الدعاة والاختيارات الفقهية بين الحكمة والتعسير ..جريدة الرحمة بقلم د/ ناجح إبراهيم
علي الدعاة والعلماء أن يأخذوا من أقوال أئمة السلف العظام ما يناسب واقعهم ومجتمعهم الذي يعيشون فيه .. وأن يتركوا الأقوال التي لا تناسب مجتمعهم ولا تتفق مع الواقع أو تعسر علي الناس أو توقعهم في الحرج دون داع.. سوى أنه تعلم هذا الرأي ودرج عليه منذ صغره .. والاختيار الأمثل من أقوال العلماء والفقهاء للواقع الذي يعيشه الداعية والعالم يدل على فطنته وحكمته وحسن جمعه بين واجب الشرع ومتطلبات الواقع والحياة .
فالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كان يحرم اقتناء الكلاب للحراسة .. فلما مات وتغيرت أحوال بغداد وقل فيها الأمان وكثرت فيها السرقات اقتني تلميذه كلبا .
فقالوا له: كيف تقتني كلبا ً وشيخك ابن حنبل كان يحرم ذلك.
فقال لهم: لو عاد ابن حنبل للحياة اليوم لاقتني أسدا ً ضاريا ً وليس كلباً .
وهذا الشافعي الفقيه العظيم كان يحرم الدفن فوق الأرض .. حينما كان في الحجاز.. لأن التربة صلبة ولا تتخللها المياه وتتميز بالجفاف .
فلما جاء إلي مصر وجد تربتها زراعية رخوة تغوص فيها الجثث.. فأباح الدفن فوق الأرض حني لا تغوص في قاع الأرض الزراعية .
إننا اليوم لو أتينا ألي الفلاح البسيط الذي يزرع ثلاثة أفدنه من القمح وقلنا له عليك زكاة رغم أنه لا يربح كثيرا ً من زراعة القمح .
وقلنا للذي يزرع الورود ويصدرها لفرنسا ويكسب آلاف الدولارات ليس عليك زكاة لأن جمهور الفقهاء قال بذلك .
أو قلنا للذي يزرع النباتات الطبية ويصدرها للخارج فيكسب الفدان الواحد أكثر من عشرة ألاف دولار ليس عليك زكاة .
أو قلنا للذين يزرعون الفاكهة والخضر ليس عليكم زكاة.. لأن جمهور الفقهاء لا يري ذلك .
حينئذ سيشعر الذين يزرعون القمح أو الذرة أو الشعير بأن الشريعة لم تنصفهم .. وهذا شعور كاذب .
ولكننا لو قلنا لهؤلاء الذين يكسبون آلاف الدولارات من زراعة الخضر أو الفاكهة أو النباتات الطبية أو الورود والنباتات العطرية عليكم زكاة مثل غيركم عملا ً بقول الإمام العظيم أبى حنيفة النعمان الذي يري أن كل ما خرج من الأرض فعليه زكاة مستدلا ً بقوله تعالى "وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ" .
وأن الرسول (صلى الله علية وسلم) لم يذكر هذه الأنواع في عصره إما لصعوبة جمعها وتخزينها مثل الخضر والفاكهة.. وإما لأنها لم تكن شائعة وقتها أو شائع بيعها والاستفادة التجارية منها مثل النباتات الطبية والعطرية والورود .
كما أن مكة والمدينة لم تكن بها فاكهة شائعة سوي التمر .. ولذلك ورد اسمها في أصناف الزكاة ويمكن أن يقاس عليها غيرها من الفاكهة .
عن الاختيار الفقهي المناسب لواقع الناس والمجتمعات المختلفة هو من الحكمة التي قال الله عنها " وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً", رزقنا الله الحكمة والعمل بها.
الثلاثاء الموافق
27-4-1433هـ
20-3-2012
الإسم | محمد عبدالله الحسني الفاطمي الأنصاري . |
عنوان التعليق | ذكرتني بعبدالله بن عباس رضى الله عنه . |
سمعت الشيخ يوسف القرضاوي قال جاء رجل لابن عباس رضى الله عنه فقال له هل للقاتل من توبة فقال له لا فسألوا ابن عباس لماذا قلت للرجل ذلك قال رأيت في عينه أنه يريد أن يقتل أي (رأى في نفسه أنه يريد أن يقتل
) . جزاك الله خير . |
الإسم | سلامه حسنى عمر |
عنوان التعليق | جزاك الله كل خير |
جزاك الله كل خير يا ليت يستطيع كل الدعاه أن يرو ما تراه من بصيره وتجدد وملائمة ديننا لكل زمان ومكان ويتفكرو ,ان يعملو العقل فيما يجب أن يعمل فيه العقل جزاك الله عنا كل خير محبك فى الله سلامه |
عودة الى دروس في الدعوة
|