني القرار قناة ترفع شعار مؤسسة دينية رسمية قال صاحبها لوسائل الإعلام بالحرف الواحد :
"إن التاريخ الإسلامي أكذوبة كبري .. وبناء الكنائس والمعابد واجب شرعي يأثم تاركه"
فالحكومة شطبت القنوات الفضائية.. والرجل شطب التاريخ الإسلامي كله.
و"طه حسين" منذ سبعين سنة .. ووضع خطوطاً حمراء تحت آيات من القرآن.. وقال : إن تكرار " فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " في سورة الرحمن فيه ملل .
والشيخ علي عبد الرزاق شطب الشريعة.
والرئيس التونسي السابق "الحبيب بورقيبة" شطب آيات المواريث .
والعقيد القذافي شطب كلمة "قل" من القرآن.
وسيد القمني يريد بناء كعبة في طور سيناء للحج والعمرة.
واللواء الشبلي مشفق علي المسلمين من الزحام في الحج .. فيريد أن يكون الحج طوال العام.
والمستشار البهنساوي شطب عذاب القبر من عقيدة المسلمين تماماً.
والكنيسة المصرية شلحت أحكام القضاء النهائية التي رأت أنها تمس عقيدتها.
و"نتن ياهو" شطب القدس والضفة الغربية واللاجئين والحدود من القضية الفلسطينية .. ويريد أن يتفاوض علي الباقي .
وقائمة الحذف والشطب والاستئصال طويلة ومريرة.. وقد تحول هذا الأسلوب إلي ثقافة عامة أحكمت قبضتها علي المجتمع بأسرة .
ومع ذلك تسمع البعض يتشدقون بالألفاظ الرنانة والعبارات المؤثرة حول التعايش وقبول الآخر وحرية الرأي والاختلاف والإيمان بالتعدد السياسي والفكري.. ويقولون لك بصوت متهدج ناعم :
" نحن ضد التطرف والإرهاب ونفي الآخر".
والله وحده يعلم أنه حق يُراد به باطل.. ولو صدقوا فيما يقولون لما وجدنا معتقلاً في السجون .. ولا حزباً ممنوعاً .. ولا فكراً مطارداً محظوراً .. ولا حاكماً عربيا ً يحكم مدي الحياة.. ولا انتخابات مزورة .. ولا مساجد مغلقة .. ولا بلاداً محتلة ولا ........ ولا ..... الخ .
وإذا ضعفت حجة القوم ولم يجدوا ما يبررون به إغلاقٍ قنوات فضائية محترمة جادة.. قالوا لك هذه القناة تطرح إسلاماً وهابياً شديداً.
نحن نريد إسلاماً علي الطريقة الماليزية أو التركية .. ويا حبذا لو كان علي الطريقة المغربية أو التونسية "وهو كله إسلام وخلاص".
قلت سبحان الله " إن هذا لشيء عجاب" ما أنزل الله به من سلطان.. والإسلام برئ من هذه الهرطقة والابتزاز.
الجمعة الموافق
20-12-1431هـ
26-11-2010م
الإسم | محمد صفوت سعودي كيلاني |
عنوان التعليق | حسن الطالع |
ان من حسن طالعي اليوم انني اول ما اقدمت علي تصفحي لموقعنا هذا وقعت عيناي علي مقالة الاخ الحبيب المهندس محمد يحيي حيث انني من عشاق كتاباته لما فيها من رؤي ثاقبة في تفنيده للواقع ولعل اخطر ما وقعت فيه القنوات الفضائيه الاسلاميه هو نسيانها او تناسيها انها في بلاد تتخذ من العلنانية دينا ومن الديمقراطية منهجا وكليهما لايقبل ان يكون للاسلام سيادة وريادة ليت الفضائيات بل والحركه الاسلاميه في بلادنا تتعلم كيفية التعامل مع تلك الانظمه فقد كان من الواجب ان تفطن تلك الفضائيات ان قرار الاغلاق عاجلا او اجلا سوف يلحقها بعد سيل الفتاوي التي التي اعتبرتها الانظمه الحاكمه انها تضر بها علي كل حال فهذا حال الحركات الاسلاميه والانظمه شكرا جزيلا شيخنا الفاضل علي هذا الطرح الجميل الهادف |
الإسم | محمد عمر |
عنوان التعليق | إلي الأخ محمد صفوت سعودي |
شفاك الله وعافاك والحمد لله علي سلامتك وعود حميد إن شاء الله .. تحياتي للجميع وسلامي لمحمد الصغير |
عودة الى وراء الأحداث
|