دياب: كنت أزحف على السلم يوميًا لكي أذهب إلى المدرسة حاوره/ إجلال راضى
كان نابليون بونابرت يرد بثلاث على ثلاث من قال لا أقدر قال له حاول، ومن قال لا أعرف قال له تعلم.. ومن قال مستحيل قال له جرب، وقيل لنابليون يوما ما أن جبال الألب شاهقة تمنع تقدمك، فقال يجب أن تزول كلمة مستحيل من الأرض، فهي لا توجد إلا في قواميس المجانين.
هذا ما فعله أيمن دياب حيث حاول وتعلم وألغى من حياته كلمة مستحيل، ولم تمنعه أصابته بضمور في عضلات الأطراف الأربعة منذ مولده من الدراسة والعمل، حيث اختار مجالا جديدا يناسب ظروفه الصحية وهو التسويق الإلكتروني.
يقول أيمن دياب 41 عاما:
منذ ولادتي وأنا لا أستطيع الحركة وقبل أن أكمل عامي الثالث شخص الأطباء حالتي على أنها شلل أطفال رباعي، وأجريت خمسة عمليات ولكن لأن التشخيص كان خطأ ساءت حالتي الصحية، ورغم ذلك التحقت بالمدرسة وطوال المرحلة الابتدائية كانت أمي تحملني على كتفها إلى المدرسة، وفى المرحلة الإعدادية كنت أستخدم جهاز، ولكن في المرحلة الثانوية لم أعد أتمكن من أستخدمه نظرا لتدهور حالتي، فكان ذهابي إلى المدرسة كل يوم مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معاني، لأني كنت أسكن مع أسرتي في شقة في الدور الثالث، وكل يوم أقوم بزحف السلم بملابس قديمة، وعندما أنزل في المدخل أفترش الأرض بسجادة وأقوم بتبديل ملابسي، وأذهب مع زملائي إلى المدرسة، وأنا على كرسي متحرك، وأستمر الحال هكذا إلى أن التحقت بكلية الحقوق جامعة القاهرة، واستمرت المعاناة حيث أنتظر أحد زملائي لأذهب معه، وكذلك أثناء العودة مما كان يجعلني في أحيان كثيرة أنتظر وقتا طويلا بعد انتهاء محاضراتي في انتظار أحد الزملاء، وفى إحدى المرات تعرضت لموقف كان من أصعب المواقف التي شهادتها في حياتي، حيث أضطر زميلي إلى الانصراف بمفرده لظروف طارئة فانتظرت زميلا آخر، ولكنه في منتصف الطريق ونحن داخل مترو الأنفاق تركني بمفردي، وبكيت لأني اضطررت إلى طلب المساعدة من أحد الركاب، ولكن هذا الموقف جعلني أتغير ولا أخجل من طلب مساعدة الآخرين.
البحث عن وظيفة
وعن حياته بعد التخرج وبحثه عن وظيفة يقول: بعد حصولي على ليسانس الحقوق فكرت كيف أجد وظيفة تتناسب مع ظروفي الصحية، وبعد بحث وتفكير وجدت أن مجال التسويق الإلكتروني مناسب لذوى الإعاقة، وشاركت في دورة لتعلم فنون التسويق الإلكتروني وكانت عبر الإنترنت، وبعد الانتهاء منها تم إعادتها مرة أخرى فشاركت فيها أيضا، وبعد ذلك طلب منى المدرب أن أقوم بتعليم مجموعة من ذوى الإعاقة فنون التسويق الإلكتروني وإدارة منتديات، وبالفعل قمت بذلك، بعدها وجدت فرصة عمل وأصبحت مسئول عن إدارة العديد من المنتديات وكذلك أتعامل مع شركات خاصة بالتسوق الإلكتروني، وأيضا في فترة من الفترات كنت أبيع تحف رخام، كما عملت على ماكينة خياطة.
عقبات الزواج
عندما أختار شريكة حياته وقرر أن يتزوجها واجه صعوبات لم يكن يتخيلها وكان زواجه أمرا شبة مستحيل وعن التفاصيل يقول أيمن: اخترت فتاة ليست معاقة ووافقت على الزواج منى، ولكن العقبة كانت في أسرتها التي رأت الموضوع مستحيلا لكوني معاقا، وهذا من وجهة نظرهم يجعلني غير قادر على بناء أسرة وتحمل مسئولياتها، وبعد أحداث كثيرة أقتنع والد العروس، وقام بإتمام زواجنا دون علم والدة العروس، وعندما عرفت حاولت بشتى الطرق أن تجعلنا ننفصل ولكن في النهاية استسلمت للأمر الواقع، ومع الوقت أحبتني بشدة.
وأعجبت بعزيمتي القوية، وأصبحت مثل والدتي، وعندما فكرنا في الإنجاب، قمت بإجراء بعض الفحوصات الطبية حتى أعرف هل مرضى وراثي ويحتمل أن ينتقل إلى الأبناء، وهنا كانت المفاجأة، حيث عرفت للمرة الأولى أنى مصاب بضمور في عضلات الأطراف الأربعة،؟
وكان لأسباب وراثة وجينات، وهو مرض يظهر بنسبة 1 إلى 2000 شخص، وليس شلل أطفال، ورغم ذلك رزقني الله بفتاتين، الكبرى تبلغ عشرة أعوام والصغرى لم تكمل عامها الثالث.
أحلام
في نهاية الحوار قال أيمن: أحلم بأن يضع المسئولون ذوى الإعاقة في الاعتبار، فأنا لا أستطيع أن أنسى مؤتمرا لنا لم يحضره كبار المسئولين نظرا لإقامة مباراة كرة قدم في نفس التوقيت.. لذلك أشعر دائما أن ذوى الإعاقة كم مهمل بالنسبة للمسئولين.
كما أنني أتمنى أن يأتي اليوم الذي أذهب لقضاء مشوار مهم دون عذاب في المواصلات فالأتوبيس لا يقف لذوى الإعاقة.. وكذلك التاكسي والميكروباص، وعندما يقف أدفع أجرة شخصين لي وللكرسي.
فهل هذه أحلام مستحيلة؟.
الخميس الموافق:
6- ربيع الثاني 1435هـ
6-2-2014م
عودة الى قصة نجاح
|